واعلم أن الرضى بالفعل، هو غير الرضى عن الفاعل، وإنما يرضى عن الفاعل إذا أتى كمال مراده منه، ولأن العبد قد يرضي الله في جميع أفعاله، ويسخطه في وجه، يبين ذلك أن الصغيرة الواقعة من الأنبياء عليهم السلام مسخطة لله، وإن كان سائر أفعالهم مرضية له. ويبين(1) ذلك أيضا أن الواحد منا قد يكون مرضيا لغيره في وجه، ومسخطا له في آخر. وكذلك في طاعة الكافر وكفره، فإذا صح ذلك لم يجز متى رضي تعالى ببعض أفعال المكلف، أن يكون راضيا عنه، لأن الرضى هاهنا معلق بالفعل، وإنما يتعلق الرضى بالفاعل إذا أرضى الله عز وجل في أفعاله، على قولنا في استحقاق المدح والثواب، فإذا كان العبد مسخطا لله في وجه، ومرضيا له في وجه؛ قيل: إن الله راض ببعض فعله، ساخط لبعضه، ولم يتعلق السخط والرضى هاهنا بالفاعل، فإذا علق بالفاعل كان محالا أن يوصف الله بأنه راض على من هو ساخط عليه.
فأما الولاية من الله تعالى للمؤمنين؛ فإنما يتولى تعظيمهم ومدحهم، ويأمر بذلك بعد استحقاقهم لذلك بأفعالهم.
وأما العداوة فحقيقتها إنزال المضار بالعاصي، واستعمال العداوة لله من الكافر مجاز؛ لأن الكافر لا يقدر على إنزال المضار به تعالى، وإنما يوصف بذلك من حيث كان عدوا لأوليائه، والمحبة من الله للمؤمنين فإنما المراد بها منه إيصال المنافع إليهم تفضلا واستحقاقا.
Shafi 568