ومما يُفيق من السكر تجرُّع الخلّ والشرب منه وصبّ الماء البارد على الرأس والشرب منه. ومما يقطع ريح النبيذ هو السعدى إذا مضغ وابتلع ماؤه والكسفرة الرطبة واليابسة والباقلا والكبابة وشرب الخل والأخذ من حب المسك ومصّ الكرفس والتمضمض بماء الورد وشرب السكنجبين، والشراب المطبوخ أشد إسخانًا وتخفيفًا للبدن، فهو موافق لمن احتاج إلى هذا وكذلك المشمش، إلا أنه ضارٌ لأصحاب الأبدان الملتهبة، يسرع إليهم بالحميَّات ويُسرع بالدم إلى العفونة ويصدِّع بسورته، لكنه نافع من الرياح والنفخ والقراقر وتبلغ حرارته إلى الأعضاء البعيدة بغوصه ولطفه. ويطيب ريح العرق والبول والنجو ولا يضر بالنكهة كالشراب. وأما نبيذ الزبيب فهو أشد لتقوية المعدة وأقل إسخانًا وأكثر غذاء من الشراب. والدم المتولد منه أغلظ وأفرط في الاستحالة إلى السوداء، وأنفع لأصحاب الذرب وضعف المعدة. ومن يلتهب من الشراب فالمطبوخ والعسل يزيده إسخانًا وقوةً وصعودًا إلى الرأس، وهو يُدر البول ويسخن الكُلى والمثانة ويخرج منها الفضول والحجارة ويصلح الصدر والرئة، وأما نبيذ العسل فقويّ الإسخان سريع الاستحالة إلى المرار الأصفر، ضارٌ بصاحب المزاج الحارّ ويصلح للمشايخ والمبلغمين وهو أوفق الأنبذة للذين بهم ضعف العصب، وأضرُّها بأصحاب المعدة والأكباد الحارَّة. وأما النبيذ الذي يطرح فيه اللوز المرّ فإنه يزيده إسخانًا ولطافة ونفوذًا جيدًا لأصحاب السُّدَد في الكبد وعظم الطحال. غير أنه سريع الاستحالة إلى المرار مصدع مورِّث للرمد وأما الرادي فإنه مصدع ليس يجيد للمعدة ويصلح لأصحاب البواسير، وأما ألأفاويه فإنها تزيد النبيذ إسخانًا وتصديعًا وتقوي المعدة وتخففها كالسعدى والمسك والمصطكي والزعفران إلا أنه يصدع وإن كان أكثر في بسط النفس وتفريحها، وإذا أكثر منه حدثت بسببه الرعونة. وأما نبيذ التمر والدوشاب فوخمٌ ثقيل قريب من الماءِ، يولد النفخ والقراقر ويضر بالمعدة والأمعاء، وخيره العتيق وأرداه الطريّ وهو يزيد في أعصاب البدن وإسمانه لحلاوته وكثرة غذائه، وأما نبيذ التين فجيد للصدر والرئة والكلى والمثانة، مسمِّنٌ مخصب للبدن بدفعه للفضول. يولد جربًا وحكةً ويقمّل.
ومن الشراب أبيض وأصفر وأحمر، وبين الصفرة والحمرة، وهو الزيتي، فأبردها الأبيض، وأكثرها إدرارًا للبول وأوفقها للمحرورين وأسخنها الأصفر الناريّ. وأما الأحمر فمعتدلٌ بينهما. وأما الأسود فإنه دون الأصفر في حرارته، وهو أكثر في إخضاب البدن. وأما الشراب الأحمر اللون الطيِّب الريح الذي إلى الحلاوة فأعدل الأشربة وأوفقها للأصحاء والمعتدلي المزاج. [و] العتيق أوفق لمن يحتاج إلى تخفيف بدنه، وأنفع لأصحاب المرة الصفراء من مطبوخه لرطوبة الماء الذي معه. ونبيذ القَنَدْ والعسل ألين وأسهل للطبيعة وأنفع للمرة الصفراء ومن كانت به علةٌ في صدره وكلاه ومثانته فالزبيب والدوشاب غير محمودٍ، وهو يسهل الطبيعة لرطوبته التي خصَّ بها من الماءِ. والزبيب والتمر أكثر فسادًا، وأرادوا ما فيه التمر، والمطبوخ، إذا كان صافيًا تقرب أحواله من أحوال الخَمر، يولد دمًا صحيحًا، فأما العسل المطبوخ بالماءِ فنافع من برد المعدة، ومن الورم البارد فيها، ومن وجعه المتولد من البلغم المانع من شهوة الطعام، نافع من الرطوبة واللقوة وهو لأصحاب الفالج أنفع من النبيذ لقلة تبخره إلى الرأس، ويغدو غذاءًا حسنًا هاضمًا يدر البول، ويجلو الأخلاط الغليظة الرديئة.
وقال حنين بن إسحق في كتاب " الكرمة ": إن عددت ما فيها من الأدوية والأغذية لم أجد في سواها من سائر الشجر ما يشبهها.
1 / 63