Quenching the Thirst with the Sessions of the Branches of Faith
ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
Mai Buga Littafi
مكتبة دروس الدار
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
Inda aka buga
الشارقة - الإمارات
Nau'ikan
ويقول ﷾ في سورة المؤمنون: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)﴾.
إخواني في الله، هذه الآيات التي يحث الله -جل وعلا- فيها على التدبر: خاطب الله بها الكفار، وخاطب بها المنافقين، وعَلِمَ ﷾ أنهم لو تدبروا القرآن لانقلب كفرهم إيمانًا ونفاقهم تقوى؛ ولهذا قال: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)﴾ [المؤمنون]. والمعنى -والله أعلم- أنهم لو تدبروا كتاب الله -جل وعلا- لانقلب ما هم عليه من باطل إلى نفس مقبلة على كتاب الله. فإذا كان الله -جل وعلا- يخبرنا أنَّ الكفَّار والمنافقين لو تدبروا القرآن وتفهموا معانيَه لصار حالهُم أحسن حال. فكيف -يا عباد الله- بمن آمن بالله واليوم الآخر؟!
كلام بديع لشيخ الإسلام في بيان أهمية التدبر والعمل بالقرآن:
قال شيخ الإسلام ﵀: … السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؛ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ الَّذِينَ ﵃ وَرَضُوا عَنْهُ. فَإِنَّ هَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ تَلَقَّوْا عَنْهُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ وَكَانُوا يَتَلَقَّوْنَ عَنْهُ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي: … -ثم ذكر الأثر السابق- وقال: وَقَدْ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ﵄ وَهُوَ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ - فِي تَعَلُّمِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَ سِنِينَ (^١) وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَجْلِ الْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ. وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ الَّتِي جَبَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا بَنِي آدَمَ تُوجِبُ اعْتِنَاءَهُمْ بِالْقُرْآنِ - الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِمْ - لَفْظًا وَمَعْنًى؛ بَلْ أَنْ يَكُونَ اعْتِنَاؤُهُمْ بِالْمَعْنَى أَوْكَدَ فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ كِتَابًا فِي الطِّبِّ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ النَّحْوِ أَوْ الْفِقْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَاغِبًا فِي فَهْمِهِ وَتَصَوُّرِ مَعَانِيهِ فَكَيْفَ بِمَنْ قَرَءُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلَ إلَيْهِمْ الَّذِي بِهِ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَبِهِ عَرَّفَهُمْ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَالْهُدَى وَالضَّلَالَ وَالرَّشَادَ وَالْغَيَّ. فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَغْبَتَهُمْ فِي فَهْمِهِ وَتَصَوُّرِ مَعَانِيهِ أَعْظَمُ الرَّغَبَاتِ؛ بَلْ إذَا سَمِعَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ الْعَالِمِ حَدِيثًا فَإِنَّهُ يَرْغَبُ فِي فَهْمِهِ؛ فَكَيْفَ بِمَنْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ؛
_________
(^١) رواه الإمام مالك في الموطأ بلاغا، (٢/ ١٤٨/ ط سليم الهلالي)
1 / 71