Littafin Mayar da Martani da Jaddada Kama akan Hasan dan Muhammad dan Hanafiyya
كتاب الرد والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية
Nau'ikan
فقولنا في ذلك إن شاء الله بما هو الحق، لا قول غيرنا؛ فنقول: إن الله جل ثناؤه لم يجبرهم على جزعهم(1)، ولا أنه خلق هلعهم، ولا جعل في ذوي الصبر والإحسان صبرهم، وإنما أخبر سبحانه عن ضعف بنية الإنسان، وأنه لا يحتمل ما اشتد وصعب من الشأن، فدل بذلك من ضعف بنية الآدميين، ومن قوة غيرهم من المخلوقين، واختلاف طبائع المربوبين، من الجان والملائكة المقربين؛ على قدرة رب العالمين، وخالق السموات والأرضين. فاخبر سبحانه أنه خلق خلقه أطوارا مختلفة، وجعل البنية فيهم غير مؤتلفة، فكلف كل صنف منهم دون ما يطيقه أضعفهم، فكلف الملائكة المقربين؛ ما لم يكلف الجان أجمعين، وكلف الإنسان؛ دون ما يطيق من الشأن، فكانت بنية الملائكة وطاقتهم؛ خلاف بنية الجان وحالتهم، وكانت بنية الجان واقتدارهم؛ خلاف بنية الإنس واستطاعتهم، وكذلك افتراق كل ما خلق رب العالمين، فكل ما خلقه فهو على تركيب رب العالمين ليس فيه تفاوت، كما قال تبارك وتعالى: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير} [الملك: 34]، وكذلك كل شيء خلقه الله سبحانه من الأشياء، وذلك كله فدليل على قدرة الرب الأعلى، وخالق الأرضين والسموات العلى. فأخبر الله سبحانه عن بنية الإنسان بالضعف والسخافة(2)، ولم يكلفه في ذلك إلا دون الطاقة؛ فلذلك ما قال سبحانه: {إن الإنسان خلق هلوعا* إذا مسه الشر جزوعا* وإذا مسه الخير منوعا}، يقول: جعل على بنية لا تطيق الأمر الشديد، فهو يهلع، ومن كل فادح يجزع. ثم قال: {إلا المصلين}، فأخبر أن من كان لله مطيعا من المؤمنين؛ أصبر عند المحنة من الفاسقين، وأن المحنة لا يطيقها، ولا يقوم من الناس لها؛ إلا ذووا الإصطبار من عباده الصالحين. ثم أمر سبحانه نبيه والمؤمنين بالصبر؛ فقال: {واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} [لقمان: 17]. وقال: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} [آل عمران: 200]، فأمرهم بالصبر، وحضهم عليه في كل أمر، ونهى من يطيق ويحتمل عن الوهن والعجز. فقال: {ولا تهنوا ولا تحزنوا} [آل عمران: 139]، وقال: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم} [محمد: 35].
ولو كان خلق الوهن وما كان من أفعالهم؛ لما كان جزع ولا هلع ولا صبر ولا عدد(1) من أعمالهم، بل كان عمله سبحانه لا عملهم، وفعله كل ذلك لا فعلهم، ولو كان ذلك فعل الرحمن؛ لما أثاب على صبره الإنسان.
Shafi 440