وهو في كلتا الحالتين حيّ حياة الله أعلم بحقيقتها مع القطع بأنها ليست كحياته لما كان على وجه الأرض قبل القتل، وثبت عن النبي ﷺ: "أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش تسرح حيث شاءت من الجنة"١. وهم مع ذلك أحياء وصحَّ عن النبي ﷺ: " أن نسمة٢ المؤمن طائر يَعلُق٣ في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه" ٤وفي
_________
"١" صحيح: صحيح مسلم " ١٨٨٧".
"٢" قال ابن القيم- ﵀ في كتابه الروح "ص ١١٨": "قال الخليل ابن أحمد: النسمة: الإنسان، قال: والنسمة الروح، والنسيم: هبوب الريح" أهـ.
"٣"في المصدر السابق:" وقوله تعلق في شجر الجنة: تروى بفتح اللام، وهو الأكثر، وتروى بضم اللام، والمعنى واحد، وهو الأكل والرعي، يقول: تأكل من ثمار الجنة وتسرح بين أشجارها، والعلوقة والعلوق: الأكل والرعي، تقول العرب: ما ذاق اليوم علوقًاَ أي طعامًا" أهـ.
"٤" صحيح: أخرجه مالك في الموطأ "٥٦٨" عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك كان يحدث أن رسول الله ﵌ قال ... وذكره، وأخرجه الحميدي في مسنده "٨٧٣" عن عمرو بن دينار وعبد بن حميد في مسنده "٣٧٦" عن معمر، وابن حبان في صحيحه "٤٦٥٧" من طريق الليث، والطبراني في الكبير"١٩/٦٥" من طريق الأوزاعي: كلهم عن ابن شهاب به. وأخرجه أحمد في مسنده "٣/٤٥٥" من طريق صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أنه بلغه أن كعب بن مالك.. . وذكره مرفوعًا. وأخرجه أيضًا في "٣/٤٦٥" من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به، فهؤلاء خمسة رووا الحديث عن ابن هشام عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه كعب مرفوعًا، وهذا إسنادُ متصل، وخالفهم ابن كيسان وشعيب فروياه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن جده مرفوعًا، وهذا فيه انقطاعُ بين عبد الرحمن وكعب، وقد رجَّح الذهلي أن الطريق المنقطعة هي المحفوظة وخالفه ابن عبد البر فقال:" ولا وجه عندي لما قال محمد بن يحيى من ذلك ولا دليل عليه، واتفاق مالك ويونسابن يزيد والأوزاعي ومحمد بن إسحاق أولى بالصواب، والنفس إلى قولهم أسكن، وهم من الحفظ والإتقان بحيث لا يُقاس بهم من خالفهم في هذا الحديث" أهـ.
1 / 49