قرشية الخلافة.. في ميزان الشرع
نلاحظ مما تقدم أن دعاوى الاختصاص رغم تعددها لم تتجاوز البيت القرشي، وأن جهود الجميع رغم تباينهم كانت تسعى لتشريع نظرية الحصر، ونشأ تحت تأثير ذلك الواقع المفروض علماء وفقهاء فتناولوا تلك المسألة على أساس ديني واعتبروها مسألة شرعية، استحضرت فيها الروايات وطوعت لها الأحاديث، ومضى عليها السلف، وبالغ بعضهم فجعلها أصلا من أصول الدين التي لا يجوز إعادة النظر فيها!! في الوقت الذي عارضها آخرون واعتبروها مجرد حالة عابرة فرضتها ظروف معينة، ولكل مستنده ودليله، وسأحاول تفصيل ذلك في الآتي:
القائلون باشتراط قرشية الخليفة
كانت الثقافة السنية الأشعرية هي الثافة الرسمية للسلطتين الأموية والعباسية، فكان من الطبيعي أن تكون نظرية حصر الخلافة في قريش جزءا من الفكر السني، لهذا اشتهر القول بذلك عن جمهور أهل السنة أكثر من غيرهم.
فقد ذكر النووي: أن رأي أهل السنة أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وقال: «وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فمن بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين»(1).
وحكى عن القاضي عياض أنه قال: «وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار.. ولا اعتداد بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع، أنه يجوز كونه من غير قريش، ولا بسخافة ضرار بن عمرو».
Shafi 41