Rahman da Shaytan
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
Nau'ikan
وقد تم ربط الأخلاق بالدين تدريجيا، عندما أخذ الفكر الإنساني ينظر إلى الكون باعتباره وحدة مترابطة متكاملة، يسودها نظام دقيق يجمع الأجزاء إلى بعضها في توازن محكم، ويرى وراء هذا الكون قدرة إلهية واحدة غير مجزأة، وتجلت هذه الرؤية بأوضح أشكالها مع ظهور المعتقد التوحيدي الذي لا يرى في الوجود سوى الله من جهة والعالم من جهة أخرى، ويعزو إلى الله كل الكمالات التي تنتهي جميعا إلى كمال الخير. فهو الخير المحض الذي يتجلى على كل مستوى طبيعاني وبيولوجي واجتماعي، وما إن وصل الفكر الديني إلى هذه النقطة، حتى تحول بشكل أوتوماتيكي إلى مفهوم الشيطان الكوني الذي يمثل الشر على جميع المستويات، ويناط به كل خلل في نظام الطبيعة ونظام المجتمع وبنية النفوس الواعية. ولقد أدى ظهور فكرة الشيطان في المعتقد الديني إلى تكوين المفهوم الدينامي للتاريخ، فالشيطان هو الخلل، والخلل ينبغي تصحيحه دون الإخلال بمبدأ الحرية الذي قاد إلى ظهوره، ويتم التصحيح عبر جدلية تاريخية تقوم على صراع الخير والشر، وتنتهي بانتصار الأول وهزيمة الثاني، ومع زوال الشيطان ينتهي التاريخ لأنه لا وجود لتاريخ بلا صراع وبلا تناقض وأضداد.
سوف نكرس ما تبقى من هذا البحث لدراسة نماذج التاريخ الدينامي الرئيسية. وبما أن فكرة الشيطان، كمبدأ شمولي، قد بدأت بشكلها الجنيني في الديانة المصرية القديمة، من دون أن تصل بها إلى غايتها وتضعها في إطار أيديولوجي متسق ومتكامل، فإن أول ما سنبدأ به في فصلنا القادم هو تلمس بذور فكرة الشيطان والثنوية الكونية في مصر القديمة. (6-3) مراجع المادة المعلوماتية عن الهندوسية (1)
R. C. Zaehner, Hinduism, Oxford 1984. (2)
H. Zimmer, Myths and Symbols in Indian Art and Civilization, Princeton 1974. (3)
J. B. Noss, Man’s Religions, McMillan, London. 1969, ch. 2. (4)
ألبير شويتزر، فكر الهند، ترجمه عن الفرنسية يوسف شلب الشام، دار طلاس 1994. (6-4) مراجع الزرادشتية
انظرها في آخر الفصل المخصص للزرادشتية لاحقا.
الفصل الثالث
فكرة الشيطان في الديانة المصرية وبذور
الثنوية الكونية
Shafi da ba'a sani ba