والسَّرَق والحَرَق وسائر الآفات، وتكتب في آخرِ جمعةِ منه، فجُمهورهم يكتبُها والخطيبُ يخطب على المنبر، وبعضهم بعدَ صلاة العصر، وهي بدعةٌ لا أصلَ لها، وإن وَقَعت في كلام بعضهم (١) بورودها في حديث ضعيف. وكان شيخُنا ﵀ ينكرها جدًّا حتى وهو على المنبر في أثناء الخطبة حين يرى من يكتبها كما بيَّنته في "الجواهر والدُّرَر" (٢). ونقله عنه تلميذه القسطلاني في "المواهب اللدنية" (٣)، وأقرَّه.
وقال الزُّرقاني في شرحه نقلًا عن "التحفة": جَزَم أئمتُنَا وغيرُهم بحرمةِ كتابة وقراءةِ الكلماتِ الأعجمية التي لا يُعرف معناها، وقول بعض: (كعسلهون: حيَّةٌ محيطةٌ بالعرش، رأسُها على ذَنبَها)، لا يُعوَّلُ عليه؛ لأنَّ مثل ذلك لا مَدخَل للرأي فيه، فلا يقبل فيه إلَّا ما ثبَتَ عن معصوم، على أنَّها بهذا المعنى لا تُلاَئم ما قبلها في الحفيظة، وهو: "لا آلاء إلَّا آلاؤك"، بل هذا اللفظ في غاية الإِبهام، ومن ثمَّ قيل: إنَها اسمُ صنمٍ أدخلها مُلحِدٌ على جَهَلة العوام. وكأنَ بعضَهم أرادَ دفع ذلك الإِبْهام فزادَ بعد الجلالة: "محيطٌ به علمك كَعَسْلَهون"، أي: كإحاطة تلك الحيّة بالعرش، وهو غفلةٌ عما تقرَّر أنَّ هذا لا يقبل إلَّا ما صَح فيه عن معصوم.
وأَقبح من ذلك ما اعتِيدَ في بعضِ البلاد من صَلاةِ الخمسِ في هذه
_________
(١) مثل الفقيه شهاب الدين أحمد بن أبي الخير الشماخي، قال الحافظ السخاوي في "الجواهر والدرر" ٦٠٨:٢ "وليس لها أصل صحيح، بل ولا ضعيف من السنَّة، خلافًا لما هو ظاهر كلام الشماخي".
(٢) ٦٠٨:٢.
(٣) المواهب اللدنية، للقسطلاني ٣: ٤٦٥.
1 / 64