صلى الله عليه وسلم ) في مكة فعول على الهجرة كيف أن عليا أقام مقامه في منزله فتسجى ببرده وبات على فراشه وعرض نفسه لخطر القتل ونجاه الله. ناهيك عن حروبه في الغزوات والسرايا فقد شهد معظم المواقع وأشهرها وبذل نفسه في الذب عن الإسلام يوم كان معاوية ووالده وإخوته في مكة من ألد أعداء الإسلام ولم يسلموا إلا بعد فتح مكة أي بعد قنوطهم من النصر».
3
الفصل الرابع عشر
علي والخلافة
وكان أبو رحاب يتكلم والعرق يتصبب عن جبينه كأنه يعمل عملا شاقا يجهد نفسه فيه وسعيد صامت مطرق لا يزال في دهشته واستغرابه حتى كاد يغيب عن صوابه. ولم يجسر على كلام. وطال سكوت جده فهم باستفهامه فرآه يتحفز للكلام فسكت وأصغى فقال أبو رحاب «أراك دهشت لما سمعته كأنك لم تعلمه قبلا ولا ألومك إذا علمته وتجاهلته فإني أكبر منك سنا وأعلم منك في هذه الشؤون وقد أعماني الغرض. وكأنني بعد ذاك الهاتف قد فتحت عيناي وصرت انظر إلى الحقيقة كما هي ....» «نعم إن عليا أولى منهم جميعا بالخلافة والرسول (
صلى الله عليه وسلم ) فضله عليهم جميعا وآخاه دون سواه فقال له على مسمع من الصحابة (أنت أخي في الدنيا والآخرة) وخاطبه مرة وقال: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر) ولقد تستغرب ما سأتلوه عليك وتعجب كيف لم يتول الخلافة قبل الآن كيف لا وهو قول الرسول: (إن عليا مني وأنا من علي وهو ولي كل مؤمن بعدي) وقوله (
صلى الله عليه وسلم ) (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وإل من والاه وعاد من عاداه)
1
فمن يعلم ذلك ويعجب لخلافته بل كيف لا يعجب لتقاعده عن الخلافة إلى الآن».
وكان سعيد لا يزال مطرقا وقد تغيرت سحنته وتولته الدهشة حتى ظن نفسه في منام وندم على مجيئه لأنه أصبح بعد سماع ذلك الكلام حجرا بين مطرقتين لا يدري أيقوم بعهده لقطام التي ملكت لبه أن يعمل بوصية جده وهو في آخر أيام الدنيا. فظل صامتا لا يبدي حراكا. وأدرك جده تلبكه ولكنه تجاهل عما يجول في خاطره وعمد إلى إتمام الحديث فقال: «فترى يا ولدي أن عليا أولى بالخلافة من سائر الصحابة بالنظر إلى قاربته وصهره ووصية الرسول له ولكنه يمتاز عن سائر الناس بفضائل تكفي وحدها لتوليه أمور المسلمين لا أرى في معاوية وأصحابه شيئا منها. إن عليا رجل منقشف زاهد في الدنيا رأيته مرة أنزل سيفه للسوق فباعه فسئل لماذا فعل ذلك فقال: (لو كان عندي أربعة دراهم ثمن آزار لم أبعه) ويكفي قوله في وصف المؤمنين (ومن سيماهم أن يكونوا خمص لبطون من الطوى يبس الشفاه من الظمأ عمش العيون من البكا) ولو فتشت بيته اليوم ما وجدت فيه لا صفراء ولا بيضاء. وقد قضى عمره في عز الإسلام وفتح الفتوحات ولم يلبس ثوبا جديدا ولا اقتنى ضيعة ولا ريعا
Shafi da ba'a sani ba