Radd Jamil
الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل - ط العصرية
Nau'ikan
قال سيبويه «3» شبه «4» ترتب المأمور على صيغة لفظ الأمر في العرف، بترتب «5» المقدور على تأثير القدرة فيه، إذ أهل العرف يقضون على أن من أمر شخصا بالقيام، فأوجده عند أمره؛ أن قيامه مسبب عن صيغة الأمر، وأن لفظ الأمر سبب لقيامه، وهو في الحقيقة مسبب/ عن الإرادة التي دلت صيغة الأمر عليها. يدل على ذلك: أن السيد إذا أمر عبده أن يفعل فعلا، وعلم العبد أن السيد لا يريد منه فعل ما أمره به، فإذا فعله العبد عد مخالفا للسيد ملوما من جهته. فإذا للمأمور سببان:
أحدهما: حقيقي؛ وهو الإرادة، وهو السبب البعيد.
والثاني: صيغة الأمر في العرف الدالة على الإرادة.
فتعود حينئذ القاعدة نفسها في إحالة الحكم على السبب القريب، فقد ثبت حينئذ بما ذكرناه؛ أن أهل/ العرف يعدون الكلمة المأمور بها سببا، ويحيلون الحكم عليها، ويجعلون ما يقع بعدها مسببا عنها، وإن كان له أسباب حقيقية أبعد منها، وذلك عين ما بيناه أولا.
وإنما تعلق مورد هذا الإشكال بصناعة عربية، وقد أمكن رد ذلك إلى قواعدها، فحينئذ يسقط الإشكال يقينا، ويسقط خيال من ظن أن قراءة ابن عامر فيما تتمحص الفاء فيه جوابا، عسرة الرد إلى الأصول العربية وقواعدها، كقوله عز وجل سبحانه: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون «1».
ونظائر ذلك مما انفرد بقراءته/ منصوبا، بل القراء محجوجون من جهته، بقوله: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب «2». ولا وجه لإجماعهم على النصب، وجعل الفاء جوابا إلا إحالة على وجود صيغة الاستفهام فقط، من غير نظر إلى معناها، كما تقدم. وبهذا التقدير والإلزام لا يتجه على ابن عامر إشكال البتة. فليتأمل الناظر حسن هذا الإعراب والإغراب، معظما هذه الشريعة المحمدية المؤيدة بأفصح الأنبياء لهجة، وأصدقهم حجة.
إذا نطقت جاءت بكل غريب ... وإن سكتت/ جاءت بكل غريب
وليعجب من طائفة تتمسك بمثل هذا النص الواضح فهمه وتأويله!
Shafi 95