والله سبحانه يقول مخاطبًا لجميع الناس: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ﴾ وقال: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام: ٥١] في هذا اليوم الذي لا حاكم فيه إلا الله ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ [الأنعام:٥١] وقال: ﴿وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ [الأنعام: ٧٠] يخبر سبحانه أنه ليس لمن عصاه وليٌ ينصره ولا شفيعٌ بغير إذنه.
وزعم المعترض أن "من" في قول الناظم:
فإن من جودك الدنيا وضرتها١ ... ومن علومك علم اللوح والقلم
أنها لبيان الجنس، وهذا الجاهل الأحمق يتحذلق عند أصحابه بما لا يعرفون لظنوا أن عنده علمًا وهو لا يُميز بين "من" التي لبيان الجنس والتي للتبعيض، و"من" في الموضعين للتبعيض بلا شك والذين يتكلمون على معاني الحروف ذكروا علامة "من" التي للتبعيض صحة حلول "بعض" محلها وعلامة التي لبيان الجنس صحة حلول "الذي" محلها كما في قوله سبحانه: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج: ٣٠] أي اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان والتي لبيان الجنس لا يبتدأ بها و"من" في هذين الموضعين لا يصح حلول "الذي" محلها بل يصح حلول "بعض" موضعها فالمعنى:
بعض جودك الدنيا وضرتها
وبعض علومك علم اللوح والقلم
_________
"١" يقصد بـ"ضرتها" أي الدار الآخرة.
1 / 28