البيئة عندنا لا تحارب الكذب بل لا تكاد تنكره، وإني لأكره أن أقول: إن كثيرين من الآباء والأمهات في بلادنا يحملون الولد عليه، وقد يضطرونهم إليه.
وإذا قدرت أن قوام عيش الجماعات هو الثقة، فانظر كيف يعيش معشر لا ثقة لأحد فيهم بأحد؛ لأنهم بين كاذب ومكذب لا يركن من صاحبه إلا على حذر وارتياب!
فالنجدة، النجدة! يا معشر القائمين على تربية النشء وعلى حراسة الأخلاق.
فن الإعلان
وهل بقي من لا يؤمن بأن الإعلان أصبح فنا له كسائر الفنون، قواعد وأصول؟ بلى! هو فن له أثر وله خطر، يتدارسه طلابه ويستذكرون مسائله وقضاياه، ويراجعون الأساتيذ في ما يتبهم عليهم من تلك المسائل، ويتبارون في حذقه وتجويده، حتى يبلغ بعضهم فيه رتبة العبقرية والنبوغ.
وما لفن الإعلان لا يكون له هذا الشأن وأجل من هذا الشأن، وهو الوسيلة الفذة إلى تحريك التجارات ونفاق الأسواق، وإيثار الفتى، وذهاب الصيت في كل مكان، بل لقد يكون إحسان الإعلان أهم الداعيات إلى ميل جماعات الدول إلى دولة، وصفو قلوب الأمم إلى أمة، واصطفافها على عدوها مهما يكن خطبه، ومن شأن هذا العطف وهذا البغض أن يبعث على الإمداد بألوان المعونة المادية من جهة، والكيد بالمنع والمضارة من الجهة الأخرى، مما يساعد على النصر ويعجل للخصم الغلب والقهر.
وروي أن سائلا سأل المثري العظيم المستر فورد صاحب مصانع السيارات المعروفة باسمه: لو تجردت من الغنى ولم يبق في يدك إلا ألف جنيه، فما عسى أن تصنع؟ فقال: أخرج منها أولا سبعمائة وخمسين للإعلان وأستأنف السعي في الحياة بالباقي!
ولقد أدركت مصر حظ فن الإعلان وأثره البعيد في المطالب الخاصة والعامة، فجعل سكانها أو من يعنيهم الأمر من سكانها، يتبارون في تجويد الإعلان ومد رواقه، وبسط آفاقه حتى بذوا الأمريكان، وكانوا مضرب المثل في هذا الشأن!
وأرجو ألا تتعاظمك هذه الدعوى، فتعجل بالحكم علي بالتزيد أو الغلو، فسأقيم لك الدليل، إن شاء الله!
ولنمض أولا فيما كنا فيه من أثر الإعلان، سواء في استخراج الأموال، أو في استدراج العواطف بشتى الأساليب، ولقد تكون ماضيا في طريقك، ما بك أن تشتري أي شيء، فيميل بصرك إلى معرض من معارض بعض الدكاكين - الفترينات - فيستهويك بعض السلع المعروضة بجمال شكلها، بل بجمال وضعها في بعض الأحيان، فتتقدم لابتياعها مهما يجشمك الثمن، وهذا كما أسلفنا من أثر جودة الإعلان.
Shafi da ba'a sani ba