فإذا استشرفت نفسك إلى علالة تبل بها الصدا، أو لمجة - تصبيرة - تشد بها المتن حتى يأتي الوقت المقسوم للبيان، فلا بأس علي بذاك، إذن فاعلم علمك الله الخير وحجب عنك المكروه أنه لن يطوى من الزمن طويل حتى تقوم في مصر شركات «للتأمين على الموت» بجانب شركات «التأمين على الحياة»!
ولأول مرة تسبق مصر العالم جميعا في ابتكار هذا اللون من النظم المالية، بل إنها ستثتأثر بهذا النظام دون العالم جميعا!
وبعد، فلقد تعلم أن في مصر أزمة زواج تشتد عاما بعد عام، وهذه الأزمة تنحصر في المدن، لم تطرق القرى والحمد لله!
ولقد زعمت في بعض مقامات الكلام - لا أدري أفي الراديو أم في بعض الصحف أم فيهما كليهما - زعمت أن هذه الأزمة ترجع إلى أسباب عدة، أهمها ما أصبحت تقتضي حياة الزوجية في هذا العصر من جليل النفقات.
كانت البنت من أوساط الناس إذا تزوجت لا تكاد تجشم الزوج أو أولياءه شيئا، فطعامها من طعام أهل الدار، وكسوتها إزاران ورداءان في العام، وما حاجتها إلى حذاء وهي حلس خدرها طوال الأيام؟ إذن في الكوث - الشبشب - على رأي أستاذنا العلامة الشيخ مهدي خليل، إذن ففي الكوث والقبقاب غنى وكفاية.
ثم إنها توفر على الأحماء أجور الخدم وسائر تكاليفهم بما تقوم به من العجن والخبز، والطهي، وغسل الثياب، وكنس الأرض، ونفض الأثاث، وتقديم القهوة للزائرات، وصنعها للزائرين، وخدمة الطفل الصغار ... إلخ.
والآن لا تحسن البنت الحضرية شيئا من هذا وقد لا تعرفه، وإن عرفته وأحسنته لا ترضى بأن تعالجه أنفة وحفظا للكرامة، ودعنا من الأنفة والكرامة، وحدثني بعيشك متى تضطلع البنت أو الزوجة الحضرية بهذا أو ببعضه، ولا بد لها كل يوم من غشيان السينما وغيرها من دور التسلية والترويح؟ ولا بد لمن يسهر الليل من أن ينام صدرا من النهار، ولقد يتصرم سائره في الاختلاف إلى الخياطة، ومتاجر الثياب والزينة، وزيارة الأصدقاء والأتراب، والتفرج في المنتزهات في صحبة الزواج أو بعض ذوي الأرحام، واستقبال الضيفان، وناهيك بما يستهلك من الوقت بعض النهار ومهبط الليل في التجمل والتزين، وتصفيف الشعر طوعا لآخر بدع - مودة - سواء جرى ذلك في البيت أو في دكان الحلاق، ولا بد أن يكون لقراءة الروايات من مساحة اليوم حظ غير قليل.
ثم إن هذا وهذا وهذا لقد ضاعف نفقات الزوجية أضعافا كثيرة، فللسينما وسواها من دور التسلية أجر، والركوب في الغدو والرواح أجر، ولتنظيم شعر الرأس
coiffure
أجر، ولا تنس تشذيب أصابع اليدين وصبغهما
Shafi da ba'a sani ba