الصافية، ونعرف من شعره أنه فقد، في مرحلة التحصيل العلمي هذه، والده الذي كان يعينه فقال من قصيدة:
وإن ممّا قراني حسرة وأسى ... وضاقني الكرب من جرّاه والوجع
أن عاقني شحط دار عن تفقّده ... حتى مضى وهو عن ذكراي ملتذع
يا حسرتا إنني لم أرو غلّته ... وغلّتي بزمان فيه نجتمع
قد كنت أشكو فراقًا قبل منقطعًا ... وكيف لي بعده بالعيش منقطع
هذه المرحلة، مرحلة التحصيل العلمي، كانت من أهم مراحل حياته العلمية الحافلة، حيث نضج فيها عقله، وقويت ملكاته، ووضحت شخصيته، وحصّل الكثير من العلوم الإسلامية فنبغ في الأدب: شعره ونثره حيث طارت فيها شهرته، فاتّصل بالملوك والوزراء ورجالات الدولة يمدحهم ويتقرّب إليهم لينال منصبًا يضمن له المال والجاه لكنه مني بالخيبة وتحسّر من هذه الدنيا التي تضع العالم وترفع الجاهل فقال:
يا حسرتا من لي بصفقة رابح ... في متجر والفضل رأس المال
يا ويح أهل العلم كيف تأخروا ... والسّبق كل السّبق للجهّال
فإلى إلهي المشتكى وبصنعه ... دون الأنام منوطة آمالي
بعد أن تكاملت شخصية الزمخشري العلمية، بدأ بتطوير صلاته الإجتماعية التي بدأها بالتقرب من رجالات الدولة ثم أتبعها برحلاته إلى مكة واليمن وأكثر أنحاء الجزيرة والشام ليعود بعدها إلى وطنه وقد استفاد من أهل العلم والفضل وأفاد، ونستخلص من شعره أنه عاش في هذه الفترة حياة استقرار نسبي فتزوّج، غير أنه لم يوفّق في زواجه فقال:
تزوّجت لم أعلم وأخطأت لم أصب ... فيا ليتني قد متّ قبل التزوّج
فوالله ما أبكي على ساكني الثرى ... ولكنني أبكي على المتزوّج
وقد استبدل مكتبه وتلاميذه بالحياة الزوجية فقال:
وحسبي تصانيفي وحسبي رواتها ... بنين بهم سيقت إليّ مطالبي
1 / 8