غير هذا الموضع (^١). والمقصودُ هنا التنبيه على ما يناسب هذا الكلام.
[م ٤١] الوجه الرابع: قوله: (كيف وقد أمرْتَنا أن نُحْسِن إلى من أساء إلينا، فأنت أولى بذلك منا) (^٢).
فهذا أيضًا منكر، ليس كلّ ما أمر الله به العباد يجوز أن يُطْلَب منه، فضلًا عن أن يقال: أنت أولى منا بفعل ما أمرتنا به، أو أنت أولى بفعل نظيره!! فإن الله أمر بالركوع والسجود والصيام والطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، ونحو ذلك من الأفعال، ولا يُقال: أنت أولى بذلك منا، والله أمرنا أن ندعوه تضرُّعًا وخُفْيةً، وليس هو أولى بذلك منا. ونظائر هذا كثيرة.
ولكنَّ الدعاء المشروع في مثل هذا قوله ﷺ لعائشة: «قُولي: اللهم إنك عَفُوٌّ تُحبُّ العَفْوَ فاعْفُ عنَّا» (^٣) فيُطْلَب منه ما يحبه.
(^١) انظر «الفتاوى»: (٢/ ٢١٣)، (٨/ ٣٩٩).
(^٢) «حزب البر»: (ق ٥ أ).
(^٣) أخرجه أحمد (٢٥٣٨٤)، والترمذي (٣٥١٣)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٦٥)، وابن ماجه (٣٨٥٠)، والحاكم: (١/ ٥٣٠) من طرق عن كهمس عن عبد الله بن بريدة عن عائشة به.
قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ولم يتعقبه الذهبي، وفيه نظر. وصححه النووي في «الأذكار» (ص ٢٧٧)، وابن القيم في «أعلام الموقعين»: (٥/ ٢٥٨)، وهذا الطريق هو أحسن طرقه. وقد تكلم في سماع ابن بريدة من عائشة الدارقطنيُّ والبيهقي، وفي الحديث اختلاف على بعض رواته. انظر «العلل»: (١٥/ ٨٨ - ٨٩) للدارقطني، و«الفتوحات الربانية»: (٤/ ٣٤٦) لابن علان.