Matafiya Musulmi a Karni na Tsakiya
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
Nau'ikan
ومما ذكره أبو زيد حسن، في الذيل الذي وضعه لرحلة سليمان، أن السفن القادمة من سيراف متجهة إلى البحر الأحمر كانت إذا وصلت جدة أقامت بها، ونقل ما فيها من السلع إلى مراكب خاصة تحمله إلى مصر، وتسمى مراكب القلزم؛ وذلك لأن المراكب الأخرى كانت لا تستطيع الملاحة في شمالي البحر الأحمر.
وأتى أبو زيد بكثير من أخبار الهند وسائر الأقاليم المطلة على المحيطين الهندي والهادي، وتحدث عن العنبر واللؤلؤ والمسك ومصادرها. وأشار إلى قلة الاتصال بالصين بعد رحلات سليمان وذلك بسبب قيام ثورات فيها.
ابن فضلان
هو أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد. كان مولى لأحد الخلفاء العباسيين وللقائد محمد بن سليمان، الذي أفلح في هزم الدولة الطولونية وإعادة مصر إلى حظيرة الخلافة سنة (292ه/905م). ولسنا نعرف من سيرة ابن فضلان شيئا كثيرا. والذي لا نشك فيه أنه قام سنة (309ه/921م) برحلة إلى بلاد البلغار. وهم الشعب الذي أسس في بداءة العصور الوسطى دولتين: أقدمهما في حوض الفولجا الأوسط (أو نهر أتل كما تسميه المصادر العربية)، والأخرى في حوض الطونة. والأولى هي التي زارها ابن فضلان وانتشر فيها الإسلام. وتطلق كلمة بلغار على الشعب وعلى البلاد، وعلى عاصمتها، التي كانت تقع شرقي نهر الفولجا، والتي لا يزال بعض أطلالها قائما على مقربة من مدينة قازان الحالية وعلى نحو ستة كيلومترات من شاطئ الفولجا الأيسر، وحيث الدرجة خمس وخمسون من العرض الشمالي وست وستون من الطول الشرقي. ولسنا نعرف على وجه التحقيق متى اعتنق البلغار الإسلام. فابن رسته الذي ألف كتابه «الأعلاق النفسية» حول سنة (291ه/903م) ذكر فيه أن «أكثرهم ينتحلون دين الإسلام، وفي محالهم مساجد ومكاتب ولهم مؤذنون وأئمة ... وملابسهم شبيهة بملابس المسلمين، ولهم مقابر مثل مقابر المسلمين». أما رحلة ابن فضلان فيبدو منها أنهم لم يدخلوا في الإسلام إلا قبيل زيارة هذا الرحالة.
والحق أن لهذه الرحلة شأنا خاصا؛ لأن ابن فضلان كان في بعثة أرسلها الخليفة العباسي المقتدر بالله إلى ملك البلغار، بعد أن أسلم وكتب إلى الخليفة يسأله «أن يبعث إليه من يفقهه في الدين، ويعرفه شرائع الإسلام ويبني له مسجدا، وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة في جميع بلده وأقطار ملكته، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له». وقد أجابه الخليفة إلى طلبه. وأرسل إليه هذه السفارة، التي كان ابن فضلان الخبير الديني فيها، والتي كان على رأسها مندوب من الخليفة لبحث الأمور السياسية والحربية. وغادر المندوبون بغداد في (11 من صفر سنة 309ه/21 من يونية سنة 921م)، متجهين إلى بخارى فخوارزم فبلاد البلغار، حيث وصلوا في (12 من محرم سنة 310ه/12 من مايو سنة 922م).
ورسالة ابن فضلان في وصف هذه الرحلة نقل عنها المؤلفون المسلمون، منذ القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) كالإصطخري والمسعودي. ثم نقل ياقوت الحموي أجزاء كبيرة منها فيما كتبه عن مادة «أتل» و«باشغرد» و«بلغار» و«خزر» و«خوارزم». وقد نشرت هذه الرسالة لأول مرة بعناية المستشرق فرهن
Fraehn
في سنت بطرسبورج سنة (1823) ومعها مقتطفات أخرى مما كتبه المسلمون عن الروس.
1
وحديثا أفاد منها المستشرق الروسي برتولد في المقال الذي كتبه عن «البلغار» في دائرة المعارف الإسلامية، ثم الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عزام في مقالين حديثين عن البلغار المسلمين. وقد عثر العالم التركي أحمد زكي الوليدي منذ عشرة أعوام على مخطوط من رحلة ابن فضلان أو في مادته من المقتبسات المعروفة وله مقدمة وصف فيها رحلته عبر فارس وبخارى وخوارزم في طريقه إلى بلاد البلغار، كما أنه يحتوي على كثير من الزيادات والتفصيلات.
Shafi da ba'a sani ba