فيتذكره إسماعيل قائلا: ليبنتز.
فيتنهد قائلا: كيف غاب عني اسمه؟! .. هل يكون ختامها الأمية من جديد؟!
ورحنا نتذكر من طواهم النسيان، صفوان النادي وزهرانة كريم، رأفت باشا الزين وزبيدة هانم عفت، إحسان، يسري باشا الحلواني وعفيفة هانم نور الدين، عبيد باشا الأرملاوي وإنصاف هانم القللي، قدري سليمان وفتحية عسل، وعشرات من الزملاء والمعارف.
العباسية القديمة هل بقي منها أثر؟ أين الحقول والحدائق؟ أين النخلة ومجلسها وغابة التين الشوكي؟ أين البيوت ذوات الحدائق الخلفية؟ أين السرايات والقلاع والهوانم؟ هل نرى اليوم إلا غابات من الإسمنت المسلح، مظاهرات من المركبات المجنونة؟ .. هل نسمع إلا الضجيج والضوضاء؟ هل تحدق بنا إلا أكوام الزبالة؟! - كلما ضن الحاضر بنبأ يسر هرعنا إلى الماضي نقطف من ثماره الغائبة. نفعل ذلك رغم وعينا بما فيه من خداع وكذب، وعلما بما أترع به الماضي من سلبيات وآلام ولكننا لا نستطيع أن نرد النفس عن الاستمتاع بذلك المورد المليء بالسحر والسراب.
وقال لنا صادق صفوان يوما: أقترح أن نحتفل بمرور سبعين عاما على صداقتنا الوطيدة.
وضممنا الاقتراح إلى صميم قلوبنا، وقال حمادة: لنحتفل به في خان الخليلي.
فقال طاهر عبيد: العوامة أفضل.
ولكن إسماعيل قدري قال: بل في قشتمر، فنحن وصداقتنا وقشتمر كل لا يتجزأ.
ووافقنا على ذلك دون تردد، وأملى المكان على الحفل بساطة تناسب أعمارنا وصحتنا، فاكتفينا بشراء تورتة، وأعددنا الشاي، وأخذ كل منا قطعة، وفرقنا الباقي بين صاحب المقهى والجرسونات وماسحي الأحذية، وتراءى لنا أن يقول كل واحد كلمة للمناسبة، فقال صادق صفوان: أقول وأنا أستعيذ بالله من الحسد والحاسدين: إن سبعين عاما مرت فلم تند عن أحدنا هفوة تسيء إلى الوفاء من قريب أو بعيد، ألا فليدم هذا الصفاء وليكن مثلا للعالمين.
وقال حمادة الحلواني: لو جمعنا الضحكات التي روينا بها قلوبنا المنهكة بكئوس الأحداث لملأت بحيرة من المياه العذبة الصافية.
Shafi da ba'a sani ba