فوقف برهة يتردد بين أن يسير متلمسا أو يرجع فيأتي بسعيد. ثم رأى أن يتحقق المجتمع قبلا ثم يعود فخطا بضع خطوات وهو لا يرى شيئا أمامه فلطم رأسه بالسقف فحنا ظهره وداهمه العطاس لرطوبة الهواء فعطس عطسة فدوى لها المكان وما شعر إلا وقد ظهر نور ضعيف وتقدم بضعة رجال كلهم ملثمون وعليهم أردية سوداء تزيدهم وحشة فقبضوا عليه وهو لا يبدي حراكا. ونزلوا به في ذلك الدهليز إلى قاعة تحت الأرض واسعة وكل جدرانها وسقفها مغطاة بنسيج أسود مما يجعل المنظر رهيبا ولولا شمعات مضيئة في بعض جوانب المكان لكانت الظلمة لا تطاق لكثافتها. ونظر عبد الله إلى ما حوله فرأى في وسط القاعة دكة مغطاة بملاءة سوداء لم يدر ما تحتها ولكنه لم يستطع التأمل وقد أحدق به بضعة عشر رجلا التحفوا العبي تحتها السيوف وكلهم ملثمون. فخاطبه واحد منهم يسأله عما يريده.
فقال: إني جئت أشارككم في ما أنتم فيه.
قال: وما أدراك ما نحن فيه؟
قال: علمت أنكم تدعون الناس إلى نصرة الإمام علي أليس ذلك ما تدعون إليه.
قال: وما شأنك وذلك؟
قال: شأني هو شأنكم. لا تسيئوا الظن بي إني قادم من الكوفة لهذه الغاية.
فقال له رجل آخر: كيف تكون أمويا وتدعي نصرة الإمام علي.
فاشتبه عبد الله بصوت مخاطبه أنه صوت صديقه الغفاري الذي نزل عنده في ذلك الصباح.
فقال له: ألست أنت صديقي الغفاري. اصدقني ولا نخف إني والله جئتكم بخبر هام إذا أشركتموني في أمركم أطلعكم عليه وتحققتم صدق قولي.
فقال الغفاري: إذا كنت صادقا في ما تقول تعال معي. ومشى فتبعه إلى الدكة في وسط القاعة ورفع الملاءة السوداء فإذا هناك مصحف فوقه سيف مسلول وقال له ضع يدك على هذا السيف وأقسم بالله أنك حليف للإمام علي تنصر نصيره وتحارب عدوه.
Shafi da ba'a sani ba