وَقَدْ وَجَدْنَا مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ مَنْ صَارُوا إلَى الْقَوْلِ بِأَشْيَاءَ مُتَمَسَّكُهُمْ فِيهَا عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُخَالِفِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُمْ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ.
لَكِنْ لَا يُمْكِنُ الْعَالِمُ أَنْ يَبْتَدِئَ قَوْلًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَائِلًا؛ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا خِلَافَهُ، حَتَّى إنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُعَلِّقُ الْقَوْلَ فَيَقُولُ: ﴿إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ إجْمَاعٌ فَهُوَ أَحَقُّ مَا يَتْبَعُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا﴾ .
وَذَلِكَ مِثْلُ مَنْ يَقُولُ: ﴿لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَجَازَ شَهَادَةَ الْعَبْدِ.﴾ وَقَبُولُهَا مَحْفُوظٌ عَنْ عَلِيٍّ وَأَنَسٍ وشريح وَغَيْرِهِمْ.
وَيَقُولُ آخر: ﴿أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ لَا يَرِثُ﴾، وَتَوْرِيثُهُ مَحْفُوظٌ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ-﵄، وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ (١) .
وَيَقُولُ آخَرُ: ﴿لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي الصَّلَاةِ﴾، وَإِيجَابُهَا مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (٢) .
_________
(١) عن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ قال: (المكاتب يعتق بقدر ما أدى، ويقام عليه الحد بقدر ما عُتق منه؛ ويورث بقدر ما عتق منه) رواه النسائي وأبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن.
(٢) وقد قال به الإمام الشافعي ﵁ وغيره من العلماء. وانظر تحقيق ذلك في كتاب "جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام ﵊" لابن القيم ﵀.
1 / 32