الراجح، فهذا مطيع لله مأجور أجرين إن أصاب، وإن أخطأ أجرا واحدا. ومن قال:
كل مجتهد مصيب بمعنى أنه مطيع لله فقد صدق، ومن قال: المصيب لا يكون إلا واحدا، وإن الحق لا يكون إلا واحدا ومن لم يعلمه فقد أخطأ، بمعنى أنه لم يعلم الحق في نفس الأمر فقد صدق، كما بسط هذا في مواضع.
[التحذير من الكلام في دين الله بغير علم]
والمقصود: أن من تكلم بلا علم يسوغ، وقال غير الحق فإنه يسمى كاذبا، فكيف بمن ينقل عن كلام موجود خلاف ما هو فيه مما يعرف كلّ من تدبر الكلام أن هذا نقل باطل؟ فإن مثل هذا كذب ظاهر، والأول على صاحبه إثم الكذب ويطلق عليه الكذب، كما قال النبي ﷺ: «كذب أبو السنابل» «١». وكما قال لما قيل له: إنهم يقولون إن عامرا بطل عمله، قتل نفسه. فقال: «كذب من قال ذلك» «٢».
وكما قال عبادة: «كذب أبو محمد» لما قال الوتر واجب «٣». وقال ابن عباس:
_________
(١) قال العلامة المعلمي- ﵀: «في قصة سبيعة الأسلمية لما مات زوجها، فوضعت حملها وتهيأت للخاطبين، فأنكر عليها أبو السنابل، وقال: حتى تعتدّي أربعة أشهر وعشرا. فسألت النبي ﷺ فقال: «كذب أبو السنابل» والقصة في الصحيحين وغيرهما. وأبو السنابل هو: ابن بعك، اسمه حبة أو عمرو، وقيل غير ذلك: اه. من «الإصابة في معرفة الصحابة» بترجمة أبي السنابل.
قلت: والقصة أخرجها البخاري برقم (٥٣١٨) ومسلم برقم (١٤٨٤) وأحمد (١/ ٤٤٧) واللفظ له.
(٢) أخرجه أحمد ضمن قصة طويلة (٤/ ٥١ - ٥٢).
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٧٨/ ١٤) وأحمد (٥/ ٣١٥ - ٣١٦، ٣١٩ - ٣٢٢) وأبو داود (١٤٢٠) والنسائي (١/ ٢٣٠) وابن ماجه (١٤٠١) وابن حبان (٥/ ٢١/ ١٧٣١ و٦/ ١٧٤/ ٢٤١٧) والحميدي في «مسنده» ١/ ١٩١/ ٣٨٨) والدارمي في «سننه» (١/ ٤٤٦ - ٤٤٧/ ١٥٧٧) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢/ ٢٩٦) وابن أبي عاصم في «السنة» (٩٦٧) وعبد الرزاق في «مصنفه» (٣/ ٥/ ٤٥٧٥) والبيهقي في «سننه» (١/ ٤٦١ و٢/ ٤٦٧).
من طرق: عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن رفيع- أو أبي رفيع- المخدجي أنه قال: جاء رجل إلى عبادة بن الصامت، فقال: يا أبا الوليد، إني سمعت أبا محمد الأنصاري يقول:
الوتر واجب. فقال عبادة: كذب أبو محمد؛ سمعت رسول الله ﵌ يقول:
«خمس صلوات كتبهن الله على عباده .. الحديث».
وهذا إسناد ضعيف؛ أبو رافع المخدجي مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان.
لكنه توبع؛ تابعه عبد الله بن الصنابحي عند أحمد (٥/ ٢١٧) وأبي داود (٤٢٥) والبيهقي (٢/ ٢١٥).
من طريق: محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي، عن عبادة به.
ولكن وقع عند البيهقي: عن أبي عبد الله الصنابحي.
وهو الصواب، وأبو عبد الله الصنابحي هو: عبد الرحمن بن عسيلة المرادي. وانظر: «تهذيب التهذيب» (٢/ ٤٦٢ - ٤٦٣، ٥٣٣) وتحقيق العلامة أحمد شاكر على «الرسالة» للشافعي ص ٢١٧ وما بعدها.
وتابعه أيضا: أبو إدريس الخولاني عند الطيالسي (٥٧٣).
فالحديث صحيح بهاتين المتابعتين. وقد صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (٩٦٧).
1 / 18