قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ طَرِيقٍ آخَرَ، سَوَاءٌ كَانَ الصَّوَابُ مَعَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ مَعَهُمَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: ﴿كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ﴾ .
وَلِذَلِكَ أَسْبَابٌ:
مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ يَعْتَقِدُهُ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا؛ وَيَعْتَقِدُهُ الْآخَرُ ثِقَةً. وَمَعْرِفَةُ الرِّجَالِ عِلْمٌ وَاسِعٌ.
ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الْمُصِيبُ مَنْ يَعْتَقِدُ ضَعْفَهُ؛ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى سَبَبٍ جَارِحٍ، وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ مَعَ الْآخَرِ لِمَعْرِفَتِهِ أَنَّ ذَلِكَ السَّبَبَ غَيْرُ جَارِحٍ؛ إمَّا لِأَنَّ جِنْسَهُ غَيْرُ جَارِحٍ؛ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْجَرْحَ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ.
وَلِلْعُلَمَاءِ بِالرِّجَالِ وَأَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ، مِثْلُ مَا لِغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِر أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عُلُومِهِمْ.
وَمِنْهَا: أن لا يَعْتَقِدَ أَنَّ الْمُحَدِّثَ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ، وَغَيْرُهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ سَمِعَهُ لِأَسْبَابِ تُوجِبُ ذَلِكَ مَعْرُوفَةٍ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَدِّثِ حَالَانِ: حَالُ اسْتِقَامَةٍ، وَحَالُ اضْطِرَابٍ. مِثْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ، أَوْ تَحْتَرِقَ كُتُبُهُ، فَمَا حَدَّثَ بِهِ فِي حَالِ الِاسْتِقَامَةِ صَحِيحٌ، وَمَا حَدَّثَ بِهِ فِي حَالِ الِاضْطِرَابِ ضَعِيفٌ، فَلَا يُدْرَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ مِن
1 / 20