أنه اعتبر تميز الإنسان وتقديه قائما على الكفاءة والتقوى، وقصر دور التنوع القبلي والسلالي الذي كانت له الهيمة والمنعة على التعارف، قال تعالى: ? يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ?(الحجرات: 13). ولم يعد التنوع العرقي قادر كما كان على منح أي ميزة دينية لذاته، خصوصا عندما سمع الجميع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول لأقرب أقاربه: « يا فاطمة بنت محمد.. يا صفية بنت عبد المطلب.. يا بني عبد المطلب.. لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم!!» (1).
وتأثر المسلمون من مختلف القبائل والقوميات بتلك المفاهيم إلى حد كبير، وصار الجميع يأنسون بشرف الانتماء إلى الإسلام، وتجسدت روح الأخوة الصادقة في حياة المجتمع المدني، حيث سوى الأنصار أصحاب الأرض والديار المهاجرين القادمين من خارج المدينة بأنفسهم فتقاسموا معهم المال والديار، بل آثروهم على أنفسهم في كثير من الأحيان، حتى أثنى الله عليهم بقوله: ?ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة?(الحشر:9). وكان ذلك نجاحا مدويا؛ لأنه انتقال بالعرب إلى المجتمع المتكامل الذي ينشده الإسلام.
كل ذلك كان يحدث بعيدا عن قريش التي حرمها تعنتها ذلك الشرف العظيم.
Shafi 11