ومن كلام ابن القيم ﵀ على هذه الآية قال بعد كلام سبق: "فإن العابد يريد من معبوده أن ينفعه وقت حاجته دائمًا. وإذا أرادني الرحمن الذي فطرني بضر لم يكن لهذه الآلهة من القدرة ما تنقذني بها١ من ذلك الضر ولا من الجاه والمكانة عنده ما تشفع لي إليه لأتخلص من ذلك الضر فأي وجه تستحق العبادة إني إذًا لفي ضلال مبين إن عبدت من دون الله من هذا شأنه".انتهى.
ونقول أيضًا: إنه إذا خوطب الرسول أو غيره من الأموات والغائبين بلفظ من ألفاظ الاستغاثة أو طلب منه حاجة نحو قول: أغثني أو أنقذني أو خذ بيدي أو اقض حاجتي أو أنت حسبي ونحو ذلك، يتخذه واسطة بينه وبين الله في ذلك. فهذا شرك العرب الذين بُعث إليهم النبي ﷺ كما وضحه الله سبحانه في كتابه في مواضع مخبرًا عنهم أنهم يقولون: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣] ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه﴾ ِ [يونس: ١٨] ولم يقولوا: إن آلهتهم تحدث شيئًا أو تدبر أمرًا من دون الله.
قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ [يونس:٣١]
، الشرك في الألوهية إذا اعترفتم بالربوبية. ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّه﴾ [المؤمنون:٨٤-٨٥] والآيات في هذا كثيرة، يحتج سبحانه عليهم بإقرارهم بتوحيد
_________
"١" هكذا بالمطبوعة، ولعل الصواب: "به".
1 / 15