أمصار المسلمين وكذلك القصائد المتضمنة الاستغاثة بالنبي ﷺ كما في البردة ونظم الصرصري وغيرهما متداول مستعمل لا ينكرونه. وهذا كلام فلان في قصيدته وشرحها فلان وفلان وتداولها العلماء وهذه هي الشبه العظيمة التي قامت بقلوبهم فلا يصغون إلا إليها ولا يعولون إلا عليها كأنهم لم يسمعوا بنبي مرسل ولا بكتاب منزل، فيقال: أولًا هؤلاء أصحاب موسى الكليم الذين صحبوه فضله الله على عالمي زمانهم وآتاهم الكتاب والحكمة قد سئلوا موسى أن يجعل لهم إلهًا، قال سبحانه: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف:١٣٨] .
وكذلك الذين قالوا لنبينا من أصحابه: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال ﷺ" الله أكبر.. إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾، لتركبن سنن من كان قبلكم١.
فهؤلاء خفي عليهم أن الذي طلبوه بقولهم اجعل لنا ذات أنواط أنه من التأله لغير الله ومن الشرك الذي حرمه الله، كذلك قول بني إسرائيل اجعل لنا إلهًا، خفي عليهم قبح ما طلبوه وأنه من الشرك الذي ينهى عنه
_________
"١ " صحيح: أخرجه أحمد في مسنده "٥/ ٢١٨"، والترمذي في الجامع "٢١٨٠"، وابن أبي شيبة في مصنفه "٧/ ٤٧٩"، وأبو يعلى في مسنده "٤٤١"، والنسائي في الكبرى "١١١٨٥"، وابن أبي عاصم في السنة "٧٦"، المروزي في السنة "٣٧"، والطيالسي في مسنده "١٣٤٦" من حديث أبي واقد الليثي.
1 / 42