Rahman da Shaytan
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
Nau'ikan
ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين * وما كان له عليهم من سلطان (سبأ: 20-21).
وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم (إبراهيم: 22).
وإننا لواجدون في مؤدى قول الشيطان أعلاه :
وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم
خلاصة مفهوم الخير والشر في المعتقد القرآني. فهذان النازعان موجودان في النفس الإنسانية ولا يأتيانها من خارجها:
ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها (الشمس: 7-10). أمام هذه المحنة الكبرى يقف الإنسان بكل عزة وكرامة تليق بخليقة الله على الأرض، ليكافح الشر في نفسه وفي خارجها، ويسير بالتاريخ نحو غاية سامية، والخروج به من عالم المتناقضات إلى عالم الخير الكامل.
هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره (فاطر: 39). لقد قبل الإنسان ما وهبه الله من وعي ومن حرية وتحمل مسئولية هذه الهبة، وما عليه سوى السير في درب التاريخ الشاق ليثبت أهليته لعطية ربه:
إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا (الأحزاب: 72). أي ظالما لنفسه بقبوله هبة الله، جاهلا بعواقب موقفه البطولي هذا. لقد رفض الإنسان أو يكون جمادا، أو حيوانا مشترطا بغرائزه، أو ملاكا مسيرا لا إرادة له، وفضل ما تسبغه عليه الحرية من تميز على جميع خلق الله، وما تعطيه هذه الحرية من مغزى ومعنى لحياته، فكان عليه أن يتحمل كل وطأة وجور التاريخ، قبل أن يحقق انتصارا بعيدا ولكنه مؤكد بعون الله وعطفه.
بعد أن ابتلى الله الإنسان بالخير والشر، وقبل الإنسان أمانة الوعي الحر والمسئول، لم يكن الله ليقف موقف الحياد تجاه خلقه، فهو الخير المحض، وهو الذي يحفظ خلقه المؤمن من شرور إبليس:
فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين (يوسف: 64). وتتجلى رحمة الله ولطفه بعباده في عونه لهم ومدهم بالقوة أمام إغواء الشيطان، وتزيين الخير لهم:
Shafi da ba'a sani ba