أرفع قيثارتي هذه إلى روح والدي
ما نجيب الأبناء إن سألونا
ليس عن ضعف قعودي
العامل الثائر1
القلب لا يشرى
أغنية المجد
ولما تقيسون الصلاة؟
ما بعد منتصف الليل
تذكارات وآلام
يا بلادي!
العرافة
يا بنت لبنان
القضاء المفتون
الحزن والجمال
دائما مرغريت
وطوى الزمان كتابه
الحرية
ابنة الأجيال
الفتاة الغادرة
في صائدة سمك حسناء
أودك ميتة
آلو آلو
بين الماسونية والإكليريكية
ورب كبير بلبنانه
يا سمير الأبراج1
المصدورة
ولما كبرت
الشبل الرابض
أمام مهد سعاد
قبل الرحيل
بعيدا عن هذا العالم
الفضيلة
إلى شاعر القطرين1
لي عاشق
ضيع القالب
دعيني أموت
ذكرى الآلام
أجد الشباب يلوح منتعشا
رثاء سليمان البستاني
دمعة على عذراء
ليس في كسروان سلاح1
مات حسونها
نرجيلتي
انزعوا قلبي فأستريح
ما أنت من تراب
وإني فتى حر1
فوق المقبرة
إلى لورانس
إلى الشبح الباكي
إلى مصر
الفقير
المجدلية والمسيح
إلى فيلكس فارس
إلى بدوية جميلة
الحسون السجين
جرس الحزن
حديث الزهرة الذابلة
إلى شاعر حزين
لا تعط الحب
يا أرغن الوادي1
أنشودة العمال
ماذا أود لك؟
لا ترحم
مناجاة بلبل
ما لي جلد
انتسيه فهو مذنب
ابن لنفسك مقرا شريفا
الدمعات الثلاث
أيها القلب
قلب الملاك حجر
أغنية الموت
يا ليل العمر متى غده؟
ميروبا في الصيف
تذكري
والعين بحيرة أحلام
رسالة
أمام جثة البستاني
رقاد القلم
معارضة قصيدة شوقي
أرفع قيثارتي هذه إلى روح والدي
ما نجيب الأبناء إن سألونا
ليس عن ضعف قعودي
العامل الثائر1
القلب لا يشرى
أغنية المجد
ولما تقيسون الصلاة؟
ما بعد منتصف الليل
تذكارات وآلام
يا بلادي!
العرافة
يا بنت لبنان
القضاء المفتون
الحزن والجمال
دائما مرغريت
وطوى الزمان كتابه
الحرية
ابنة الأجيال
الفتاة الغادرة
في صائدة سمك حسناء
أودك ميتة
آلو آلو
بين الماسونية والإكليريكية
ورب كبير بلبنانه
يا سمير الأبراج1
المصدورة
ولما كبرت
الشبل الرابض
أمام مهد سعاد
قبل الرحيل
بعيدا عن هذا العالم
الفضيلة
إلى شاعر القطرين1
لي عاشق
ضيع القالب
دعيني أموت
ذكرى الآلام
أجد الشباب يلوح منتعشا
رثاء سليمان البستاني
دمعة على عذراء
ليس في كسروان سلاح1
مات حسونها
نرجيلتي
انزعوا قلبي فأستريح
ما أنت من تراب
وإني فتى حر1
فوق المقبرة
إلى لورانس
إلى الشبح الباكي
إلى مصر
الفقير
المجدلية والمسيح
إلى فيلكس فارس
إلى بدوية جميلة
الحسون السجين
جرس الحزن
حديث الزهرة الذابلة
إلى شاعر حزين
لا تعط الحب
يا أرغن الوادي1
أنشودة العمال
ماذا أود لك؟
لا ترحم
مناجاة بلبل
ما لي جلد
انتسيه فهو مذنب
ابن لنفسك مقرا شريفا
الدمعات الثلاث
أيها القلب
قلب الملاك حجر
أغنية الموت
يا ليل العمر متى غده؟
ميروبا في الصيف
تذكري
والعين بحيرة أحلام
رسالة
أمام جثة البستاني
رقاد القلم
معارضة قصيدة شوقي
القيثارة
القيثارة
تأليف
إلياس أبو شبكة
أرفع قيثارتي هذه إلى روح والدي
يا أبي
لقد فتكت بك يد أثيمة في بلاد الغربة بعيدا عن زوجك وصغارك، فخلفت اليأس في صدر أمي والألم في قلبي!
كنت في العاشرة من عمري يوم توارى وجهك اللطيف إلى الأبد، وكنت لا أزال أدفأ بين جناحيك، وها أنا اليوم في الثانية والعشرين، في عهد الشباب، في عهد الجهاد والألم!
أفتش في بلادي فلا أجد لي نصيرا، ولا أجد من يدرك مبادئ نفسي وما طبعت عليه، إلا فئة قليلة هي مثلي في آلامها وبلاياها!
يا أبي، لقد توالت الأيام العديدة وهي أشد سوادا من ظلمة قبرك، وأنا ثابت في مبادئي كالأرزة في وجه العاصفة، أود شكاة فلا أجد من يصغي إلي غير روحك المرفرفة فوق رأسي!
ما هذه الجراحات التي أرفعها إليك الآن، سوى أفواه الألم صارخة من عمق أعماق نفسي!
هذه هي «القيثارة» التي وقعت عليها - في طريقي الوعرة - أناشيد قلبي! فعلى كل وتر من أوتارها آثار دماء، وعلى كل قطعة من أخشابها جفاف دموع!
فإذا رأيت دمائي زكية ودموعي طاهرة، فأبق قيثارتي في عالم الخلود، وإلا فحطمها على رأسي وغلل بأوتارها نفسي!
إلياس
ما نجيب الأبناء إن سألونا
أيها الظلم والخنا والغرور
يا خداعا تعف عنه الشرور
يا كنودا ويا محاباة قومي
يا صدورا يدب فيها النفور
يا خصاما يا منكرات بلادي
يا رياء يا حطة يا فجور
اقربي ما استطعت من كبر نفسي
أنا صدري رحب وقلبي كبير
لي نفس كالبحر ذات اتساع
فلباب يلقى بها وقشور
تبصق الرجس عن عفاف وطهر
واللآلي تبقى بها فتغور
لا يغرنك أنني مستكن
فإلى ثورة سكوتي يشير
واستريبي إذا سمعت زفيري
إن في صدري الزفير زئير
اقربي اقربي فآلام نفسي
جمرة يستطير منها السعير
جمرة في بركانها تتلظى
شاخصات إلى لظاها الدهور
يا بلادي كفاك هزءا بنفسي
إن نفسي حسامك المطرور
لا تقولي قد أحرقتها البلايا
كل نفس لم تحترق لا تنير
اتركيني أنشد أغاني حبي
أنا بالحب والأغاني فخور
إن شعري أبقى من التاج عمرا
ذلك التاج للزوال يصير
كم أمير وكم مليك توارى
وطوته دجنة وقبور
والمعري الضرير ما زال حيا
وفقيرا كان المعري الضرير •••
يا نفوسا تطور البأس فيها
أين يأوي حسامك المشهور؟
ليس يجدي حلم ولا اللين يجدي
لنفوس شعارها التدمير
خلق المجد للقدير فجدوا
لا ينال الرقي إلا القدير
وردوا العلم إن في العلم نورا
وانفضوا الجهل ليس في الجهل نور
هذه التربة التي أنشأتكم
عاث فيها مسود مأجور
فانفضوها ففي ثراها نضار
وغناكم نضارها المذخور
ما نجيب الأبناء إن سألونا
أي أرض أنرتم يا بدور؟
أي عار خلفتم لفراخ
رغب الذل فيهم يا نسور؟
أنطيق الحيا ونحن شيوخ
شرف في صدورنا وشعور
عجز لا نصير يدفع عنا
ما نقاسي، ما للذنوب نصير •••
أيها الفجر يا سراج البرايا
عجبا منك كل يوم تزور!
كيف لم تسأم الوجود المحابي
أترى أنت مثله شرير؟!
أي يوم زيوت نورك تخبو
وعلى سنة الضياء تثور؟
وتزج الوجود في ظلمات
مستبد في بردها الديجور؟
إن هذا الوجود أمسى مسنا
وشقيا أمسى الوجود الخطير
رث فيه خلق الرجال ورثت
نزوات العلى ورث الضمير
ليس فيه إلا خداع وزور
وبلياته خداع وزور
خلف التيس فيه ليثا هصورا
ويح تيس ينام عنه الهصور
عبثا نرتجي الصيانة ما لم
تتمزق عن الرياء الستور
قد أقمنا على الجهالة عهدا
وعلى الجهل لا يقيم البصير
أولسنا وراث أقدم مجد
في يدينا صليله والصرير؟
أولسنا وراث شعب أنيرت
بتعاليمه الهداة العصور؟!
عبدوا الفن نيرا وعبدنا
ترهات شعارها التبذير
ما تبقى لنا من الفن إلا
ذكريات هي النزاع الأخير
أمة كانت البلاد فأمست
أمة ما درت بمن تستجير
يستبد الغني فيها ويعمى
عنه كل الورى ويشقى الفقير
في ذراها وفي السواحل يجري
من عروق الجدود ماء نمير
فاسجدوا للأثير فيها وصلوا
فلهاث الأجداد هذا الأثير
خاطرة
نظرت إلى المرآة فاتنتي
بتدلل يستعبد النظرا
فهببت ألثمها لأن بها
لخيال حمر خدودها أثرا
ليس عن ضعف قعودي
هذه الدنيا سآمة
تعب فيها الإقامة
جحد العاتي فلما
يبق لي فيها كرامة
ليس عن ضعف قعودي
عنه لكن عن شهامة
لي نفس علمتني
كيف أستزري لئامه
لي آداب أراها
فوق خد العلم شامة
ويراع يتمنى ال
فجر لو كان ابتسامة
يعرف النذل ولو حط
على الرأس عمامة
كل نذل مستبد
في محياه علامة
لم أحاربه بسيف
بل بصدق واستقامة
إن أفضل صفعه بال
نعل أنصفه مقامه
العامل الثائر1
ما حيلة المفئود في حساده
إما استبد به طغام بلاده
صدمته عاصفة الزمان فقوضت
بيتا بناه على رجاء فؤاده
بيتا أوت فيه مواكب وحيه
وتمشت الأحلام بين عماده
قصدته آمال الشباب وطالما
كانت عذارى الحب من قصاده
حول عيونك عن مشاهده فلم
تبق الحوادث منه غير رماده
ما شاده رب التساهل والوفا
إلا ليهدمه على عباده
أولست تسمع كيف ينشد مثخن
تتصاعد الزفرات من إنشاده
هذا فؤادي تستباح دماؤه
مستقطرات من جراح وداده •••
قال الحسود غداة أبصر مدمعي
يجري به بصري بملء سواده
هذا ضعيف لا يميل به الهوى
إلا ويعزفه على أعواده
يا عاذلي ليس اعتقادك محكما
بالشاعر الباكي على أمجاده
فالشعر لو أدركت وحي حقيقة
والشاعر الرسام طوع قياده
لي موطن عاثت به أولاده
فبكت حشاشته على أولاده
يحيا أمام عيونه جلاده
ويموت لاثم قبضتي جلاده
نظاره وهم شعاع عيونه
يتطوعون اليوم لاستعباده
جبناء لا يتقيئون بحكمهم
إلا مراعاة لدى أسياده
لا بأس عندهم إذا لعبت به
أفراده وأذاه من أفراده
فهم الذئاب وفي سبيل وظيفة
تمشي أظافرهم على أكباده
لهفي على وطن تضام أباته
ويسود فيه النذل باستبداده
لبست غرابيب الغنى أبراده
وتجند المثري لاستشهاده
في موطني شعب يبيع بفضة
شعبا يقيم على ربى أجداده
يجتر عن ظمأ نطاف دمائه
ويريش نبلته على أجساده
من يسترق قوما يعيش بمالهم
فلتبصق الدنيا على ألحاده •••
أعروس شعري يا صدى قلبي الذي
حالت عبيد الظلم دون جهاده
كوني شعاعا في سراج صبابتي
فالناس عاملة على إخماده
كوني حساما لا يمل غرابه
لتخلصي المسجون من أصفاده
وامشي بأعصاب الحقود وأضرمي
نار السلام تدب في أحقاده
وتبسمي لدم أذوبه على
قلمي الذي خلدته بمداده
وكما هديت «أبا نواس» إلى العلى
فاهدي فؤادي فهو من أحفاده
في صوتك الساجي لبانة عامل
يسمو بها في الحزن عن أضداده
ما لامست قلبي سحابة علة
إلا وكان غناك من عواده •••
أعروس شعري في بلادي نزوة
سلبت من المفئود عذب رقاده
لبنان يرضى شوكه تاجا له
ويذيب نقمته على أوراده
كم في ربى لبنان من متشاعر
نامي الفساد مفاخر بفساده
يملي الذي أملاه غير يراعه
ويقول ذا شعري ووحي رشاده
أيعيش في الماضي ويترك غيره
يبني الجديد على رسوم بلاده؟
ويفاخرون به لأن نسيجه
كنسيجهم ومرادهم كمراده
فهم الذين يقدسون قديمهم
لا يتركون الرث من أبراده
لا يفتئون يرددون بجهلهم
ما تنتن الآذان من ترداده
أين الألى رفعوا أريكة عزه
وبنوا مغاني المجد فوق نجاده
الجالسون على عروش جلاله
والمالكون على ذرى أطواده
اللابسون بسطوة أبراده
والمضرمون البأس في أجناده؟
ذهبوا وقد بذروا سنابل زرعهم
فتسارعت غرباننا لحصاده
في 1 أيار سنة 1925
القلب لا يشرى
انظروه تروا خيالي فيه
شفه سقمه فصار شبيهي
رشأ حسنه يضاعف حبي
العذارى في فجرها ترويه
فإذا ما النجوم أبدت شعاعا
فشعاع من حسنه يخفيه
وإذا ما الصبا أذاعت حديثا
فالصبا في حديثها تعنيه
كم سهرت الظلام أرعى هواه
وأنا شاخص بمرشف فيه!
فكأني عبد أود رضاه
وأنا فاعل بما يرضيه
ومرارا لزمت غرفة يأسي
أنظم الشعر والهوى يمليه
غرفة الحزن أنت تحوين صدرا
كل ما في الوجود لا يحويه
يا غزالا أويت قلبي رفقا
صار ميتا ذاك الذي تأويه
إن تكن تستحل قتل فؤادي
ليس في الحب غيره تشتريه
في 7 تشرين
2
سنة 1922
أغنية المجد
سجدت في هيكل الأماني
مضعضع العقل والجنان
في ليلة لم تبن شهابا
إلا أراشت سهما رماني
وقلت للمجد وهو طيف
لم أره بعد في مكان
إن أمامي طريق نفسي
وليهدني منك نيران
إذا بصوت كالهمس ألقى
في مسمعي هذه المعاني
أنا خفي كالسر أو كال
هلاك أنقض في ثوان
أظهر في ساعة الطعان
بين ضباب من الدخان
ولا ينال الخلود مني
إلا فؤاد الذي يراني
فما لهاثي إلا ضرام
يدب في عنصر الزمان
فلا يغرنك ابتسامي
فتحت جفني هوتان •••
سكبت في أعين المعري
زيت النبوات من عيوني
وقلت للناصري طهر
ذنوبهم بالدم الثمين
قلت لقيس عشيق ليلى
أنشد ومت رافع الجبين
قلت للينين نم قريرا
أنت نبي بعد قرون
الصمت في قدسه صلاتي
وموحيات الآلام ديني
لا يرتقي سلمي ضعيف
أنا لبأس لست للين
مقالدي الصبر والتأني
وشدة العزم في الشئون
أحمل في مقلتي عذابا
وشعلة النار في جبيني
الشيخ مثل الفتي عندي
من يسع تفتح له يميني
لما أعين وقت حضوري
فبعد حين أو قبل حين •••
البعض ماتوا تحت ذراعي
أمام مصباحي المنير
والبعض ماتوا مذ جئت حتى
ألقي على رأسهم زهوري
الموت في مجده شعاري
ونافخ في الدجى نفيري
فقبلة الخلد لم أضعها
إلا على حافة القبور
من يطلب المجد في حياة
فليشتر المجد بالزفير
أنا هزار في الليل أشدو
لحني على مسمع الدهور
يسمعني الموت في دجاه
وهو يماشي خطى العصور
أشرب من أدمع عذارى
ومن دماء القلب الكبير
ولست أحيي ذكرا مجيدا
لذي نبوغ وذي ضمير
إلا إذا ما افترست قلبا
يكون أقوى من النسور
ولما تقيسون الصلاة؟
ويل الضعيف من القدير
ويل الأثيم من المصير
هذا يماشيه النصي
ر وذا يقيم بلا نصير
هذا يمجد بالشرو
ر وذا يهان بلا شرور
هذا يظن من اللبا
ب وذا يخال من القشور
ويح الصغير فإنه
شلو بأنياب الكبير
شرف الضمير لدى المسو
د أن يكون بلا ضمير •••
وصبيحة قد جزتها
في منحنى واد نضير
تركت بصدري علة
يحدو بها حادي السعير
شاهدت ثاكلة تنو
ح وراء تابوت حقير
ترثي ابنها بمدامع
حرى من القلب الكسير
نظرت إلى التابوت با
كية على أمل أخير
وكأن مقلتها سرا
ج كاد يطفئ بالزفير
وارت يد الترب الترا
ب وعاد حفار القبور
والكاهن المأجور تم
تم مدة الوقت القصير
ومضى وخلى الميت تؤ
نسه الجداول بالخرير
وتزوره عند المسا
والفجر أسراب الطيور
بكت السماء ابن الشقا
ء بمدمع الزهر الغزير
والليل ذوب في الضري
ح عواطف البدر المنير •••
إي معشر القوم الألى
سنوا الشرائع للعصور
أتفاوت بين الغنى
والفقر حتى في القبور
حق التحبر للغني
ولا حقوق للفقير
هذا إلى الأموات يس
قط، ذاك ينزل بالحرير
ماذا! أليس الله مجا
نا لخلق مستجير
أتفاوت بين الفقي
ر لدى المهيمن والأمير
ماذا؟ ألا ترضى الملا
ئك أن تنازل بالظهور
إلا متى ترشونها
بالمال في اليوم الأخير
لم يا ترى حددتم
ثمنا لربكم القدير؟
حتى يطاف به ورا
ء النعش بالعدد الغفير
ولما تقيسون الصلا
ة إذا عدلتم في الأمور؟
لأولي الشقاء قصيرة
وطويلة لأولي القصور
الحور يرمي ظله
في القفر والحقل النضير
لا فرق عند ظلاله
بين العشابة والزهور •••
روما! يود الله أن
يمشي التساوي في الصدور
ويود أن يعطى ولي
س يباع في يوم النشور
أولم يهب دمه الطهو
ر وفلذة الكبد الطهور
فالنفس تطلب مرسلا
لا تاجرا واهي الضمير
في 22 كانون الثاني سنة 1925
خاطرة
انف عنك الأحزان والحسرات
معرضا عن وجهيهما التوءمين
وتنعم مجاهدا في الحياة
لا يمر الصبا بها مرتين
في 30 آذار سنة 1922
ما بعد منتصف الليل
مر جنح من الظلام وقلبي
لم يزل يستمر في خفقانه
وهفا النوم عن جفوني فروحي
في وجود ضل الهدى عن مكانه
أنا في مخدع تكاد لآها
تي تسيل الدموع من جدرانه
ضيق مظلم فلو أقبل النو
ر إليه لخاف لون دهانه
وأمامي القنديل يلمع نورا
فإخال الجحيم في لمعانه
وأراه يسالني عن شجوني
لو حباه الإله نطق لسانه
يشعر القلب من دمي بدبيب
كدبيب البركان في هيجانه
وأرى بين إصبعي لفافا
تتلاشى أعمارنا كدخانه
ساهر في كآبتي وحبيبي
بسلام ينام عن أشجانه
فبنان الرقاد تسكب سحرا
وتذيب الأحلام في أجفانه
أنصف الليل ما لقلبي يناجي
في سكون الدجى هوى سكانه
مسه عارض الجنون فلولا
أضلعي لاستطار عن جثمانه
أسمع الليل في الفضاء يغني
وحفيف الأوراق من ألحانه
تلك أنشودة الحياة يغني
ها لسان الدجى على عيدانه
وأرى ظلمة الدجنة إبلي
سا نجوم الفضاء من أعوانه
موكب من عرائس الجن يمشي
للقاء الشيطان في إيوانه
هم يقولون ما به وهواه
حسبما يبتغي وطوع بنانه
حين نادى جنانه رحمة الحب
استجاب الهوى نداء جنانه •••
إي ولكن! لو يدركون أمورا
قد رماها الفؤاد في كتمانه
لو هم يعلمون ماذا يقاسي
عاشق يستجير في لبنانه
لو دروا أن في الطبيعة عدلا
قطع الظلم كفتي ميزانه
لاستباحوا كفرانه واستحلوا
أن يظل الحزين في كفرانه •••
رب! عفوا لقد فقدت شعوري
فشعوري يهيم في تيهانه
كن شفيقا علي وارحم فؤادي
إذ تراه قد ضل عن إيمانه
إن قلبي مأوى لكل عذاب
قد أواه الضنا بلا استئذانه
فكأني وجدت في الكون حتى
أشرب الكأس من يدي شيطانه •••
يا صديقي إن شئت تبيان قلبي
فجبيني ينبيك عن تبيانه
رسم القلب طيفه فيه فانظر
يعرفون الكتاب من عنوانه
يا صديقي انظر لبستان عمري
كيف دب الذبول في أقحوانه
فشبابي أخنت عليه صروف
أفقدته النضار من ريعانه
صرت في وحدتي أخاطب «موسه»
راشفا في الظلام سحر بيانه
كان مثلي فغيب القبر منه
جسدا باليا قبيل أوانه
شاعر الدمع هل من الدمع بد
في وجود ألعين من غدرانه؟
أفعم الكون بالعذاب حياتي
فلهذا تاقت إلى أكفانه
في 27 ك
2
سنة 1922
تذكارات وآلام
في ذمة الماضي انطوت
ساعات أحلامي العذاب
أيام لا هم سوى
هم المعلم والكتاب
أيام كان أبي الشبا
ب وكنت نورا للشباب
أيام حلمي لم يكن
إلا شعاعا من شهاب
إن أنس لا أنس الهضا
ب وما على تلك الهضاب
والشمس توشك أن تغي
ب ويعلن الجرس الغياب
وأبي على صخر يحد
دق في عشية صيف آب
فيما تراه كان يف
كر وهو ينظر في الضباب؟ •••
لم أنس أترابي الأولى
كانوا وكنت لهم مداما
إن جئتهم متبسما
ألق ارتياحا وابتساما
وإذا غضبت تشاوروا
فيما يعيد لي السلاما
عبث الشباب بهم فغي
ير خلقهم عاما فعاما
إن الشباب ملاعب ال
أيام فاحذر أن تضاما
في ذمة القبر القصي
حشاشة ذابت هياما
خفت إليها في الترا
ب يتيمة بين اليتامى
هي نفسي الثكلى وقد
صلى العذاب لها وصاما •••
أمي وقد وجد الضنى
في مقلتيها مدخله
ترثي الحياة كأنها
من نصف شهر أرملة
كم مرة نظرت إلي
فتمتمت ما أجمله!
لو كنت أقرأ من خلا
ل عيونه مستقبله
أنا في سبيل لا أكا
د اليوم أدرك أوله
يا أم رفقا واصبري
لا بد لي أن أكمله
أنجزت مرحلة الشقا
وعلي أيضا مرحلة
حمل المسيح صليبه
حتى أعالي الجلجلة
في 10 شباط سنة 1925
يا بلادي!
يا بلادي،
هو ذا قلبي يبكي
فوق أطلال هواه، وينادي
يا بلادي! •••
لو ترين الدمع منه
جاريا في الصدر، مثل الجدول
تمتلي منه عيوني،
وخدودي الصفر منه تمتلي
فاستقي منه ودادا
فدموعي من ودادي
يا بلادي! •••
إن أر الحب قسيا،
لا أجد في جوره إلا فؤادي،
أو أر الذل انتشارا،
لا أجد في ستره إلا بلادي.
اخفضي الرأس إلى أن
ترفعيه بالجهاد
يا بلادي! •••
أينما سرت أرى النا
س لدى ذكرك دوما يهزءون،
فهم منك، ولكن
جحدوا، والناس قوم جاحدون،
وهم الأبناء باعوا ال
أم في سوق المزاد
يا بلادي! •••
حدثينا عن جدود
ظلل الأرز ثراهم من قديم،
وعن الحكام لما
حكموا فيك بقانون قديم
علمي اليوم قضاة ال
عدل، إنصاف العباد
يا بلادي! •••
يا بلادي إن دعاني
نسبي التوراب في تلك اللحود،
وانطفت نار هيامي،
وخبا زيتي بمصباح الوجود،
لا تعديني رمادا،
فهيامي في رمادي،
يا بلادي!
في 28 ك
2
سنة 1924
العرافة
هذه القصة لا شأن لها
بأقاصيص عجوز خطل
فهي نطق سمعته أذني
وبيان أبصرته مقلي
فأنا في سردها أصدق إذ
إنها قد حدثت في منزلي
فاسمعوها وافقهوا جوهرها
وخذوا موعظة مما يلي: •••
قمت في ذات ضحى من مضجعي
وبنات الشعر قد قامت معي
وتوجهت كأمسي يائسا
أنزوي منفردا في مخدعي
مخدع كالقفص الضيق قد
سكنت فيه عذارى أدمعي
كل عذراء على قيثارها
هجعت والشعر بين المقل •••
فسمعت الطير في مجثمه
منشدا يستقبل الفجر الجديدا
ورأيت الفجر سكران هوى
يرد الطهر ولا يسقي الوجودا
وعلى قيثار «فينوس» شدت
ربة الحكمة «مينرفا» النشيدا
إن للفجر غراما طاهرا
ما درى معناه غير البلبل •••
طلع الصبح رويدا وأنا
أسكب الأشعار من قارورتي
مطلقا زفرة صدري بأسى
فأثير الروح في نرجيلتي
وأرى دخنتها ثائرة
تتلاشى في زوايا غرفتي
كلما أطلقت فيها زفرة
همست في الصبح حتى ينجلي •••
وإذا صوت تعالى ملحنا
من بعيد مثل أوتار النغم
صادمته نسمات في الصبا
فأتى كالهمس في أذن النسم
عند ذا أطللت من نافذتي
تاركا قرطاس شعري والقلم
فإذا بصارة براجة
تكشف البخت بقول منزل •••
ما ترددت بأن ناديتها
وعلى ثغري خيال البسمات
فأتت والوشم في مرشفها
طرقات لمرور المعجزات
قلت يا عرافتي هل أنت من
قرأت في الغيب أسرار الحياة؟
أطلعيني عن مآتي وطني
وعن الحالة في المستقبل •••
فأجابت بعد أن مدت يدا
لاستلام الغرش من كفي نصيب
ورمت في حجرتي أبواقها
فتعالى نغم منها غريب
ضع على الأبواق يمناك وقل
إنني آمنت بالله المجيب
ثم قالت لي كلاما صائبا
فاسمعوا يا قوم ما قالته لي: •••
إن لبنان ضعيف رازح
تحت أثقال ظلام أسود
لعبت فتيانه فيه ددا
ما أرادت مهنة غير الدد
هجعت سكرى بأحلام الصبا
هل درت ماذا توارى في الغد؟
إن شعبا كثرت أحلامه
لهو شعب ضائع في الدول •••
لبلاد الأرز أبناء نأت
فهي تشقى في زوايا المهجر
ولها قلب إذا ما ذكر ال
وطن اهتز اهتزاز الشجر
سعد لبنان كبير إنما
بسوى أبنائه لم يكبر
وله برج علا مرتفعا
من قديم وغدا لا يعتلي •••
عندما الغياب تعتاد الحمى
لترى مستقبلا في الوطن
عندما الأمواه تمسي مسكرا
جاريات من أعالي القنن
عندما المهجر يمسي خاليا
من رجال نشأت في الدمن
بشروا لبنان بالعود إلى
زمن مثل الزمان الأول •••
عندما البغضاء تمسي مهجا
تنسل الحب وتأوي الرجلا
عندما الأرماح تمسي سككا
وفرند السيف يمسي منجلا
عندما الحاكم في عزته
ينجد الفلاح حتى يعملا
بشروا لبنان بالعز فما
وطن عز بغير العمل •••
كنت أصغي وفؤادي نابض
وعيوني شاخصات في السحاب
ناظرا في عالم الماضي إلى
مجد قومي المتلاشي كالضباب!
إن زيت المجد لا تشعله
زفرات اليأس من صدر الشباب
فالتآخي والقوى تضرمه
هل مؤاخاة بهذا الجبل؟ •••
عند هذا نهضت عرافتي
بعدما قد جمعت أبواقها
ومضت تسرع بالمشي وقد
وهبت من سحرها أحداقها
ولدن قد خرجت من منزلي
ومضت ناشدة عشاقها
صرخت: بصارة براجة
تكشف البخت بقول منزل
خاطرة
كل سعد يبنى على شقوة الغي
ر فهذي شريعة الأيام
انظر الشمس كيف صارت نهارا
حين وارت نصف الورى في الظلام
يا بنت لبنان
امحي السواد عن الأهداب في المقل
وامحي احمرار اللمى الممزوج بالقبل
فلست أرغب جفن العين مكتحلا
ولست أنشد إلا حمرة الخجل
ولا تودك نفسي غير طاهرة
كأدمع القلب في قارورة الغزل •••
يا بنت لبنان يا نبراس إظلامي
كوني حياة تمشي بين أعظامي
وفي عيوني مرآة أراك بها
وفي فؤادي مؤاساة لآلامي
فأنت رمز لإيحائي وإلهامي
أبصرته من كوى حبي وأحلامي •••
يا بنت لبنان كوني الجزء من كبدي
وامشي معي في ذه الدنيا يدا بيد
فأمس كنت فتاة تلعبين ددا
لكن شببت وأمسى اليوم غير دد
فأنت أخت تؤاسين الحياة غدا
وأنت أم لهذا الكون بعد غد •••
يا بنت لبنان بنت المجد والشان
يا ظبية مرحت في جنة البان
خذي احمرارك من زهر المروج ففي
المروج أزهار طهر العالم الثاني
وكحلي الجفن بالآداب وافتخري
بأن كحلك من جنات لبنان •••
دعي سواك تبيع الثغر بالذهب
فالثغر ما انشق كي يجني على الأدب
ولم يكن ضرب الأفواه ذا ثمن
فلا تبيعي الهوى من ذلك الضرب
عرفت طاهرة فابقي مثابرة
لا تبدلي الفل بالأشواك والحطب •••
يا بنت لبنان ما أسمى مسماك!
فالزهر يجني شذاه من مزاياك
أنت ابنة الكرم الموروث من قدم
وحيث تأوي ظبى المرديت مأواك
فإن تعالى إليك النوح من تعس
ارمي «لعازر» شيئا من عطاياك •••
في ذات ليل وقد فات الكرى عيني
خرجت أسرح فكري مع صديقين
فشمت نجم الدجى تنضم سارية
وبائتلاف تمشى كل نجمين
وغيمتين أطل البدر بينهما
شبيه جوهرة ما بين نهدين •••
فقلت والنفس تعدو رائد الأمل
الائتلاف أساس الجد والعمل
ففي الفتاة دروس نستنير بها
إن الفتاة حياة القلب في الرجل
إذا استنارت وآخته مصافحة
تجري دماء القوى في مهجة الدول
في 23 ك
1
سنة 1923
القضاء المفتون
أو مدام فهمي أمام القضاء
كيف قوضتم بناء القضاء
في سبيل النجاة بالحسناء؟
يا قضاة ظلمتم العدل حتى
ترحموا الحسن في عيون النساء
قد عهدنا أن الجمال حسام
مرهف الحد باتر ذو مضاء
ما عهدناه أنه الشرع حتما
جائر في الورى على التعساء
فإذا كان قاضيا ذلك الحس
ن يدين العباد تحت الخفاء
أجلسوه على المنصة جهرا
واستعيضوا به عن الزعماء
يصبح العدل حين ذلك فحشا
ويغور الوجود في الفحشاء
والفقير الضعيف يمسي ذليلا
وتصير الأحكام للأغنياء
كم بريء في السجن أمسى شقيا
من ضحايا الشرائع العمياء!
ولكم مجرم يعيث فسادا
هو في شرعكم من الأبرياء!
يا قضاة والعدل أعظم ركن
لمسير النظام في الغبراء
كيف كفنتم الشباب بقانو
ن توارى ملوثا بالدماء؟
ما درى الناس قبل ذلك أن ال
عدل رهن للأعين النجلاء
وله مهجة أصيبت بسهم
من هوى مرغريت في الأحشاء •••
أي جمال النساء أوليت حكما
فاحتكم ما تشاء في الضعفاء
إن تكن سافكا فكن مستبدا
لا تخف ما هناك غير القضاء
خاطرة
أحبك حين أراك تنوحي
ن والدمع يقطر من ناظريك
وأهوى تقطع أوتار صوتك
يصعده الحزن من مرشفيك
أحب العذاب وأهوى البكاء
وأعشق كأس الضنا في يديك
وعندي أن ارتواء الدموع
دموع المؤاساة من مقلتيك
لأفضل من قبلات الغرام
يشربها الفم من وجنتيك
الحزن والجمال
أو مرغريت فهمي أمام الضمير
وقد أزال الحزن أثر الجمال الخلاب عن وجهها.
كنت بالأمس ربة العاشقينا
تسكرين الملا ولا تسكرينا
ولقد كنت تبسمين بحظ
فلماذا أمسيت لا تبسمينا؟
ما الذي أوجب اكتئابك حتى
صار رمز الجمال رمزا حزينا؟
أظلم الحزن في عيونك نورا
كان بالأمس فتنة الناظرينا
أين ذاك الجمال أين جبين
ما أرانا من قبل هذي الغضونا؟
أوليست هذي الغضون رموزا
لم تزل في الفؤاد سرا دفينا
خففي اليوم وطء مشيك كي لا
يصبح المشي نقلة الراقصينا
ما تعودت غير مشي دلال
كنت حتى الهوى به تخدعينا
خففي المشي إن في الترب قلبا
رجع اليوم بعد إثمك طينا
لا تصيخي للحب وامشي عليه
ليس عهد الغرام إلا جنونا
لا تصيخي إلى الضمير إذا ما
قال يوما عبارة المشفقينا «قد أهنت الحياة بعد علي
فاستحي اليوم لا تهيني المنونا
إن يك الفسق من علي فمنك ال
فسق والجور بئس ما تفعلينا
أنت أفسدته وكان غلاما
ثم صيرته من الباذرينا
انزعي الحلي عنك واستبدليها
بقيود أحق بالسافكينا
هذه الحلي من دماء علي
كيف تبقينها ولا تخجلينا؟» •••
لا تصيخي يا مرغريت لصوت
ليس صوت الضمير إلا مجونا
وارقصي إن وددت فوق تراب
ضم قلبا لمغرم وعيونا
واطرحي الحزن عنك؛ فالحزن جبن
كيف يا غادة الدما تجنينا؟
إيه ضحي الضمير في كل حال
ومري السفك في الورى أن يكونا
في 2 تشرين
1
سنة 1923
دائما مرغريت
نظر النيل والمدامع تهمي
كيف يهوى القضا «منيرة فهمي»؟ •••
يا قضاة ظلمتم العدل مرة
فاسمعوا اليوم في القضية أمره
إن تركتم «منيرة» الإثم حرة
ترتكب في حياتها ألف إثم •••
مصر لا أعتاد جانبيك الذام
فلتحد عن ربوعك الإجرام
هذه مرغريت والحكام
برأت جرمها بأفظع حكم •••
هذه مرغريت حكام مصر
فانظروا في عيونها ألف سر
وتوقوا جمال ذاك الثغر
فهو يسبي قلب القضاة ويظمي •••
لا تخلوا الميراث يرنو إليها
فتعاطيه من هوى مقلتيها
ولدى حسوتين من مرشفيها
يصبح الإرث عاشقا بالرغم •••
هذه مرغريت في أرض مصر
ما ترى أنت يا «مريشال»
1
تجري
اصمت اليوم دع زميلك «فكري»
2
ينصر العدل فالعدالة تدمي
في 7 تشرين
2
سنة 1923
وطوى الزمان كتابه
أيعيش في لبنان حر
ومعيشة الأحرار قهر
نفد اصطباري في الحيا
ة ولم يعد في الصدر صبر
ما لي مقر ثابت
في موطني ما لي مقر
كل يطارحني الفرا
ر وليس لي منه مفر
لبنان والماء الزلا
ل مرقرق لا يستقر
والمرج أخضر باسم
للفجر والآكام خضر
والبحر مرآة له
وله من الأزهار ثغر
ومن الجبال الشاهقا
ت له بناء مشمخر
لبنان كان ببأسه
أسدا له الأجيال ظفر
فإذا دهته صواعق ال
أيام رعبا تقشعر
فعليه مر الأنبيا
والأقدمون عليه مروا
فسماؤه الوحي الصحي
ح وتربه مجد وفخر
إن فاته بأس قدي
م لم يفته سنا وقدر
فعلى مفاخره استمر
وليس يبرح يستمر
واليوم قد عبثت به
نوب وجار عليه دهر
وطوى الزمان كتابه
هل بعد ذاك الطي نشر
قالوا وقد بصروا بخد
ي من دموعي يستدر
ارحل لمصر فقلت في
نفسي لهم، لله مصر
سأبين عن وطني ففي
وطني ثعالب وهي كثر
والثعلب المحتال ما
بطلت له حيل ومكر
أنا لا أزال أحبه
فمحبة الأوطان نذر
لكن لي عذرا بهج
ري والضغائن فيه عذر
في 15 أيلول سنة 1923
خاطرة
أرح قلبك الخفاق من شقوة الهوى
فكل هوى بؤس الحياة يراوحه
إذا النسر لم يجثم وقد ظل صاعدا
يحلق في الأجواء تبرى جوانحه
الحرية
كعاب أتت في الحسن فخر الكواعب
لبانتها نيطت بحد القواضب
لها كوكب في كل عين منور
يفاخر بالأنوار كل الكواكب
لماذا ولم تطلب سوى الحق رائدا
تحف بها الأضداد من كل جانب
رغبت إلى الأقوام أن يحتفوا بها
فلم تنزل الأقوام عند رغائبي
إذا ابتسمت فاللؤلؤ الصرف ثغرها
وإما بكت فالماس تحت الحواجب
وفي طرف الأجفان سلت مضارب
تقوم على أحداقها كالمضارب
لقد وصمتها زمرة الجهل بالريا
وألوت على أفعالها بالمثالب
وما زمرة الجهال إلا غياهب
سيخرق نور الفجر ليل الغياهب
بصرت بها والدمع فوق خدودها
وما دمعها إلا رموز المصائب
وقد حملت من شدة الحزن رأسها
وألقت سواد الثغر فوق الترائب
فقلت لها خلي الهموم فإنها
لناحية المغلوب لا للغوالب
فليس نصير الظلم إلا معاقبا
سيلقى من الأيام شر العواقب
ألست ابنة «البستيل» يوم خربته
وشيدت برج العدل فوق الخرائب
وحكمت سيف الحق في عنق الريا
فسالت دماء الجور من كل خائب
أما أنت من رأس الوجود دماغه
تجيئين أبناء الورى بالعجائب
جعلت ديانات الشعوب شقائقا
وآخيت في الأكوان كل المذاهب
دموعك من جفن الليوث مذابة
فلا تذرفيها موردا للثعالب
وكوني على رغم النوائب لبوة
تسير مع الأشبال فوق النوائب
وأعطي دروسا للشعوب شريفة
تعلمهم كيف ارتقاء المناصب
وأن حقوق الإجتماع خليقة
بأهلية في الشخص لا بمآرب
لقد أخرسوا في مرشفيك حقيقة
مهددة بالويل من كل غاضب
فلا تخذلي يا أخت كل فضيلة
فليس حسام المستبد بقاضب
لديك من الجند العظام كتائب
فسيري على جسر الولا بالكتائب •••
عشقتك طفلا يوم كنت نسائما
تهزين مهدي كالغلام المداعب
وقبلت منك الثغر مذ كنت زهرة
تقطرك الأنداء عند المغارب
عشقتك بدرا في السماء منورا
يطل على الدنيا كعين مراقب
فينظر أبناء الوجود محاطة
بأسدال إظلام كأثواب راهب
عشقتك دون البعض روحا تمردت
على كل غدار محاب وكاذب
لقد حطمت دون الجميع قيودها
وسارت بأبطال لها في المواكب
عشقتك دوما أمة مستقلة
ولا شأن في استقلالها للأجانب
عشقتك فوق الكل شاعرة لها
مواهب تسمو فوق كل المواهب
كتبت على لوح الوجود بريشة
لها مهبط الإلهام أكبر كاتب
ألا حرروا هذا الورى من عبودة
هي الذئب كم غال الورى بالمخالب
في 14 تموز سنة 1923
ابنة الأجيال
لمن يا ترى أشكو بمدمعي الهمل
وما لي في لبنان من مخلص خل
لقد كان لي فضل على كل صاحب
فأنكر صحبي كل ما كان من فضلي
أأشكو إلى القانون غدر معاشري
وقد أصبح القانون يوطأ بالرجل
غداة طلبت النور أنكرني الملا
ولما ادرعت الصدق أنكرني أهلي
تمرد فرد من بلادي مرة
وصوب نحوي نبلتين من العذل
لأني لا أمشي على نهج جاهل
يسير شموخ الأنف في ظلمة الجهل
ولو كان ذا عقل يقارنه الوفا
لما حكم الجهل المغرر بالعقل
ولكن تعامى عن هداه لأنه
أصيب من الدنيا بمس من الخبل •••
رأيت فتاة أمس يربطني بها
غرام نما في الصدر مجتمع الشمل
لها في لماها العذب بسمة طاهر
تنير دجى الظلماء من شعرها الجثل
فقلت لها إني على الود قائم
ولكن بعادي سوف يخني على الوصل
فإني سأنأى عن بلادي مسافرا
فلست أطيق الظلم في البلد المحل
رأيت هنا رهطا من الناس آثروا
يد الظلم أن تعلو وتفتك بالعدل
رأيتهم والقيد حول رقابهم
وأيديهم مشدودة الربط بالغل
يقودهم من سافل الخلق زمرة
تحاول نفث السم فيهم كالصل
تبث من الأغراض فيهم مبادئا
أشد بجسم الإجتماع من السل
تريدهم عميا عن النور والدجى
يخيم فوق الحق سدلا على سدل
وتهزأ بالشخص الذي لم يصخ لها
ولكن سواد الهدب أبقى من الكحل
فقالت كن الحق المحرر في الورى
ودع حشرات الأرض تزحف في الوحل
فما أنت ممن يثبط الهم سعيه
وثابر على كشف الظلام بلا مطل
وجودك في الدنيا لتخدم مبدأ
فلا تبنه إن كنت شهما على الرمل
وأمل تعاليم الحياة على الملا
فإن يد الأجيال تكتب ما تملي
ولا تسترق النفس من أجل بغية
ودس حشرات المستبدين بالنعل
فمن يستبح هضم الحقوق لغاية
فذلك أولى بالحقارة والذل
وأنشد مع الأحرار أغنية العلى
فما الحر إلا بلبل المجد والنبل
وما الحر إلا ذلك العامل الذي
تمشى على هام العبودة والذل
هو الحر رمز الحق رمز فضيلة
تسير مع الأجيال في الشرف المعلي
أذاب على جمر الحياة دماغه
وصيره زيتا ينور في السبل
تقول ابنة الأجيال وهي مطلة
من الهيكل الأسمى على عالم النسل
ترى من رأى قبلي الوجود مهدما؟
ومن ذا رأى الأحرار بانية قبلي؟
هنا سكنت تلك الفتاة وحدقت
إلى الملأ الأعلى بأعينها النجل
ومن ثغرها نور المساواة مشرق
يفسر أن الملك في خلقه مثلي
وحرية قد أشرقت من جبينها
ورمز إخاء والسلام على الكل
في 1 تموز سنة 1923
الفتاة الغادرة
مرفوعة إلى شباب هذا العصر
حاذر الحب إن في الحب شرا
فهو نار في القلب تصهر صهرا
إن يكن في الرجال قلب غدور
فقلوب النساء أقرب غدرا •••
وفتاة أعارها البدر نورا
فأضاءت بين الكواكب بدرا
تغمز الكحل في غضاضة جفني
ها دلالا فيرجع الكحل سحرا
رام منها فتى مراما شريفا
كل ما شاءه الفتى كان طهرا
والهوى شارد البصائر أعمى
ليس يدري بما به العقل أدرى
قد أحب الفتي فيها جمالا
وأحبت فيه ثراء وقدرا
ما مضى بعض أشهر الحب حتى
مات عن ثروة أبوه فأثرى
أمه وهي في العفاف مثال
ردعته عنها فظل مصرا
نصحته فما أراد انتصاحا
وغدا يبذر الدنانير بذرا
قال يا أم أي شيء معيب
في غرامي وأي شيء أضرا؟
أنا أهوى فيها فؤادا أبرا
وهي تهوى في الفؤاد الأبرا
فأجابته لا ألومك يا ابني
فربيع الشباب بالحب أحرى
غير أن الفتاة لا خير فيها
فجمال الأخلاق منها تعرى
مل إلى غيرها إذا رمت تهوى
واختبر قبل أن تهور خبرا
فالصبيات قد تكن عهارى
وأزاهير قد تكن وتبرا
قال: تلك الفتاة غرس فؤادي
فدعيها في الحب تزهر زهرا
إنها لي ولن تكون لغيري
وعلي العقبى إذا جئت وزرا •••
هذه قطعة من الماس يا هن
د وذي قطعة من الماس أخرى
زيني صدرك الجميل وسري
فغدا تنظرين في الجيد عشرا
وارتمي في ذراعها مستهاما
فتمنى هناك لو نام شهرا
فهو سكران من غرام شريف
وهي بالجوهر المشعشع سكرى
هند إن الربيع في الحقل بسا
م وعرف الزهور ينشر نشرا
فانشقيه ففيه عطر زكي
واسكبيه على إهابي عطرا
كل ما في الحياة يرنو إلينا
بحنو عساه أن يستمرا
ففؤادي قفر بغير هيامي
وحياتي بغير حبي قفرا
هند يا هند أنشدي لي أيضا
وانظري موكب الدجى كيف مرا
وأفاق الفجر الجميل على صو
تك يلقي على غرامي فجرا •••
مر عام والحب يزداد يوما
بعد يوم والمال يزداد هدرا
وعدا الفقر في طريق هواه
وأتاه الهوى فصادف فقرا
عند هذا تبدلت حال هند
واستمرت إليه تنظر شزرا
لو أتاها وبين أضلعه العط
ف للاقى في صدرها الصلب صخرا
جاءها في مساء يوم ولكن
قبل أن يدخل اختشى واقشعرا
ذاك أن الفتى تسرق أمرا
من حديث قد دار في البيت سرا
قالت الأم: أنت وقر ثقيل
وبقاء الحبيب أثقل وقرا
فمن الجهل بعد أن سيم خسفا
أن يكون الفتى لأمك صهرا
فالجنين الذي دفناه بالأمس
اجعليه في سر صدرك قبرا
فاحذري أن يقال إنك عار
واحذري أن يقال إنك عرى
دخل الصب غير أن شرارا
كان في مقلتيه يسعر سعرا
فاعترى الأم عند مرآه ذعر
ورأى في الفتاة خوفا وذعرا
قال عذرا يا هند إن فؤادي
أخطأ السير معك يا هند عذرا
أنا لم أهو فيك عهرا لأني
طاهر الذيل لست أدرك عهرا
وانثنى هائما على نفسه الثك
لى فلم يستفق ولم يستقرا
وسرى السقم بعد ذلك فيه
ومشى في العظام ينخر نخرا •••
ولدي ليس عندنا اليوم فطر
ومن الأمس لم نذق قط فطرا
فالخوابي فرغن من كل شيء
ومن الخبز لا نصادف نزرا
اتركيني يا أم ... لا تزعجيني
بحديث قد شاخ حتى اسبطرا
فأنا كافر وسوف يراني
كل من مر بي أزود كفرا
ومضى الظلام يسدل سترا
فوقه والعذاب يسدل سترا
ضعضعته ذكرى أمرت عليه
جنحها واستفاق ينفث جمرا
فرأى نفسه أمام فتاة
أنشبت من غرامها فيه ظفرا
فانتسى ما مضى عليه وأحيا
حبه عامل الجمال فخرا
حدقت فيه فترة فتراءى
في لماه أمامها طيف ذكرى
فتناست وحولت عنه جفنا
كان بالأمس ينثر الحب نثرا
هند إني عطشان جرعة ماء
فشفاهي الصفراء يا هند حرى
فمشى في جبينها شبح الغد
ر وفي عينها استوى واكفهرا
وأتته بكأس خمر وقالت:
اشرب الكأس إن في الكأس خمرا
ثم قالت في نفسها: إن سمي
سوف يبقي سري بصدرك دهرا
في 15 شباط 1925
في صائدة سمك حسناء
أترى جاءت لكي تص
طاد في البحر السمك
أم أتت تصطاد قل
بي بلحاظ كالشبك •••
إيه يا صائدة الأس
ماك لست السمكة
حولي الأشراك عن قل
بي وكفي الحركة
إن قلبي عالق في
غير هذي الشبكة •••
عندما اصطادت فؤادي
غادتي ما رحمته
بل رمته فوق كانو
ن هواها وشوته
وانثنت «تلحس» سنا
رتها مذ أكلته •••
نحن صرنا في زمان
لا نرى فيه ملاذا!
سمك البحر كقلبي
ليس من قال لماذا
مثلما تؤكل هذي
تأكل الغادات هذا •••
إيه يا صائدة الأس
ماك لست السمكة
حولي الأشراك عن قل
بي وكفي الحركة
إن قلبي عالق في
غير هذي الشبكة
في 17 أيار سنة 1923
أودك ميتة
أودك جاحظة المقلتين
وطيف الحمام على كل خد
أودك غائبة في ضريح
تنامين في تربه للأبد
ولا تعذليني على ما وددت
ففي ذمة الحب ما قد أود •••
أودك في خاطر القبر سرا
يردد ذكراك في مسمعي
فيهرب منك العذول وآتي
أبلل خديك من أدمعي
وأنزع من جانبيك الفؤاد
وأخبئه في دجى أضلعي •••
فأبلغ إذ ذاك قلب الحبيب
وأنعشه بلظى زفرتي
وأحمل قيثارتي للنشيد
وألقي على الحب أغنيتي
وما من سمير يصيخ للحني
سوى البدر في الليل والنجمة •••
أودك مدفونة في جنان
تضمخها نفحات الزهور
فيلعب بالقرب منك النسيم
وتنشد بالقرب منك الطيور
ويلوي التراب يقبل فاك
فكم في التراب ثوى من ثغور •••
ولكن ولكن أغار عليك
من الترب إن ود أن يلثما
فلا أرتضي غير لثمك وحدي
حرام لغيري ذاك اللمى
فمن أجله قد ذرفت الدموع
ومن أجله قد هرقت الدما •••
لماك لماك من الجلنار
وفيه الهوى قام بالبينات
لعل التراب يضم شفاها
ثمنت تقبله في الحياة
فما بلغت حينذاك مراما
فتبلغ ما تشتهي في الممات •••
لهذا أودك فوق الوجود
وفوق عناصر هذا الفلك
وروحك هائمة كالسراب
تضم ملاكا أتى في الحلك
فأغتنم اللثم منها لأني
أكون ولا ريب ذاك الملك •••
أودك في قبضة الموت صرعى
لأن حياتك تقضي علي
وموتك يا مي عذب لدي
فبالرغم يلقيك بين يدي
وإذ ذاك أقضي سعيدا لأني
أكون وصلت إلى قلب مي
في 27 ت
1
سنة 1922
آلو آلو
بين الحب وقلبي
الحب :
رن رن! آلو!
مركز القلب قلب ذاك الوجيع
ألا يزال مقيما
ما بين تلك الضلوع؟
سكوت! ...
رن رن! آلو!
لي حديث مع الفؤاد طويل
رحلت عنه زمانا
حتى بلاني الرحيل
وجئت أشكو إليه
سقمي وذرف دموعي
قلبي :
رن رن! آلو! «ذاك صوت سمعته من قديم
ترى أصوت عذابي
ترود فيه همومي
أم تلك أسراب حبي
قد آذنت بالرجوع؟» •••
ماذا تريد ومن أن
ت يا أليف البكاء؟
أما اكتفيت شقاء
حتى تزيد شقائي؟
أزعجت حلمي لما
أفقتني من هجوعي •••
لقد شعرت بأني
أمس ذكرى قديمة
ذكرى الشجون وكانت
في جانبي مقيمة
ففي كلامك رمز
لمحنتي وولوعي!
الحب :
أنا سمير العذارى
وقد نكثت عهودي
أنا هزار وقلب ال
شباب يهوى نشيدي
أنا نجوم الليالي
أنا زهور الربيع •••
أنا رباب المحبي
ن في يدي داود
سر خفي ثوى في
ضمير هذا الوجود
ومعبد للهوى أن
جم الظلام شموعي •••
فمنذ تهت وحيدا
وقد تركتك وحدك
ذقت المرارة صرفا
وما تحملت بعدك
والآن عدت لعلي
أرى جمال ربوعي •••
تعال نشدو أمام ال
هوى نشيد الحياة
تعال نشعل زيت ال
غرام بالزفرات
تعال نسقي أزاهي
ر حبنا بالدموع! •••
تعال أو لا فدعني
أمص عذب رضابك
يكاد عهد شبابي
يمضي كعهد شبابك
ولا يزال رضيعا
فيا له من رضيع! •••
تعال نفغر أجرا
حنا أمام السماء
تعال نشرب كاس
الضنا مع التعساء
إن العذاب حياة ال
عظيم مجد الرفيع •••
تعال نعزف أنغا
منا على الأوتار
ولا نكن كسوانا
خرسا عن الأشعار
فجذوة الشعر دوما
تعيش في الموجوع
قلبي :
علام أشعر بالجو
ع يأكل اللحم مني
ولم أر العطف يدنو
من بعد ذاك التجني؟
رحماك يا طيف حبي
لقد بلاني جوعي •••
أسرع إلي وبادر
بالله أسرع إليا
جارت دقائق نومي
وقد توالت عليا
فليس لي من شفيق
وليس لي من شفيع •••
أمسيت بعدك يا حب
باردا كالقبور
تحيط بي حشرات
تدب في ديجوري
وما هنالك إلا
رموز شيء فظيع •••
تعال يا نور ماضي
يا حياة الفؤاد
واسكب ضياءك صرفا
على شديد سوادي! ...
حبي رجعت إليه
وما أحيلى رجوعي!
في 27 شباط سنة 1923
بين الماسونية والإكليريكية
لا يشقنا أرب
نحن كلنا عصب
في نفوسنا خلق
للوئام ينتسب
في قلوبنا همم
في صدورنا رحب
في دمائنا شرف
في عروقنا حسب
في سيوفنا شرر
في يراعنا أدب
نحن أمة غضبت
أن يسوسها الغضب
فالسلام رائدها
لا الشقاق والعطب
ماؤها يمازجه
في مروجها الضرب
كم فوارس أسد
من صفائه شربوا
لا تغركم رتب
حقلكم هو الرتب
فانفضوا ثراه ففي
ذلك الثرى ذهب
كم جلالة رقدت
ملء عينها لهب
في مدافن رصدت
كنز مجدها الحقب
إن للخلود هوى
في البلاد ينسكب
فاحذروا انقسامكم
فالبلاد تضطرب
في 10 أيار سنة 1925
ورب كبير بلبنانه
لقد بلغت بهم الحده
فمن أينا نطلب النجدة
ألست تراهم أولي غضبة
يعيثون بالويل في البلدة
فكل يرى نفسه سيدا
وكل يرى نفسه عمدة
إذا ما تربع في جهله
على مقعد خاله سدة
كريمهم كاللئيم بهم
فما فاضل سيد عبده
أضاعوا الرشاد وما نفع من
أضاع بثورته رشده؟
يقولون نحن عماد البلاد
وما هيئوا للوفا عدة
كأن البلاد لدى حاجة
إلى كذب وإلى إدة
ورب كبير بلبنانه
يعفر في حمأة خده
ترى عنده خدما وقصورا
ولست ترى شرفا عنده
يتيه افتخارا بأجداده
كأن الورى جهلوا جده
يحاول إخفاء ما ينطوي
عليه فتفضحه السجدة
ذليل وفي برده الكبرياء
فيا ليت ما لبس البردة
ويا ليت من ولدت طرحته
ولما تدنس به مهده
ولكنها قردة ولدته
ألا تلد القرد القردة؟ •••
بني وطني نحن في حاجة
إلى نصراء أولي شدة
يضحون بالأنفس الغاليات
لأجل التضامن والوحدة
وفي سبل الحق يأتلفون
ويعتنقون الحجى وحده
إذا أشكلت عقدة في البلاد
خفوا لحل هذه العقدة
إلام تظلون في رقدة
ولا تبعثون من الرقدة؟
إذا قام بينكم مصلح
يقوم جميعكم ضده
فلا تدعوا ظفر المستبد
يحك للبنانكم جلده
وصيحوا به رد ما قد سرقت
سرقت لنا خلقا رده
هدمت لنا صرح أخلاقنا
فأين تبيت ترى بعده؟
وشيدت معبد إفك فهد
أساس مشيده هده
لقد رث ثوب خلعت علينا
ونحن نميل إلى الجدة
فعهد الغموض مضى وتصدى
له عهدنا ناقضا عهده
لقد حان أن يصلت النور حدا
كما استل سيف الدجى حده
لقد كاد يصدأ في غمده
حسام يرى قبره غمده
هديت رفاقي إلى موردي
فضلوا وما طلبوا ورده
وما موردي العذب إلا السلام
يذيب لشاربه كبده
رفاقي وإن فرقتنا الخطوب
سيحفظ قلبي لكم حمده
سيرشقكم بالأزاهر مهما
نكرتم على وده وده
سيذكركم بالجميل إذا ما
نأى وأراد القضا بعده
سيصفح عن كل أشواككم
فشوكتكم عنده وردة
يا سمير الأبراج1
إيه «برناس» هيكل الشعراء
ومصلى الكهان والأنبياء
لا دهاك الفناء بعد بقاء
خالد أنت في ضمير البقاء
لا رأى الدهر غار رأسك يذوي
بعد هذا النضور هذا البهاء
إن غارا على ذراك لمجد
خلدته نوابغ القدماء
حكمة أنت في الوجود ونور
لعقول الجهال والحكماء
سكب الفجر في مراشفها ال
حمر رحيق الخلود للشعراء
إيه برناس والعرائس تشدو
فيك أغنية الهوى والرجاء
سكب الفجر في مراشفها ال
حمر رحيق الخلود للشعراء •••
هيكل الفن والجمال سلام
وسلام يا هيكل البؤساء
سجد المجد تحت قوسك سكرا
ن سجود الفقير للأغنياء
قل لأبنائك الذين استمدوا
شعلة الوحي منك كالكهرباء
إنما البؤس في ترابي ثراء
فردوا المجد من بحار ثرائي
ودعوا الغير يبحثون طويلا
في وحول الغنى عن الإثراء
فلكم من لآلئ النور كنز
فانثروه على طريق الإباء
إنما الشاعر الحقيقي قلب
ذاب حبا على شعاع الفداء
هو روح من السماء استمدت
حكمة الفن من دماغ السماء
هو بان يود تقويض ركن
شيدته مظالم الزعماء
وبناء العلى على ذلك الرك
ن وتلك الأنقاض أقوى بناء •••
هو قيثارة الشعور تناجي
بنشيد الأوتار سر الضياء
فالضياء الأكيد في مقلة الشا
عر لا في النجوم أو في ذكاء
هو نسر له جناحا إله
طائر في مدينة التعساء
ناثر دمعة العزاء على الأر
ض لتشفي تعاسة الضعفاء
هو روح «الخليل» في النجمة الزه
راء تمتص عنصر الزهراء
لتروي به الفنون وتحيي
ميت الشعر في عروق الرواء •••
أي خليل البلاد وفيت قسطا
من فروض عليك للعلياء
فاشدد العزم للنجاء وأكمل
ذلك الشوط يا ربيب النجاء
ما ترى في البلاد بعد اغتراب
أسوى البؤس والبلى والشقاء
إن صدرا حنوت طفلا عليه
لهو صدر مهشم الأعضاء
كل ما في البلاد أمسى غريبا
شوهته مناكل الغرباء
فبلبنان أيم المجد ثكلى
وهي تبكي مصيبة الأبناء
هي تبكي الألى أبادهم الظل
م ووارتهم يد البغضاء
برئت منهم المظالم لكن
أنكرت أنهم من الأبرياء
شهداء العلى قضت وبقينا
في حياة كثيرة الأدواء
إن أطلت من كوة الموت تبصر
نزوات الأرواح في الأحياء
يا قبورا تربع الوحي فيها
ليس من فيك صائرا للفناء
كل جيل يجثو أمامك بالمج
د ويرمي عليك زهر البقاء •••
يا سمير الأبراج في منتهى الأج
واء ماذا في منتهى الأجواء؟
وعذارى الفضاء ماذا أسرت
لك لما أضفتها في الفضاء
كل ليل تزورها فتناجي
ك طويلا في خدرها المتنائي
كيف «فرجيل» والمعري و«هومي
روس» في ذلك المكان الهوائي؟ •••
طربت بعلبك بالولد البر
وبشت له ثغور الظباء
وأطلت من الهياكل سكرى
نظرات الكهان والأنبياء
وجثا الشعر للصلاة جثو ال
مؤمنين العفاة والأمناء
يا نديم الرؤى عليك سلام
وسلام يا سيد الشعراء
في 20 تموز سنة 1924
المصدورة
وضع الكاتب الإفرنسي «جول لوماتر» هذه الرواية نثرا، فأخذ الشاعر موضوعها، وتصرف بها تصرفا مطلقا، فمشاهد الفتاة المريضة أمام الرؤيا ووصفها المنطبق على حالتها لا أثر لها في الأصل الإفرنسي .
1
بين تلك الربى وذاك الورد
فوق حصباء شاطئ لازوردي
تحت أفق كالخد أو كالفرند
أملس عطرته نفحة رند
فسرى الطيب في الفضاء زكيا
كان داود دائما يتردد
وعلى صخرة يهيئ مقعد
فإذا مالت الغصون تنهد
وانجلى عنه حزنه وتبدد
وتناسى عهد الشقاء القصيا
كان حلو الحديث عذب الطباع
شاعرا مصغيا لكل التياع
إن رأى أدمعا بكت لدواع
ذرف الدمع من عيون اليراع
راسما مشهد الحياة شقيا
كلما كان جالسا يتأمل
في السواقي ذات الزلال المسلسل
كيف تجري بدون أن تتمهل
ثم تنصب جدولا إثر جدول
بين ورد الربى فينمو نديا
كان يمضي أمامه امرأتان
كرخام القبور صامتتان
تنظران الربيع بعض ثوان
ووراء الأدغال تختفيان
كخيالين من سعاد وميا
كهلة قد تناهز الخمسينا
وفتاة لا تبلغ العشرينا
حملت في الضلوع داء دفينا
فهي تسلو الآلام حينا وحينا
تبصر الموت دانيا يتهيا
مقلتاها ما عادتا مقلتيها
فهما ميتتان في جفنيها
ويداها في الداء غير يديها!
أيها السل لم جنيت عليها؟
أولا ترحم الفؤاد الفتيا؟!
2
بعد شهر كأنما هو عام
نسجت فيه بردها الآلام
شاء داود أن يكون سلام
وابتسام ما بينهم وكلام
وحديث عن الفتاة فحيا
ودرى بعد ذاك أن أباها
مات بالداء نفسه وأخاها
فبكى راثيا جمال صباها
وابتساما مودعا في لماها
وشبابا يموت شيئا فشيا
أمها وهي أثكل الأمهات
بعد تلك المشاهد الماضيات
لم تكن تستطيع بالبسمات
ردع مصدورة عن الحسرات
فابتسام الحزين كان عصيا
طالما ذكريات تلك المشاهد
عاودتها والليل سكران ساهد
يوم كانت تبكي أمام الوسائد
حيث مات الوليد بعد الوالد
تاركين الداء المخيف الخفيا
رب قالت يا رب هذا الوجود
ورجاء الشقي والمنكود
قد كفاني في شقوتي وجهودي
موت زوجي الفتى وموت وحيدي
فاشف بنتي وكن شفيقا عليا
3
ذات حسن كالفجر في نيسان
لامسته أنامل الأحزان
وبياض كالثلج في لبنان
وحديث يذيب في الآذان
نغما للحياة موسيقيا
مقلتاها رمز الفؤاد الوجيع
ولماها استعار لون الشموع
هكذا هند وهي بنت الدموع
كان يبدو شبابها في الربيع
إن قلب الربيع كان عتيا
ذات يوم وقد تدانى الغياب
جلست هند في يديها كتاب
قرأت فترة وجاء الضباب
فمضى فيه جفنها المرتاب
تارة ساهيا وطورا بكيا
هند لم أنت تنظرين الضبابا
بعيون ذابت وقلب ذابا
أفهذي رؤى تريك الشبابا
يتلاشى ويستحيل ترابا
قبل أن يبلغ الحياة قويا؟
4
جاء هندا داود بعد الظهور
فرآها والأم بين الزهور
في يديها قماشة من حرير
طرزت بعضها بفن خبير
فبدا الفن في يدي هند حيا
قال هذي لمن «ببعض ابتسام»
إنها مثل برنس لغلام
فأجابت بزفرة الآلام:
لفتاة تزوجت منذ عام
فهنيئا لها الزواج هنيا!
فأتاها عند الضحى فرآها
وكتاب يهتز في يمناها
فإذا عينها تعير انتباها
صفحة «ود لو يعي فحواها»
وقفت عندها الفتاة مليا
فمضى خلف ظهرها بتأن
فرآها تتلو ببأس وحزن
بيت شعر قد قاله منذ قرن
شاعر وهو: يا أبي لا تمتني
قبل أن أعرف الهوى العذريا
5
أبصرت هند وهي تفكر بالغد
من خلال الأحلام قبرا أسود
رقدت فيه غادة ما تنهد
صدرها في الحياة حتى توسد
تربة ضمت الظلام الدجيا
وتراءت لها عروس القبر
تنحني فوق وجهها المصفر
في يديها باقات ورد وزهر
نثرت فوق رأسها والصدر
وأفاحت أريجها العطريا
وتراءت لها البنات العذارى
راقصات بحبهن سكارى
يتبارين ما الشباب تبارى
بجمال يهيج الأوتارا
في يدي عازف جميل المحيا
وفتى ناظر بعطف إليها
رابه السقم في كلا خديها
خائف من دم على شفتيها
قاءه ما جنى على رئتيها
وسعال به الردى يتقيا
وتراءى لها خيال مخيف
بين أهداب مقلتيها يطوف
في يديه مشاعل وسجوف
مثلت دورها عليها الصروف
فتراءى لها الردى علنيا
واستفاقت لدى ارتعاش عنيف
دبه الخوف في صباها الضعيف
فتلاشت كالحلم رؤيا الطيوف
وتوارت أمام دمع ذريف
كان سحرا في عينها بابليا
رب قالت ألم تهبني الميولا
وحديثا عذبا ووجها جميلا
فلماذا أرى الشباب بخيلا
لا يرى وجنتي حتى يميلا؟
عن جمال يذوب في وجنتيا
يا إلهي ألست يوما ألاقي
عاشقا بين معشر العشاق
راحما في فؤادي المشتاق
غير دمع يجول في آماقي
وعذاب يضيء في مقلتيا؟!
6
يا ابنة الداء يا ابنة الأرماس
يا خيالا يسير في ديماس
اقتصد ما استطعت في الأنفاس
إن رسم الآلام والأوجاس
عن قريب سيمحي سريا
أنت لم تدر كيف شيئا فشيا
يقضم الموت جسمك الملكيا
يا ملاكا أضلك الدهر غيا
في زمان ما كان قط وفيا
فاحي فينا ولا تكن منسيا
سوف تمضي إلى ديار البقاء
بعد تلك الأسقام والأدواء
طاهرا كالزنابق البيضاء
حاملا مشعل الأسى والبكاء
في فؤاد قضى الحياة نقيا
سوف يغمى عليك في ذا الوجود
بعد حين إغماء روح الورود
تاركا في فؤاد كل ودود
راء في وجهك اصفرار الخدود
ذكريات شفافة كالحميا
7
قال داود ذات يوم لنفسه
وهو يجلو بالفكر غامض درسه
أي فضل يبقي الفتى بعد رمسه
إن أبى رحمة التعيس بتعسه
وانعطافا على الشقي سخيا
ليس أنقى من زهرة الإحسان
فوق صدر المجاهد المتفاني
إن أكن زوج غادة الأحزان
أفليس الإنسان للإنسان؟!
أفما كنت في الحياة وفيا؟!
سوف تحيا بالحب تلك الفتاة
هكذا قد أرادت التضحيات
فليضئ بين مقلتيها الممات
فالمنايا عند الهوى هينات
فلتذق ذلك الهوى الكوثريا
ومضى الشاعر الطويل الأناة
باسطا أمره لأم الفتاة
قائلا: إن مهجتي وحياتي
وجهادي وكل أمنياتي
تتمنى لهند عيشا رخيا
سوف تحيا هند السنين الطوالا
ليس داء الفتاة داء عضالا
فثقي بي وأنعشي الآمالا
أنا مثر فلست أطلب مالا
بل جمالا عذبا وخلقا أبيا
سوف تشفى من دائها بعد عام
سوف نحيا بغبطة وسلام
وثقي أن هند ذات السقام
ستراني أخا مع الأيام
لا عشيقا لجسمها وحشيا
فبكت أمها لهذا الكلام
بعيون تشع بالأحلام
ولدن أيقنت بصدق المرام
شكرته بمدمع بسام
كان بالحزن والنواح حريا
8
هند إني أهواك أهوى جمالا
يرشق الحب من لماك نبالا
قال هذا وقد رأى الآمالا
راسمات في مقلتيها خيالا
طاهرا في جماله ملكيا
فأجابت وقد عراها السكوت
بعض حين كأنه هاروت
كيف تهوى ألا تراني عييت
مقلتي تنطفي وقلبي يموت
ويجول التراب في خديا ؟
قال لا بل تحيين عمرا طروبا
وترين الحياة عيشا خصيبا
فأنا عاقل سألت الطبيبا
قال لي: هند سوف تشفى قريبا
وترى لون خدها الورديا
9
مر بالعاشقين أسبوعان
هيآ فيهما جهاز القران
والربيع الجميل في نيسان
كان يزهو بالفل والريحان
ساكبا ذلك الندى اللؤلؤيا
بحرير مزركش ومخرم
وطراز على النوافذ معلم
هكذا غرفة الزفاف الأقتم
برزت وهي تستعد لمأتم
بجمال العرس الرهيب تزيا!
وسرير أعد فيها صغير
ألقيت فوقه ستور الحرير
لعبت أنمل النسيم الطهور
بحنايا ردائه المنشور
فاستطار الرداء نشرا وطيا
وهنا بعد عرسها الملكي
ظهرت هند كالصباح البهي
بنقاء ككل قلب نقي
وبياض كثوبها الزنبقي
ودلال يفوح طهرا وريا
10
ما لتلك الفراشة السوداء
تتغنى في الغرفة البيضاء
جنحها حالك كقطع الرجاء
وغناها الرهيب رمز البكاء
خاله المبتلي غناء شجيا!
ذات يوم وقد تدانى الظلام
خفقت في ضلوعها الآلام
فترامت وقد تراءى الحمام
مستفيقا في عينها لا ينام
ينتحي عالم الدجى الأبديا
واستفاقت قبل الممات الرهيب
فرأت زوجها كثير الشحوب
يا حبيبي قالت له يا حبيبي
حان موتي وجاء وقت مغيبي
فعذابي يثور في رئتيا
غير أني أمضي لدار البقاء
بسرور وغبطة وصفاء
فأنا رغم علتي وبلائي
ذقت طعم الهوى كباقي النساء
وعرفت التآلف الذهبيا
وارتمى رأسها ارتماء يديها
وتلاشى اللهاث في مرشفيها
فبدت والدماء في شفتيها
مثل شاة بيضاء ألقى عليها
شرس القلب سهمه الدمويا ...
أي ذنب جنته تلك الصبية
ليجازى شبابها بالمنية
رب! إن كان أصل تلك الضحية
والد أورث السموم الخفية
فصباها لم يأت أمرا فريا
رب! لم أنت تظلم الأبرياء
وتزيد العاني الشقي شقاء
هم يقولون: هكذا الله شاء
فاحترم فيه حكمة علياء
واحبه الشكر بكرة وعشيا!
ولما كبرت
بلوت الحياة فما من أنيس
يؤاسي همومي وما من صديق
تقول لي انهض وإما رأتني
مجدا تقف عثرة في طريقي
فيا رب أطفئ سراج شعوري
لأصبح ذا بصر مستفيق
وأخرس بصدري الشباب فإني
أود استماع فؤادي الحقيقي •••
لقد طال عهدي بالظلمات
ولم أستنر بسوى الظلمات
كأن الدجى مشعل في فؤادي
تزينه بالشقاء الحياة
فما الزهرات أمام عيوني
سوى ذكريات الهوى الماضيات
تمر بمشهدها المستحب
وتذبل كالأزهر الذابلات •••
أقضي ليالي في مخدع
بكى والدي حظه فيه قبلي
فكم زارني فيه من زائر
وأبصرني بالدموع أصلي
نشأت تشف بي الحسرات
فتضوي فؤادي الكئيب وتبلي
تمرد كل غريب علي
ولما كبرت تمرد أهلي •••
أرى الليل يفتح إيوانه
ليستقبل الأجفن النائمة
ونفسي هائمة في فضاء
تخوف من نفسي الهائمة
فيا من له الأعين الباسمات
أنرني بأعينك الباسمة
تعال وأغمض ذبول جفوني
بأنملك البضة الناعمة •••
تعال إلي فقد سكت الطي
ر والليل منسدل فوق عشه
وقد نام فلاح تلك الحقول
وفي جنبه ما جناه برفشه
فكم ملك أيها الليل يبكي
أمام جلالك فقدان عرشه
وكم بائس ظلمته الحياة
يخال سوادك ظلمة نعشه •••
تعال وأنشد على مسمعي
أغاني الهوى بلغات الخلود
وخذ ذكرياتي إلى عالم
يطيب لروحي فيه السجود
فهذي الحياة ثمالة كأس
سقاها رجيم الردى للوجود
فدعني أنلها بقايا جمادي
لتمتصها حشرات اللحود •••
تعال فإن دقائق عمري
تمر على مهجتي راحلة
وقد حملت ليد اللانها
ية اكياس آمالي الزائلة
غدا إن رأيت خيال الحمام
يمر على وجنتي الناحلة
تعال وضع قبلات الوفاء
على شفة المائت الذابلة •••
وفي الغد حين تمر السنون
حيارى على خدك الناعم
وتنزع عنه سناء الجمال
ويبقى سنا روحك الدائم
ستذكرني ملقيا هامتي
بعطف على صدرك النائم
وأسمعك الشعر عذبا طريا
كسحر بمرشفك الباسم •••
فيا من ظهرت لريق قلب
ي في عالم مقفر منتن
وأشعلت في ليلي المكفهر
مشاعل حبك في أعيني
وقلت لقلبي كن عاشقا
فكان وفاض من الأجفن
تعال إلي ولامس فؤادي
ولا تخش من جرحي المزمن
في 8 آب سنة 1924
الشبل الرابض
جثم الليل بأحضان التلال
حالك البردة منشور الظلال
كخضم غرق الهم به
فاعترى أمواجه صمت الجلال
وأنا في مخدعي لا تنثني
عن جفوني مردا الشهد الطوال
في فؤادي من غرامي صورة
وعلى عيني من حبي خيال •••
هو ذا البدر بأبهى رونق
صاعد خلف جبال المشرق
غرقت هالته في غيمة
كدموع غرقت في حدق
أو كأحلام ليالي وقد
ذوبت بين بخار أزرق
فتراءى الليل سكران بما
ذاب في مرشفه المحترق •••
يا فتاة بين جنبي هواها
لك عندي حرمة ربي رعاها
كان في صدري آمال وقد
مر إخفاقي عليها فمحاها
إن في عينيك آثاري فلا
تنكريها عزز الله بقاها
فهما مرآة قلبي في الهوى
كم أرتني مهجتي عند رؤاها •••
يا فتاتي تحت زهر الياسمين
قد تعاهدنا على حب أمين
لا يزال الزهر بساما لنا
شاهدا عدلا على تلك اليمين
فاذكري ذلك والدمع الذي
قد ذرفناه بشوق وحنين
كان ذاك الدمع ماء منزلا
عمد الحب بدين العاشقين •••
يا فتاتي كان لي مسعى وقد
صفرت منه عيوني ويدي
إن يكن أخفقه الحظ فلا
بد من يوم نهوض في الغد
أنا في العشرين عفوا إنني
أمرد لا تعبثي بالأمرد
إن للأشبال ساعات دد
وكذا للصب ساعات دد •••
يا فتاتي إن تكوني تفخرين
عندما أذكر بين النابهين
فليكن فخرك قلبي إنه
ذاب من أجلك في كأس الأنين
وإذا ما افتخر الناس غدا
فافتخاري بشعار البائسين
ريشة من قصب علقتها
فوق تاريخ الرجال الخالدين •••
ريشة من قصب ناجيتها
وأنا ألثم هاتيك الخدود
إن أكن ناجيتها منذ الصبا
سوف من بعدي يناجيها الوجود
سوف من بعدي تبقى أثرا
يرسم المجد على لوح الخلود
ويطل الدهر من كوته
ليراها كيف ترمى بالورود
في 3 أيار سنة 1924
أمام مهد سعاد
ارقدي ارقدي فغير الرقاد
ليس يحلو لأعين الأولاد
أنت في المهد مثل زهرة فجر
أنعشتها يد الندى في الوادي
يا سعادا هذي عيون العذارى
باسمات جميعها لسعاد
ساكبات في طهر قلبك نورا
من سراج النفوس والأكباد
ارقدي واحلمي فحلمك عذب
يا سعادا كالسلسبيل البراد
ودعي أمك الحنون تناغي
ك بصفو الحنين والإنشاد
يا ملاكا ما أنت في المهد إنسا
نا كذاك الإنسان عند الرشاد
أنت ما زلت في سريرك روحا
كبلتها يد بقيد الجماد
أنت لا تعرف العباد ولكن
قذفتك السماء بين العباد
أهناك اقترفت ذنبا فجوزي
ت بنفي في عالم الإضطهاد؟ •••
يا سعادا غدا نراك فتاة
تسكبين الهوى بكل فؤاد
ويصب الشباب في كأس جفني
ك رحيق الجمال للوراد
فاحذري حينذاك راصدة الكأ
س فعين الحياة بالمرصاد
لا تخوضي الهوى فما هو إلا
نزوات الأرواح في الأجساد
يا سعادا غدا ترين قدودا
مسكرات تباع بيع المزاد
وعيونا للحسن تنفث فيها
حشرات الأقذار كحل الفساد
حافظي حافظي على طهر هذا ال
غصن غصن الطفولة المياد
ودعيه ينمو ففيه ثمار
طيبات لكل غرشة صاد
إنما أثمار الطهارة تحيا
من مهود الصبا ليوم التنادي
وإذا مرت العشي عليها
فهي منثورة على الألحاد! ... •••
ارقدي يا سعاد فالنوم عذب
لفؤاد ما ذاق طعم السهاد
وابسمي فالحياة تبسم في المهد
ويغفو السلام تحت الوساد
في 13 نيسان سنة 1924
قبل الرحيل
أذكره وكيف لا أذكر
لبنان فيه المسك والعنبر
هواؤه الطيب روح الصبا
وماؤه أكدره كوثر
أشجاره ذاهبة في الفضا
يروع منها ذلك المنظر
كأنها المراد قامت على
آكامه ساهرة تخفر
نبع الصفا يقطر من صدره
والروض سكران فلا يشعر
كأنما أمواهه خمرة
مذ يستقيها روضه يسكر •••
وزحلة شوقي إلى زحلة
كأنها في حسنها جؤذر
حوراء والعشاق ترتادها
وكل من يعشقها أحور
كم قد تبارى الشعر في وصفها!
وكلنا في وصفها قصر
سماؤها وحي وأزهارها
شعر وبردونيها أسطر
كم أنجبت من شاعر نابغ
إذا انبرى في موقف يسحر
كأنما هاروت في شعره
بالرغم عن إخفائه يظهر •••
والأرز شد الخلد أعصابه
فكل طود عنده يصغر
جبابر الأيام في مجدها
مرهونة لأمرها الأعصر
يا أرز لا يطوى الفخار الذي
كان سليمان له ينشر
فاصبر على الدهر فما غاية
ضاعت لمن كان لها يصبر
هويت لبنان ولا أنثني
عن حب لبنان ولا أدبر •••
لي فيه شطر من حياتي ولي
من مهجتي في صدره أشطر
لي فيه بدر مشرق نير
له جمال مشرق نير
يبذر نورا في رياض الهوى
فأنثني أجمع ما يبذر
كم ليلة أحييتها قربه
والحب يعطينا ولا يخسر
كأنه «رتشيلد» في عزه
كأنه «روكفلر » الموسر
والليل فيه قمر كامل
كأنه عبد لنا أعور
يا «أولغا» مر الصفا عابرا
كل صفاء في الورى يعبر •••
وفي فؤادي أدمع كلما
فاضت ففي آهاته تعثر
يا جؤذرا ما «مي» في كل ما
أنظم إلا أنت يا جؤذر
أنت الذي أوحيت شعري فلا
أجحد ما توحي ولا أنكر
في عينك النجلاء سر الهوى
وفي لماك العذب ما يسكر
وفي ثناياك هوى طاهر
وبين جنبيك هوى أطهر
سأذكر المرجة في الفجر إذ
أبكرت كالحسون إذ يبكر
مذ شرفت رجلاك أعشابها
حنى بلطف ذلك الأخضر
أودعت عندي مهجة لم تخن
قلبي على إكرامها يسهر
قطرت لي الود فهل في السما
صفاوة مثل التي تقطر؟ •••
لي كل هذا في بلادي ولي
في البيت أخت شعرها أشقر
ضحاكة كالزهر في روضه
رقاصة غناجة تخطر
صغيرة السن لها أعين
زرق وخد أبيض أحمر
وحاجب كالسيف إن حدقت
عن غضب يخافها «عنتر»
1
الأسود الحالك في لونه
إذا مشى أمامها يفخر
هر له في عينها جاذب
وفي حشاها جاذب آخر
إن وفق الحظ له فارة
يسرع في ساعته يخبر
كأنه وهو على كتفها
إسكندر الأكبر أو قيصر
أو غليم الثاني على عرشه
الله من سطوته أكبر
أخت ويا لله من جورها
يأتمر الكل إذا تأمر
فرض على البيت وما فيه أن
يبقى على مرضاتها يسهر
إن طلبت شيئا ولم يؤتها
جميع ما تصدفه يكسر
الويل للأكؤس من شرها
ويل الكراسي إذا تنفر
والبيت يا لله من ذكره
يحيطه بستانه الأخضر
تنظر للأشجار فيه ولا
يعجبها إلا التي تثمر
تحبني حبا شديدا بلا
حصر وحب الأخت لا يحصر
حبا يضاهي الأرض طرا وما
قد حملت في قعرها الأبحر
من سمك يسبح في مائها
ومن شخاتير بها تمخر
ومن رمال كثرت حولها
فحب أختي هو لي أكثر
كم مرة أفرغت وقتي لكي
أسمعها تنشد ما تذكر
فتسكر الآلام في مهجتي
وصوت أختي خمرة تسكر
تنظر في عيني طورا ولا
أحزر ماذا فيهما تنظر
وتارة تفرج عن مبسم
يلمع فيه الدر والجوهر
كم مرة جاءت إلى مكتبي
بينا أنا أنظم أو أنثر
فبعثرت أوراقه والهوى
في مهجتي كان لها يشكر •••
سأهجر الأوطان لا كارها
لكن لأسباب دعت أهجر
رجالها مأجورة جلها
كأنها الآلة تستأجر
في أرض زغلول سأمسي غدا
هل يا ترى يصفو لي المعشر
أنا أسير في بلادي فهل
في مصر أفكار الفتى تؤسر
ما مصر إلا زهرة في العلى
والنيل من برعمها يقطر
فالحر فيها أسد رابض
إذا دعي للوثب لا يغدر
يحرسها فرعون في قبره
فرعون حي فيه لا ينكر
العنبر الفياح في تربه
والمسك في أرجائه أذفر
كالليث إذ يزأر في تخته
عرينه يعرفه «الأقصر»
لبنان أنآه ولكن له
ذكر بقلبي وهوى أطهر
عسى أراه مرجعا مجده
لبنان فيه المسك والعنبر
في 15 آذار سنة 1924
بعيدا عن هذا العالم
هذي الحياة كمستشفى تنام به
مرضى الوجود ولا تشفى من الداء
كأنما الداء مخفي بأنفسها
سر عصى كشفه علم الأطباء •••
سألت نفسي يوما وهي باكية
كأنها ضجرت ما بين أعضائي
يا نفس إن كنت في لبنان يائسة
هذي «دمشق» تناغينا بإصفاء
الماء في «بردى» عذب مرقرقه
كأنه لؤلؤ في عين حوراء
والطقس معتدل فيها وصافية
سماؤها وهي بين الزهر والماء
فلم تجبني وظلت وهي صامتة
ترمي عيوني بأنظار وإصغاء
كأن في نفسها سرا تحاول أن
تخفيه والعين تجليه بإفشاء
فقلت هذي «فروق» إن سكنت بها
سكنت يا نفس أرضا للأشداء «فروق» يحرسها «البوسفور» منظره
يفيق في كل صدر مجد آباء
إذا تأمل «قرن التبر» شاطئه
تأمل المجد في أحضان علياء
والشمس تسكب في الأمواه مهجتها
بسامة عن حلى في ثغر عذراء
وهذه مصر والأهرام ترمقها
بعين فرعون عن ألحاظ حسناء
كأنها وهدير النيل يطربها
عشاقة الفن بين الشعر والنائي •••
فلم تجبني هل خرساء نفسي أم
جيئت بجنية شمطاء خرساء
فقلت يا نفس إن تهوي السكون فما
في الكون غير حزازات وشحناء
فلنسكن القطب حيث النجم ساطعة
تصبي النفوس بأنوار وأضواء
هناك لا حقد ترتاع النفوس له
ولا لهاث من القوم الأرقاء •••
إذ ذاك نادت بصدري النفس قائلة: «أيا سكنت تجد حكما لإرضائي
بشرط أن تنثني من عالم كثرت
فيه الحزازات من ظلم وبغضاء!»
في 20 شباط سنة 1924
الفضيلة
بكت وهي صرعى من هموم تحيقها
كبائسة في الناس ضاعت حقوقها
وصارت توالي بالشهيق أنينها
فأسمعني لحن الحياة شهيقها
وألقت على صدري من الحزن رأسها
غريبة دار قد نآها صديقها
وأدمعها كانت رحيقا مذوبا
فأسكر قلبي المستهام رحيقها
ولما استتب النوم في غلف عينها
ونام «كما نام الجريح» خفوقها
سكت فلم ألهث حذار تنهدي
يمر على أجفانها فيفيقها
وكان ظلام الليل يرخي سدوله
وأنجمه يذوي النفوس بريقها
كأن شعاع الزهر في شاسع الفضا
سهام على قلب الوجود مروقها
فقلت وفي صدري من الدمع بركة
تحمل أقذار الحياة عميقها
إذا كانت الظلماء فينا منيرة
فأحرى بها ألا يزول غسوقها
أحق بنا الظلماء من كل وجهة
ففينا وجوه يستبد صفيقها
وفينا حزازات إلى البغي تنتمي
وفينا شفاه من طلى الحقد ريقها •••
نظرت إلى من خدد الدمع خدها
فألفيت شمسا لا يغيب شروقها
كأن نثار الدمع تبر بعينها
يذوبه فوق العقيق مريقها
فقلت عزيز يا بني الشرق أن نرى ال
فضيلة يمشي في المكاسد سوقها
تهيم ولا تدري طريق نجاتها
كأن ضلال العالمين طريقها
هي الزهرة البيضاء في عوسج الورى
يحف بها شوك الخنا ويحيقها
وقد عصفت ريح عليها شديدة
فنثرها مثل الدموع خريقها
هي النجمة الزهراء في حدق الدجى
يسامرها بدر العفاف شقيقها
ولكن غيم الجهل لاصق نورها
فحجبها عن كل عين لصيقها
هي ابنة آمالي ولكن سجينة
تناسى هواها الكل حتى عشيقها
يشوق فؤادي أن يراها طليقة
ولكن قيود الظلم ليس يشوقها •••
غفت ملء عينيها ولكن روحها
تردد في صدر الحياة زهوقها
كأن الذي أخنى عليها بجوره
إلى هوة الإعدام جاء يسوقها
أشاح خيال الحب عنها بوجهه
وأعرض عنها في الحياة رفيقها
فما وجدت إلا المدامع مؤنسا
لذلك في كل الظروف تريقها
في 29 آذار سنة 1924
إلى شاعر القطرين1
ألا تبصر الأغصان بللها القطر
فمالت سكارى لا رحيق ولا خمر
أطلت عذارى الشعر من فرجاتها
لها من بنان العشب أقلامها الخضر
أطلت وكانت هاجعات عيونها
يذوب في أحلامها ذلك السحر
كأن نداء من صديق أفاقها
فهبت وفي سيمائها يبسم البشر
ولما رأته حدقت في جبينه
فأبصرت التذكار آلمه الهجر
ولم تقو عن مسك الدموع فأسبلت
على خدها الوردي أدمعها الحمر
خليل وفي ترب البلاد شهادة
هي المجد باق في بلادك والفخر
أجل مقلة الإلهام في عرصاتها
تجد أثر الأفراخ يا أيها النسر
هي الأسد حال الصمت دون زئيرها
فسالت مآقيها وليس لها زأر
لئن جنحت أرواحها عن لبانة
فما جنح المجد المخلد والذكر •••
بلادك هذي يا خليل فإنها
حليلتك الأولى إذا فخرت مصر
فمن مائها رويت شعرك ريقا
وفي روضها شبت قصيدتك البكر
هنا تحت هذا الأرز تحت جلاله
وتحت غصون قد تفيأها الدهر
سجدت خشوع القلب في ريق الصبا
تناجي لهاث الأنبياء وقد مروا
فكم وقفة في بعلبك وقفتها
تراقب مسرى البدر تتبعه الزهر
كموكب جن قد أطل من الفضا
ليشهد أطلال الردى وبه ذعر
أما بعلبك اليوم كالأمس زخرها
يكللها في كل دارسة زخر
أما برحت في لبة المجد زهرة
يقبلها التاريخ وهي له فجر
فما تلكم الأنقاض إلا حوادث
على جبهة الأيام سطرها السر
وما الهبوات السود في جنباتها
سوى عبر الأزمان تلفظها الجدر
ألا فانفض الأيام عنها بفكرة
هي النور من زيت النبوة والشعر
لتطلع «جوبيتارها» فهو رابض «كنيرون» لكن ليس في صدره غدر •••
وكم وقفة في ربع زحلة أطلعت
عليك قريضا دونه الماس والتبر
فتنثره في الكرم طورا وتارة
على هضب الوادي يشتته النثر
وفي قطر مصر كم تذكرت زحلة
فأبكاك «بردونيها» ذلك القطر
لدن كنت مع صنو صغير مغنج
له طلعة حسناء يغبطها البدر
لدن كنت طفلا والحبيبة طفلة
حواليكما حب وبينكما إصر
ونكهة عود المندلي شذية
على ضفة النهر الجميل لها نشر
فزحلة ما زالت وما زال نهرها
فذاك هو الوادي وذاك هو النهر
فأنشد كما أنشدت في سحرة الهوى
فمن ذكريات الأمس في زحلة شطر
في 5 حزيران سنة 1924
لي عاشق
لي عاشق جل قدرا
في العاشقين
يبين في الليل بدرا
للساهرين
وفي النهار
شمس الوقار
تحت إزار
من ياسمين
يدمي له الحب خده
من نظرتين
وما الهيام
فيه حرام
له قوام
كالحربتين
فكم سقاني رضابا
من مرشفيه
وما دفعت حسابا
ولا جنيه
وما لبثت
حتى سكرت
ثم أفقت
بين يديه
في 25 تموز سنة 1925
ضيع القالب
ومليح أخذته صاحب
رغم سعي العذول والعاتب
هو لص أسكنته قلبي
مع أني عرفته سالب
وجهه معبد للعذارى
ومصلى وشعره راهب
كتب الحسن آية عنه
بارك الله ذلك الكاتب
أتقن الله فنه فيه
وأجاد التنسيق في الحاجب
فكأني لما انتهى منه
مبدع الخلق ضيع القالب
في 5 آب سنة 1922
دعيني أموت
دعيني أندب كالثاكل
فلست سوى عاشق راحل
حملت الهوى في فؤادي الضعيف
فأثقل حمل الهوى كاهلي
دعيني أموت فإن الزمان
تردد في قلبي الناحل
وإن الدقائق قد أسرعت
بصدري في سيرها العاجل
دعيني أموت فإني فتى
تحملت فوق قوى الحامل
قطعت هضاب الحياة صغيرا
وصرت قريبا من الساحل
دعيني أموت ولا تنثري
دموعا على هيكل خامل
فدمع الهوى من بنات الخلود
فلا تهرقيه على زائل
دعيني أموت فحظي التعيس
هوى مع كوكبه الآفل
دعيني أموت فصخر رجائي
تحطمه موجة الباطل!
وما كنت أومله سابقا
خدعت به خدعة الجاهل
في 17 تشرين الأول سنة 1920
ذكرى الآلام
يا من ترى الدنيا بثغر فتاة
إياك أن تمشي على خطواتي •••
في الثغر شهد حلوه مر
ولكم سقاني ذلك الثغر
في مرشفيه ينطوي سر
يخفي الدموع ويظهر البسمات •••
لا تجتهد في الأرض كي ترتاحا
الأرض ليل لا يريك صباحا
خذ في يمينك دائما مصباحا
كيما يقيك غوائل العثرات •••
كم قد رقبت مطالع الأقمار
ما من سمير لي سوى أشعاري
حتى إذا حطم الهوى قيثاري
أوتاره انقطعت عن النغمات •••
لما شعرت بأن للحب
قبرا جوانبه من الترب
واريت في أعماقه قلبي
وخلوت بعدئذ لتذكاراتي •••
جسدي انضنى لم يبق إلا نصفه
والنصف مقترب إليه حتفه
ومن الهوى لم يبق إلا عرفه
يسري إلي ضحى مع النسمات •••
بالأمس كنت وفي يدي كاسي
أرعى الهوى في قلبها القاسي
واليوم صرت وفي يدي راسي
أذري الدموع وأطلق الزفرات •••
بالأمس كنت وكل آمالي
مطروحة في صدرها الغالي
واليوم وا أسفي على حالي
أمست وقد بليت مع الأموات •••
يا من ترى الدنيا بثغر فتاة
إياك أن تمشي على خطواتي •••
إياك أسياف الردى مسلولة
وقلوب أصحاب الهوى مقتولة
انظر إلى حالي وخذ أمثولة
أوما ضللت على طريق حياتي؟
في 1 تشرين
2
سنة 1922
أجد الشباب يلوح منتعشا
ضيعت في هضب الهوى رشدي
وفقدت ما أبقى الحجى عندي
وسعيت نحو المجد مجتهدا
فهويت دون مدارك المجد
أجد الشباب يلوح منتعشا
وأنا نحيل أصفر الخد
في كل ليل جار أسوده
يبني الردى حجرين من لحدي
بعد الكرى عن مقلتي كما
بعد الفتى الصادي عن الورد
فكأن أهدابي ظبى برزت
لتحول دون النوم بالسهد
لو كنت تعلم يا أبي وأنا
طفل مصيري العادم السعد
لبكيت عند ولادتي ندما
وخنقتني وأنا على مهدي
يتهامسون علي من أسف
هو سيف عقل مرهف الحد
إن كنت سيفا للحجى فأنا
لم يمتشقني الدهر من غمدي
أردتني الأيام طاعنة
صدري بأسياف لها تردي
وأنا فتى ما زلت أجمع من
روض الصبابة والهوى عقدي
عاثت صروف الدهر في جسدي
بمخالب كمخالب الأسد
ويلاه! أشباح الردى قربت
ماذا سعاد تصير من بعدي؟
أماه! أين أبي فإن له
عندي شئونا ضيعت رشدي؟
أأبي رعاك الله كيف ترى
خلفتني وتركتني وحدي
هل كنت مثلي يائسا تعبا
فعثيت في الدنيا على جدي؟
لا بأس نم والروح طاهرة
فإليك وجدي لم يزل وجدي
في 15 تشرين
1
سنة 1922
خاطرة
هذه الكائنات بادت سراعا
قصفتها المنون قصف الغصون
سائل الكتب والتواريخ عنها
واقرأ الخبر في سجل القرون
ليس عمر الإنسان غير منام
تتمشى أشباحه في العيون
رثاء سليمان البستاني
لا تنوحي على ذهاب العميد
فسليمان في ضمير الخلود
إن قضى قائد اليراع شهيدا
فلقد دب روحه في الجنود
يا ابنة الضاد لا تنوحي عليه
فهو أبقى من ركنك المهدود
لا تخافي ألا توفيه حقا
ستوفي الدهور حق الفقيد
نحن لم نخش أن يبيد ولكن
نحن نخشى من بعده أن تبيدي
فسليمان غاب عنا ليحيي
في موات الأجداث روح الجدود
يا أمير الكلام أي ضريح
أنت تختار في التراب البعيد
عد للبنان فهو أرحب صدرا
في ذراعيه حرمة للشهيد
عد إليه ميتا فيمسي ثراه
ببقاياك ذا فؤاد ودود
رب خلق في جانبيك كريم
يتمشى جلاله في الدود
لم تضاه الأعمى الإلهي
1
إلا
ورماك الأعمى بعين الحسود
ففقدت العين البصيرة حفظا
لمراعاة حرمة في اللحود •••
يا رسول الفكر الجديد سلام
كم هديت العلى بفكر جديد
إنما الفكر عالم ما له حد
علا فوق عالم محدود •••
وعماد هي العقول مقيم
فوق أطوادها جلال الوجود
إن تنؤ بالحمل الثقيل فتهوي
يسقط الكون بالضجيج الشديد
والنفوس الكبار تشقى طويلا
بين جدران صدرها المفئود
هي مثل الطيور تخفق حينا
ثم تقضي في سجنها الموصود •••
يا سليمان أي نعش مجيد
حل فيه جلال صدر مجيد
ذلك النعش يا أولي العلم قدس
فخذوه ذخائرا للجيد •••
لامس الموت قلبه فهنيئا
لأصابيع قبضتيه السود
وهنيئا للترب يلثم جفني
ه ويهوي على جمال الخدود
كتب الله في مصاحف خدي
ه سطورا شريفة من نشيد
فاقرءوها واجثوا لديها خشوعا
كجثو العبيد للمعبود
حجة العلم والسياسة في الما
ضي وركن من الكرام الصيد
شب طفلا على محبة لبنا
ن فكان الإخلاص فرض العميد
أوفدته البلاد للذود عنها
في فروق فكان فخر الوفود
واصطفاه عبد الحميد ولكن
لم يكن من رجال عبد الحميد
يا أمير الحجى أفاق العذارى
من سبات بجفنها معقود
وأعدت ولائم العرس في الخل
د وزفت إليك بنت الخلود
في 15 حزيران سنة 1925
خاطرة
سعاد كلانا في المحبة شاعر
إذا ما هوينا فالشواعر ثابتة
ولكن فرقا بيننا وهو أنني
أعبر عنها بينما أنت ساكتة
فدمعي شعر يقرءون سطوره
ودمعك أبيات من الشعر صامتة
في 6 حزيران سنة 1923
دمعة على عذراء
حلم صاحب الديوان أنه دخل قصرا فخما في وسط غابة، فشاهد فتاة مائتة ممددة على مرتبة في وسط قاعة كبيرة، والنور ينبعث من خدها الأيمن، فقال يرثيها وهو في الحلم:
قضت وهي بعد اليوم ترقد وحدها
فمن تركت في الأرض للنوح بعدها؟
أوالدة تفني عليها الدموع أم
حبيبا سقته قبل ذلك ودها
كأني بربي حين أكمل صنعها
تملكه حب فقبل خدها
وأدهشه منها جمال متيم
أثار به نار الهوى فاستردها
في 17 آذار سنة 1923
ليس في كسروان سلاح1
نحن بتنا مستعبدين ولكن
مستقلين في بلاد المرضى
مستقلين بالخمول وبالذل سكا
رى يعضنا الجهل عضا
أيها الفارض السلاح علينا
كيف بالله تستحل الفرضا
ليس في كسروان قط سلاح
ليس في كسروان سيف ينضى
ليس في كسروان إلا لحاظ
هي أقوى من السلاح وأمضى
في 14 ت
1
سنة 1923
مات حسونها
ألفيتها ومن التحسر لا تعي
تذري الدموع وحيدة في المخدع
فكأنها والدمع يخطف صوتها
رمز التعاسة في الزمان الموجع
فسألتها عما يثير شجونها
وعلام تطلق زفرة المتفجع
فإذا بها رفعت لطافة رأسها
بتخشع أوحى إلي تخشعي
ورنت إلى قفص هناك معلق
بمحاجر غرقت بماء الأدمع
فحزرت أن الدهر سلم طيرها
ليد الحمام فطيرها لم يرجع •••
قالت فقدت من الحياة مؤاسيا
يا طالما أوحى الهيام لأضلعي
فإذا تغنى بالزهور وبالندى
كيف الهوى لغناه لم يتسمع؟
وا لهف قلبي! أين منه قصائد
لم يروها حتى بيان الأصمعي؟
بل أين منه الموصلي وصوته
ولسان معبد بالغناء المبدع؟
وا لهف قلبي! كيف واراه الثرى
وأنا هنا أحيا بعيش أمرع؟
أولم يكن لي في حياتي مؤنسا
يلهو به قلبي ويطرب مسمعي؟
ماذا جنى الحسون في جنح الدجى
حتى أصيب بسهم ذاك الأسفع؟
ألأنه هجر الحقول وبردها
وأتى يغرد في زوايا مخدعي؟
فأجبتها كفي البكا وتصبري
فالطير مات ولم يعد من مطمع
لكنما أصغي لما سأقوله
فبموته عظة لكل ملوع
كم رددت في مسمعيك مراشفي
حريتي يا مي أثمن ما معي
فنبذتها وجحدت ما رددته
وصنعت بالحسون أفظع مصنع
ما جاء حتى تسجنيه وإنما
حتى تقيه شر فقر مدقع
فجعلته بين الحديد مقيدا
يا حرة قيدت حرا فانزعي •••
لو يفقه الإنسان معنى شره
لبكى طويلا بالدموع الهمع
في 4 كانون
2
سنة 1923
نرجيلتي
قضيت هزيعين من ليلتي
وحيدا أسامر نرجيلتي
وكانون في خارج الدار يبكي
فيشتد فيه دجى الظلمة
وضعت على ركبتي «حراما»
وصرت أنغم في فرشتي
إذا برياح من الباب هبت
وأطفأت النور من شمعتي
فلما أحاطت بي الدامسات
وبطن أسودها حجرتي
تبسم ثغر لنرجيلتي
كعبد تبسم في العتمة
فما كان أجمل من ثغرها
وما كان أعجب من حيرتي
تحف بتنبكها زرقة
تحاكي مراشف نورية
ولكن رأيت بها جاذبا
يحرك في داخلي صبوتي
فقربت من نارها مرشفي
وأسمعتها «تقسة» القبلة
ولو لم يكن ثغرها محرقا
لكنت امتصصت من الجمرة
لأني لم أدر ماذا بها
من العذب يشبه محبوبتي
فقلت لها: إن بي لوعة
وأطلقت في جوفها زفرتي
فأسمعني صدرها زفرات
أثارت شجوني في مهجتي
أإبنة طهماز لم تزفرين
وأنت أنيسي في وحشتي
رأيتك رمزا لكل شقي
رماه الهوى في لظى الشقوة
أجابت أنا الآن في نعمة
لأن حبيبي في نعمة
ولكنني بعد وقت قصير
أغادر وحدي في خلوتي
فيبعد عني ثغر محبي
ويسلو الذي كان من لوعتي
لذاك تراني أبكي زمانا
سأصبح فيه بلا زهوة
فإن الهوى صدقه كاذب
يشبهه العقل بالنجمة
فلا يقبل الفجر حتى تراها
أمام عساكره ولت •••
وإذ ذاك راود جفني النعاس
فأطبق أنمله مقلتي
ولما استتب الكرى في جفوني
شاهدت في الحلم نرجيلتي
في 5 شباط سنة 1923
انزعوا قلبي فأستريح
انزعوا مني قلبي
رحمة كي أستريح
فأنا ما زال حبي
ناميا أبقى جريح •••
أيها الهائم في هذي الفلاة
أين تنوي أين
دائما ألفاك تذري العبرات
كاسر الطرفين
امسح الدمع فلا تروي الحياة
دمعة العينين!
اهجر الكون فمصباح الوجود
ليس فيه زيت
واطلب الأنوار في مأوى الخلود
في قصور الموت •••
انزعوا مني قلبي
رحمة كي أستريح
فأنا ما زال حبي
ناميا أبقى جريح •••
أيها الحامل قيثار الشباب
قطع الأوتار
لم تعد ترشف ذياك الرضاب
بسوى التذكار
أصبحت تلك الأويقات العذاب
مثل حلم سار
سئمت نفسي أنوار الصباح
في حمى الحدثان
كل ما فيه بكاء ونواح
تشهد الأجفان •••
انزعوا مني قلبي
رحمة كي أستريح
فأنا ما زال حبي
ناميا أبقى جريح •••
أنت يا روح الممات الهائمة
يا عروس النور
لامسي عين غرامي النائمة
في مغاني الحور
واجثمي فوق فؤادي لاثمة
ظلمة الديجور
عله إن يستفق من سكرته
يهجر الأيام
ويرى الحب الذي في خمرته
كله أوهام •••
انزعوا مني قلبي
رحمة كي أستريح
فأنا ما زال حبي
ناميا أبقى جريح
في 16 شباط سنة 1923
ما أنت من تراب
1
ألجفن أم الخد القاني؟
لا أعلم أيهما الجاني
فعلى الحالين الإثنان
هدما في صدري بنياني
وشرعت عليه تبنينا
2
بنيانك راسخ آساس
يا سلمى في صدر الياس
شدته الجن بأمراس
فغدا بنيان الأتعاس
جبلا قد ضارع صنينا
3
لك خد مثل الورد ندي
ما مر عليه غير يدي
لكن لا أعلم بعد غد
إن كان سيأتي من جدد
ليقولوا لي: «شرفتونا.»
4
فهواك لقد نال السبقا
بسواه لساني ما انطلقا
وفؤادي قبلا ما عشقا
لكن مذ مر به علقا
فكأن هواك «كرنتينا»
5
لا أبرح أذكر ما قلت
من حفنة ترب ما أنت
أنصفت بقولك أنصفت
فمن الأزهار لقد جئت
وإلى الأزهار تعودينا
في 20 شباط سنة 1923
وإني فتى حر1
أبى الحظ إلا أن يصارعني دهري
وما زلت حتى اليوم في ميعة العمر
حملت على ظهري صليب تعاستي
ولم أحس من كأسي سوى الخل والمر •••
يقولون عني إنني متطرف
ولي مبدأ أعمى جعلت به فخري
ولا أنظم الأشعار إلا لأنني
أؤمل بالأشعار أن يرتقي قدري
ألا أين ما يدعون مني تطرفا
ورائد فكري الصدق في السر والجهر
وماذا تريد الناس مني فإنني
أرى البعض منهم قد رماني بالسخر
أألجم عن حقي لساني أم ترى
أقيد نفسي أم أبيعهم فكري
وإني فتى حر أسير على هدى
ضميري ولا أهوى سوى الرجل الحر
بنيت مع الأحرار جسرا ممنعا
دعوني بحق الله أمشي على جسري
فما حاقر قول الحكيم ورأيه
وما تارك نصح النصوح ورا ظهري
ولا أنظم الأشعار للمجد والعلى
ولكن شجون النفس تمرح في صدري
تمر على قيثارتي نفحة الأسى
فتصعد من أوتارها نغمة الشعر
رأت عيني الدنيا فأذرت دموعها
وكيف ترى الأهوال عيني ولا تذري
إذا ما حكيت الصدق وهو فضيلة
فتنعتني بنت الجهالة بالكفر
ولم أر في الدنيا عذيرا مدافعا
عن الحق إلا راكب المركب الوعر
تجنبه كل الشعوب لأنه
فضيل وما للفضل في الكون من ذكر •••
تعالي فتاة الحب نجتنب الريا
فقد ساد في الدنيا ريا الظلم والمكر
تعالي ففي عينيك طيف سعادتي
يرافق سيري في حياتي إلى القبر
وهات لي القيثار مؤنس وحشتي
لتسبح روحي فوق أوتاره الحمر
فنقطع ليل العمر بالأنس والغنا
ونصعد أبراج الكواكب في الفجر
دعي الغير نشوانا بخمرة جهله
يفتش في الأقذار عن موضع التبر
دعيه دعيه واتبعيني بعزة
نحلق في جو الخيال مع النسر
هنالك حيث الصفو يؤنس حبنا
ونصبو لرنات العناصر والزهر
ولا نطأ الحق الصريح برجلنا
ولا نكسب الأموال بالجور والغدر
هناك ترين الصدق يزهر روضه
فتجنين منه للهوى أجمل الزهر
وإذ ذاك ألقي في ذراعيك هامتي
وأرمي فؤادي في أناملك العشر
تعالي تعالي فالملائك كلها
تقطر في جفنيك قارورة السحر
وإن داهمتنا في المحبة ظلمة
فنأخذ نبراسا لنا مهجة البدر •••
فتى الشرق والريحان في الشرق نابت
يفرق من أوراقه أرج العطر
لقد طالما كنت الأمين وطالما
نذرت له حبا وقد قمت بالنذر
رأيتك في بغداد روحا حزينة
تطل على لبنان من كوة الدهر
وتذرف دمع الحزن في قطر يعرب
فتأتي به الأرواح من ذلك القطر
أمعروف شطر من فؤادي أذبته
وكم مرة ذوبت قلبي في شطر
ألم تر لبنانا يئن ويشتكي
ويحيا بلا صبر على لهب الجمر
لقد كان ليثا في المهمات أظفرا
وها إنه ليث ولكن بلا ظفر
لذلك أبكيه بدون تصبر
أما كنت تبكي في العراق بلا صبر؟
في 20 حزيران سنة 1923
فوق المقبرة
العمر قصر نحن بين رحابه
والموت منتصب على أبوابه
والمرء إن يفخر بأنساب له
فالترب والديدان من أنسابه
ما الجسم في هذا الوجود سوى بلى
تمشي العصور على أديم ترابه
من عهد آدم والضريح مهيأ
وجميع هذا الخلق رهن طلابه
كل يغيبه الزمان إلى الهبا
وكذا الزمان يحين يوم غيابه
والكائنات لدى الردى ألعوبة
حتى الخلود يصير من ألعابه
ما مذهب الدهري ذا لكنما
هو مذهب العقل الحكيم النابه
كم من عصور قبل آدم أدبرت
ومضى بها النسيان عند إيابه
وعقيدة الإنسان راسخة به
حتى يحجبه الردى بحجابه
لو كان يقرأ في الأثير كتابه
لرأى الحقيقة في سطور كتابه
كم من ديانات تمشت في الورى
ذهب الزمان بها قبيل ذهابه!
ولسوف أديان تخرب ديننا
وتقوم للأيام فوق خرابه
ما هذه الدنيا سوى بحر طمى
صدف الحياة تعوم فوق عبابه
هذا يحف به الغنى في راحة
ويعم ذا فقر جزا أتعابه
إن كان جبار الطبيعة عادلا
أين المساواة التي بحسابه؟
أتراه قد خلق العوالم واكتفى
بصنيعه فارتاح فوق وثابه؟
في 20 أيار سنة 1923
خاطرة
لا أرى في الهوى عليك رقيبا
فاخدعي الحب واسترقي القلوبا
سيبين الخداع في الحب يوما
إن في مقلتيك سرا رهيبا
منذ عهد مضى بقربك عذبا
كنت في شرعك الغزال الربيبا
صرت أخشى منك انقلابا وأخشى
أن يصير الغزال يا مي ذيبا
في 15 تشرين
1
سنة 1923
إلى لورانس
عن لامرتين بتصرف.
يا ملاك الماضي ورمز فؤادي
كيف أمسيت مسكنا للفساد؟
طالما قد بحثت عن شطر نفسي
باكيا فيك مهجتي وودادي
أنت تحيا أواه أي حياة
لم يكن ما نظرته باعتقادي
سكب الطهر في فؤادك نفسا
ليس حتى تبيعها بالمزاد
أترى أنت ذاكر يوم كنا
نتلهى بنغمة الأعواد؟
ونشيد الغدير في الليل شعر
مزج الحب وحيه بمدادي
عد إلى الله يا مسبب تعسي
لا تخضب مستقبلي بالسواد
رب! ما كنت حافظا غير رسم
لا تكدر ألوانه في فؤادي
عد إلى الحب لا تظل بعيدا
كيف يهني لك الحياة بعادي؟
وإن اخترت أن تعمد أيضا
فدموعي وقف لهذا العماد
آه لورانس كم رأيتك في حل
م ليالي مثل زهر الوادي
قربك الزوج باسما بهناء
وحواليك أجمل الأولاد
إلى الشبح الباكي
صاحب الكوخ الأحمر.
شبح الدموع تمضك الأتراح
هون عليك فكلنا أشباح
ماذا تؤمل من رحيق فاسد
قد زخرفت ألوانه الأقداح؟
هذا الوجود جنينة مرغوبة
قد غر فيها آدم التفاح
هذا الوجود مشانق نصبت لنا
والظلم في ساحاتها السفاح
أوما ترى الفلاح بعد جهاده
يلقى الشقاء لأنه فلاح؟
فكأن إكرام الفقير محرم
وكأن إكرام الغني مباح
تلك الجفون وقد ذرفت دموعها
أيرود خلف سجوفها الإصلاح؟
إن كان ذرف الدمع يصلح أمة
فمدامع في أمتي ونواح •••
في دمعة التعساء سر كامن
هو خلف ليل الظالمين صباح
تلك المباني سوف تهدم ركنها
من عاصفات حياتنا الأرواح
أذر الدموع فما الدموع سوى ندى
هذي الحياة وعرفه فياح
ما الدمع إلا الراح في كأس الورى
وستسكر الأكوان هذي الراح
يا من طلى بدم الفقير عروشه
ونراه يجلس فوقها يرتاح
هذي العروض جماجم مرصوفة
في جوفها تتمرد الأرواح •••
رأيتك يا شبح الحزن تبكي
وما في الوجود سوى المفتري
إذا كنت تنشد تلك العدا
لة فاذهب إلى كوخك الأحمر •••
كم قد رأيتك والظلام مخيم
تنسل تحت سدوله الآثام
تشدو على القيثار أنغام الأسى
فتجيبك الأوجاع والآلام
اذهب لكوخك فالسلام مجسم
فيه وما في ذا الوجود سلام
اذهب إليه فسوف تأتي ساعة
فيها تعض بنانها الظلام
اسهر على تقويض أركان الريا
واترك عيون الأغنياء تنام
أرواحهم بالمال تحلم طالما
قد أزعجتهم هذه الأحلام •••
رأيتك يا شبح الحزن تبكي
وما في الوجود سوى المفتري
إذا كنت تنشد تلك العدا
لة فاذهب إلى كوخك الأحمر
في 4 آب سنة 1923
إلى مصر
خففت إلى أوج العلى بمقاصدي
فأرجعني صفر اليدين حواسدي
وكم في ربى لبنان من ذي مكيدة!
وما رائد الحساد غير المكائد
يقولون عني عند أول نظرة
هو الحزن في جسم من السقم وارد
أصيب بمس من جنون مزاول
يرأرئ بالعينين نحو الفراقد
كأن العلى في مضرب النجم رابض
يخال إليه هابطا بقلائد
فينظم فيه للوجود قصائدا
ألسنا نراه ذائبا في القصائد؟ •••
أجل إنني للمجد أسعى وموطني
يقصر عن إدراك مجدي ساعدي
وفيه رجال كالأساود شيمة
وماذا أرجي من سموم الأساود؟ •••
رأتني خريد عندها من جمالها
طلائع ليست في الحسان الخرائد
منهدة الثديين باسمة اللمى
وليست على ضعف الثدي النواهد
فقالت لماذا لا نرى لك بسمة
تعودك الدنيا على ذي العوائد؟
كأنك مولود لتلبث شاردا
وما راقت الأكوان يوما لشارد
فقلت لها لا أعرف الخبث والريا
لأسلك مع رهط بلبنان فاسد
ولدت وفي صدري مزيج من العلى
وما رائدي إلا كرائد والدي
إلى مصر رحلي يا ابنة الجار إنني
سأترك أهلي في الحمى غير واجد
ففي أبطح الأهرام يبسم لي غد
وإن هنا يومي يجور على غدي
لقد حان بعدي عن بلاد خبرتها
وكم راق عيش للفتى المتباعد
فيا حبذا تلك الكنانة موردا
تحدر فيها النيل عذب الموارد
هناك أبو الخيرات فيه فوائد
تفيض على من جاءه للفوائد
وليس يضيع السعي فيه لجاهد
وكم ضاع في لبنان سعي لجاهد
غدا وطن الأحرار سلعة تاجر
تباع وتشرى خلسة في المعابد
وللحر آمال يراها مشاهدا
تريه بأم العين أنكى المشاهد
هو الحر في لبنان أصبح جانيا
يجور عليه ظلم تلك العقائد
تبيد مبادي الكل مع كل بائد
ولكن مبدا الحر ليس ببائد
زهدت بلادي فاتركي لي لبانة
أمد إليها في شسوع المدى يدي
لعل بلادي إن رأتني نائيا
تحن إلى مرأى الهوى في نشائدي
في 27 آب سنة 1923
الفقير
كم سهرت الساعات في الظلمات
أرصد النجم في فسيح الفضاء!
وزفير الفؤاد يعلو تباعا
فتوافيه مقلتي بالبكاء
شاعر الحب قيل عني قبلا
لكن اليوم شاعر البؤساء •••
بسم المرج للربيع وجفت
أدمع الغيث في عيون الشتاء
وتعالى عرف الأزاهر لما ان
فرجت عن مباسم العذراء
قرب ذاك الغدير في المرج طيف
شاحب الوجه بارز الأعضاء
نسج الجوع فوق عينيه سترا
لا نراه في أعين الأحياء
يتخطى إلى الأمام قليلا
ثم يعدو بسرعة للوراء
فكأن الحمام يبحث عنه
وهو يرجو النجاة بالالتجاء
بائس والحياة تأنف منه
كبقايا الحطام في الدأماء
إنه بدعة من الله لكن
أنكرته جماعة الأغنياء
لا عزاء ينسيه بعض عذاب
في ليالي شقائه السوداء
غير نجم الفضا تطل عليه
كعيون السما من العلياء
حاملات سر الحياة غريبا
فيرى فيه روح سر الضياء
يتعزى إذ ذاك بعض عزاء
ما تراه يفيد بعض العزاء
تارة يسمع الغدير يغني
فيوافيه صوته بالغناء
وغناء الغدير ماء قراح
وغناء الفقير رجو غذاء
تتراءى له الكواكب طورا
كدنانير ألقيت في الهواء
فيمد اليدين لهفا إليها
غير أن الفضا من البخلاء
طردته مدينة الفحش والظل
م فآواه مهبط الفقراء
ذلك المهبط الذي عاش فيه
هوميروس الكبير في الشعراء •••
حشرجت روحه صباح نهار
بعذاب فقاءها في المساء
وعلى الزهر أدمع من عيون ال
فجر ما جففت بنور ذكاء
فكأن الدموع مضطربات
في الليالي مراشف الضعفاء
تصرخ الله في الأعالي انتقاما
من أولي الجور من أولي الإثراء •••
أغربي يا مدينة العار إن ال
مرج مهد لدولة الأنبياء
هو مأوى الزهور والزهر طهر
نثرته في المرج روح السماء
أغربي يا جهنما فوق أرض
ما رأينا فيها سوى الفحشاء
فالشياطين من بني الأرض أقوا
م هم سادة من الزعماء
كثر الإثم في الوجود فيا رب
ترحم واعطف على التعساء
هل خلقت الغني للمجد والبا
ئس أوجدته ترى للشقاء؟
في 27 أيلول سنة 1923
المجدلية والمسيح
غسل البدر بالضياء الظلاما
وبكى والدموع كانت هياما
ومشى النجم خلفه بخشوع
فكأن النجوم صارت يتامى
وحشة الليل والسكينة والصم
ت ومر النسيم كان كلاما
فكأن الوجود أنطقه الحز
ن فجاءت ألفاظه آلاما
والفضا شاخص إلى الجبل العا
لي يناجي الربوع والآكاما
فتجيب الربوع بالصمت والدم
ع ولا تنبس الشفاه احتراما
مات فوق الصليب من كان يهوى
ويرى الحب للنفوس سلاما
فصليب الآثام ما زال حيا
وصليب السلام صار رغاما •••
ما وراء الأدغال مر خيال
حمل القلب أدمعا وكلاما
كان يمشي الطريق مهلا ولكن
عندما قارب الصليب ترامى
هذه مجدلية الحزن جاءت
تطرح الحب للمسيح طعاما
طالما في الحياة غذته بالحب
وروته من هواها مداما
إن للموت مهجة وفؤادا
ينشدان الحياة عاما فعاما
لا تموت القلوب إن سكبت في
جوفها أنمل السماء غراما
نظرت نظرة الوداع إليه
فبكت أدمع الهيام سجاما
ورأت من جبينه الجرح يدمي
ورأت فوق وجنتيه الحماما
ورأت يا لهول ما قد رأته!
شبح الروح دامعا بساما
شبح الحب حاملا في يديه
قلب حسناء خافقا مستهاما
هو رمز لقلب مريم رمز
لغرام رأى الحياة سآما
فتوارى ينام في الموت لكن
قد أعد الخلود فيه مناما
صرخت مريم بقلب جريح
أبظلم قد نفذوا الإعداما
جئت توحي روح السلام إليهم
ما لهم عززوا بك الآثاما
يا حبيبي اجعل جروح فؤادي
أن تبل الدماء منها أواما
فأرويك من دمائي بكأس
حملت في شعاعها الأياما
يا حبيبي ما للزهور حزانى
مطبقات على الجمال الكماما
والغدير المنساب يجري رهيبا
منشدا في نحيبه الأنغاما
ما لعيني تغشيان رويدا
ورويدا تطاردان الأناما
آه إن العيون بالحب تحيا
فإذا فورقت تصير أيامى
سأوافيك عن قريب فهيئ
خيمة الحب بين زهر الخزامى
فتعيد الزهور ذكر حياة
سن فيها لنا الغرام نظاما •••
عند هذا رأس المسيح استقاما
فإذا الشوك قد تخطى العظاما
والجبين المشوك ينسج للوج
ه من المصل والدماء لثاما
وبجنح الدجى أفاق من المو
ت بكيا والدمع كان هياما
ولدن أبصر الحبيبة تبكي
أطبق الجفن في الخلود وناما!
بعد عشرين جيلا
في سماء الخلود خيمة زهر
حيث عيسى ومريم قد أقاما
خيمة للهوى يبطنها الحب
ويأبى وجودها الانصراما
نعم العاشقان فيها طويلا
وتناسى قلباهما الأسقاما
فعذاب الساعات كانت خلودا
أبديا ولم تكن أحلاما
واستفاق المسيح من سكرة الحب
يخال السماء أمست ضراما
فرأى الكون باضطراب عظيم
ورأى في شعوبه الإجراما
سنة الظلم سار كل عليها
وغدا العدل شرة وغراما
واستمر اللئيم في حوبة اللؤ
م فأمست كل الشعوب لئاما
فرق الناس دينهم لا سلام
يجعل الرفق بينهم والوئاما
فسلام الوفاق صار حروبا
وصليب الوئام صار حساما
فبكى اليوم للسلام ولكن
ما بكاه بالأمس كان خصاما
في 11 تشرين
2
سنة 1923
إلى فيلكس فارس
عرفت فيك النبل يا شاعري
فهل لإخوانك أن يعرفوك
جاهدت جهد البطل الصابر
فهل لعشاقك أن يعضدوك •••
كتبت بالدمع نشيد الإخاء
وبالدم الطاهر ما سجلا
فإن هم خانوك خانوا الإباء
وإن أجابوك أجابوا العلى •••
أنت سليل الصدق نبت الشرف
في قلبك الخافق قلب البلاد
كم خلق في موطني من خزف
تحطمه الغاي وكم من فؤاد! •••
يا منصلا أغمدت عهدا طويل
عار على الأمة أن تغمدك
اخرج فقد آن أوان الصليل
وحق للإخلاص أن يعضدك
إلى بدوية جميلة
كانت تدخن النارجيلة في حديقة شرقية
عن لامرتين بتصرف.
من أنت يا بنت الألى وجدوك
في روضة الدنيا بغير شريك؟
أنت ابنة الشرق المكلل رأسه
بورود أمك أو سيوف أبيك
تدعين قيثاري وقد حطمته
ليحرك الأوتار في ناديك
يا زهرة الشرق المضمخ عرفها
يلهو النسيم بخصرك المفكوك
والبلبل الغريد يسكب لحنه
في كمك المفتوح للساقيك
الشعر في ألحاظ عينك نائم
وإذا وددت يفيق بالتحريك
لكن إذا ما شاء لحظك أن يرى
في الشعر أجمل منظر يسبيك
فتأملي في الحوض حسنك مشرقا
فبدائع الأشعار لا تحكيك
قد أفرغ البدر المنير ضياءه
في خيمة الزهر التي تأويك
وإلى الوساد مذ استندت لراحة
بالنارجيلة كلهم جاءوك
أدنت يداك من اللمى نربيجها
متبطنا بالزنبق المحبوك
لما نشقت أريجها بتدلل
خفقت عواطف صدرها «المنهوك»
إني استعدت لدن رأيتك صبوتي
فوجدتها أشهى وأعذب فيك
لكن شبابي والغرام تلاشيا
فهما كنفخة دخنة من فيك
لم أنس يوم علوت متن مطهم
وكبحته بشكيمة المملوك
هو في جياد أبيك سيد قومه
ويسير بين يديك كالصعلوك
لم أنس زندك مثل حلقة قربة
ولمى شفاهك مثل عرف الديك
وأشعة من بدر ليلك نورت
ياقوت خنجر خصرك المشكوك
إني قطعت من الحياة ورودها
ورميتها في الشاطئ المتروك
فأتت غضاب البحر تجرفها إلى
اللجج العميقة بالرياح النوك
كانت ورود الصدر تنفح مهجتي
بأريج حب باسم وضحوك
كم كنت أنشدت القريض مسلسلا
لو كان في العشرين عمر أخيك
لعبارة أو نظرة من أجلها
عبد الرجال الطهر مذ عبدوك
في 3 كانون أول سنة 1924
الحسون السجين
1
ماذا تسر إلى القمر
يا أيها الطير السجين
هل أنت مثلي في السهر
تشكو عذابك للسنين؟
أم تشتكي ظلم البشر؟
2
في قلبك العاني الكسير
سر توارى في الدجى
وحواجز القفص الصغير
قد أطفأت نور الرجا
لما غدوت به أسير
3
قد كنت حرا مطلقا
في جوك الصافي الوسيع
تشدو هيامك شيقا
لأريج زهرك في الربيع
وتؤم غصنا مورقا
4
قل ما تسر إلى الظلام
والزهر فيه سامعة
والقوم كلهم نيام
حتى الطبيعة هاجعة
حتى فؤادي المستهام!
5
أسألته ماذا يرى
في ذلك الغاب الكثيف؟
وعلى الهضاب وفي الذرى
وهناك في الحقل اللطيف
حيث النسيم تكوثرا؟
6
أسألته هل باقية
تلك النضارة في الحقول
ومياه تلك الساقية
ورسوم هاتيك الطلول
وزهور تلك الرابية؟
7
ورفاق ساعاتي العذاب
سمار قلبي الشيق
هل أصبحت قيد العذاب
في مثل سجني الضيق
أم لا تزال على الهضاب؟
8
أسألته عن طائر
في كل ليل أو صباح
فوق النسيم السائر
حمل الطعام على الجناح
وأتى به لأصاغر؟
9
تلك الصغار شقائق
لك يا شبيهي في المحن
أنت الأسير الخافق
كخفوق قلبي في البدن
والفرق أني عاشق!
10
يا طير إنك في الألم
رمز لهذا المرقم
يبكي وينحب بالنغم
وبمدمع من عندم
وفؤاد ظالمه أصم!
كنت أكتب هذه الأبيات وأنا أمام قفص الطائر السجين، ولما انتهيت إلى هذا المقطع قرأتها على الحاضرين، فنهضت سيدة المنزل في الحال، وأتت بالحسون ليشكرني على عاطفتي نحوه، غير أنها ما كادت تقربه مني حتى أفلت من يدها، وطار تاركا في أناملها وعلى الأرض نثارا من ريشه الملون، فعدت كتبت ما يلي:
11
يا طير أين المقصد
والليل منسدل الجناح؟
فطيور عشك ترقد
حتى يفاجئها الصباح
ولدن تفيق تغرد ...
12
يا طير ما تستنظر
في الحقل واليوم الشتاء
أتراك لا تستأسر
ولو ان عندك ما تشاء
وتحب من يتحرر؟
13
ولما ترى أبقى لنا
من ريش حسنك جانحاك
ألكي يذكرنا الغنا
ء لعلنا نبكي غناك
ولعلنا ولعلنا؟
14
يا طير إنك صادق
والمرء غدار كذوب
فإذا عشقت فعاشق
تضع الصداقة في القلوب
والمرء باغ فاسق!
في 6 كانون
2
سنة 1924
جرس الحزن
أيا جرسا في هوة الدمع ناحبا
نحيبك ألحان الطبيعة والعمر
سمعتك جهرا تسكب الدمع في الورى
ولكن هذا الجهر روح من السر
أصخ عندما الحفار بعد تهدمي
يعيد بقايا العفر مني للعفر
بقايا هي الآلام والدمع والأسى
هي ابنة ليل تنتحي عالم الفجر
ترحم ولا تجعل رنينك محزنا
ودق بألحان الحبور على قبري
وشابه دوي القيد حين رمى به
على سدة السجن الطليق من الأسر
في 15 كانون
2
سنة 1924
حديث الزهرة الذابلة
لقد مر بي أمس بالصدفة
فتاة لها الحسن في الوجنة
فلم تتردد بأن قطفتني
فشعت على شعرها نجمتي
ولم يمض يومان حتى ذبلت
فأسقطت صفراء كالميتة
وصرت أداس بأقدامها
إلى أن رمتني من الشرفة •••
وفي الصبح أبصرني عابر
وقد شم بي أرج النكهة
فحن علي وقرب مني
عيون التساؤل عن حالتي
وقد لمني بخشوع وقال:
تعالي أروك من دمعتي
تعالي فإنك رمز لقلبي
ورمز لعمري في شقوتي
تعالي فإن ذبولك يحكي
ذبول الفضيلة والنعمة
يعفرك الناس تحت النعال
وأنت تجودين بالنفحة
فكل الذين أساءوا إليك
أجدت عليهم بالرحمة
تعالي فبستانك الصدر والقلب
يرويك من منهل المهجة
في 26 كانون
1
سنة 1923
إلى شاعر حزين
نظم الشاعر الرقيق شفيق أفندي معلوف أبياتا في فتاة بكت لقصيدة من الشعر، فأجابه صاحب الديوان بهذه الأبيات عن لسان الفتاة:
شاعر الدمع ما جنيت بشيء
فدموعي الخرساء أطيب لحن
أنا قيثارة ضربت عليها
فبكى لحنها وأنت المغني
فكلانا نشدو على مسمع الحب
ونتلو آياته بتأن
ودموعي رسامة في خدودي
نغمات الهوى بأتقن فن
في 21 ك
2
سنة 1923
لا تعط الحب
مدام مرسلين ده بورد قلمور شاعرة إفرنسية، ولدت في دوي سنة 1786 من عائلة شريفة وغنية، غير أن الثورة الإفرنسية أخنت على تلك العائلة، فرحلت بها أمها، وكانت في الرابعة عشرة من عمرها، إلى الغوادلوب حيث لجأتا إلى قريب أثرى هناك، ولكن النحس ظل تابعهما؛ إذ أن القريب مات بعد أن احترق محله وانكسر اسمه، وبعد أسبوع ماتت الأم بالحمى، وهكذا ظلت مرسلين شقية إلى أن قيض الله لها امرأة غنية أعادتها معها إلى فرنسا، وكانت ذات صوت شجي، فغنت في الأوبرا، ومثلت مع جوقات عديدة، إلى أن صادفت الرجل الذي تقدم له قلبها نقيا طهورا وهو الممثل قلمور، ولكن حبها وعطفها لهذا الممثل ما جوزيا بغير الخيانة فهجرها، عند هذا أخذت تكتب قصائده بدموع قلبها، ومنها هذه القصيدة:
ما أرى؟ إن ما أراه وجيع
ووجيع ما تحتويه الضلوع
أوما حبه الذي أقتفيه
بعيون تبكي وقلب يجوع؟
أوما صوته الذي حملته
نسمات مع الأثير تضوع؟
فانتهى في الدجى إلي لطيفا
ولطيف صوت الحبيب المطيع
أين من كان ساكنا في عيوني؟
أين حبي وأين ذاك الهجوع.
كل شيء إلا النفوس تلاشى
ذائبا مثلما تذوب الشموع
إن للنفس في الحياة خلودا
ليس للنفس ميتة أو نزوع
فكأن الخلود يثقل نفسي
وقعه المر في فؤادي فظيع
لم يعد سهد أعيني لحبيبي
لم يعد للهوى إلي رجوع
فبكتني عروسة الشعر لكن
لا تروي الفؤاد تلك الدموع
أيها الحب قد وهبتك قلبي
يوم كان الهوى وكان الربيع
قيل لي قد أضعته يا ظلوما
كل شيء يعطى إليك يضيع
في 25 تشرين
2
سنة 1923
يا أرغن الوادي1
هل إن فكرك من يراعك أسرع
أم إن نثرك من نظيمك أبدع؟
لله موهبة يحار بها الحجى
أرج الشعور بروضها يتضوع
يا ابن الربيع وفي الربيع أزاهر
مثل الكواكب في سمائك تلمع
كيف انثنيت عن النظيم مخيرا
وتركت شعرك في دماغك يهجع؟
يا ابن الخيال وفي الخيال حقيقة
بصر الوجود أمامها يتخشع
كم مرة وقعت شعرك نغمة
والليل أنصت مصغيا يتسمع
يا أرغن «الوادي» وفي الوادي هوى
يصبو إليك فؤاده والأضلع
لقنته شدو الهيام مودعا
ورحلت عنه والعيون تودع
أشفيق لا «بردى» ولا «فيحاؤه»
إن كان «بردوني» وحيك يدمع
اسمع أنينا صادرا من غوره
فإذا سمعت أنينه تتوجع
يا شاعر الآلام لا تك يائسا
فكواكب الإلهام فوقك تسطع
لا تقطع الأوتار من قيثارة
نغماتها في الشعر لا تتقطع
في 3 أيار سنة 1923
أنشودة العمال
بينما كان فتى المستقبل
سائرا بين غياض الجبل
بدرت من مقلتيه لفتة
فرأى وجه غزال مقبل
هو ظبي يتثنى باسما
بين زهر باسم للطلل
ذاك ظبي العز في المستقبل
يتراءى قادما في عجل
سكب الفجر عليه كأسه
وسقاه من رحيق سلسل
بين عينيه تراءى هيكل
سجد الحسن بذاك الهيكل
أرسل الشعر إليه راهبا
فغدا محتفلا بالمرسل
ثغره قارورة من عسل
مزجت مرشفه بالعسل
وله في وجنتيه آية
هبط السحر عليها من عل
عندها هاروت ألقى طرفه
صاح من وهلته وا خجلي!
وانثنى من وجهه مستعجلا
راغبا في مشية المستعجل
أقبل الظبي على ذاك الفتى
مسترقا فيه قلب الرجل
وأراه منجلا في يده
قائلا: سر الهوى في المنجل
إن ترم تقرن بالمجد الهوى
فتجنب عاديات الكسل
هو ذا المنجل فاطلب عملا
إنما المنجل رمز العمل
شارك العمال في مهنتهم
واجتهد في كل أمر تصل
إنما العمال أركان إذا
هبطت يهبط مجد الدول
حينذا هبت نسيمات الصبا
منشدات مع لحن البلبل
وتوارى الظبي عنه عندما
حركت لطفا مياه الجدول
شعر الصب بحب لم يكن
غير سهم من فؤاد المبتلي
غلب الحزن عليه إنما
لم يكن يقطع حبل الأمل
قال لا بد لجفني مرة
أن يراه راتعا في منزلي
سأضحي كل ما عندي فلا
بد لي من قلبه لا بد لي
حينذا أصغى لصوت قائل:
لن تنال الغاي فوق المخمل
إن ترم تهوى غزالا فاقترن
قبل هذا بعروس العمل
في 21 نيسان سنة 1923
ماذا أود لك؟
أود لعينيك نور الهلال
ينار به الحلك الأدهم
وللشعر منك سواد الظلام
يضل به العاشق المغرم
أود لقلبك حبا شريفا
فيرحم حبي ولا يظلم
وللنفس منك إباء وحلما
إذا ما رأت مذنبا تحمل
أود لرجلك ليل الوجود
حذاء مساميره الأنجم
لكيما إذا دست صدري يوما
تنار بداخله الأعظم
في 13 آذار سنة 1923
لا ترحم
الليل في صدري بدا يظلم
لا كوكب فيه ولا أنجم
يعثر قلبي هائما في الدجى
بأعظم الصدر فلا يسلم
إن يك ظمآنا فما من دم
جفت عروقي ليس فيها دم
وإن يكن جاع فلا مأكل
يغذوه إلا ذلك العلقم
يشقى ولا يعلم ماذا به
يذوب كالشمع ولا يعلم
ورغم هذا عند مرأى الهوى
يقدم كالنمر ولا يحجم
طوائف الجن تراءت له
فخاف منها الحلك الأدهم
واتخذت في جنبه مسكنا
تفشي إليه الويل لا تكتم
لما رآه حبه قال لي
هذا عظيم قلت بل أعظم
قال: وأين الله؟ قلت اقتضى
في الشرع ألا يرحم المغرم
قال: وأين العدل؟ قلت انثنى
من هذه الدنيا فلا يقدم
قال عجيب ليس من راحم
وأين سلمى؟ قلت لا ترحم!
في 17 آذار سنة 1922
مناجاة بلبل
ثملت بشدوك يا بلبل
وكيف بشدوك لا أثمل
أعدت إلى القلب ذكرى الجمال
فأنت بتذكاره أجمل
نقلت إلى مسمعي صوت حبي
نعمت ونعم الذي تنقل
كأنك أرسلت تلعب دورا
جميلا بقلبي يا مرسل
تنقل تنقل على الغصن وارفل
فشدوك في مهجتي يرفل
فعما قريب ستار حياتي
على كل ما مر بي يسدل
ولكن غدا حين أمسي رفاتا
ويحجبني قبري المقفل
تعال فتلفي فؤادي حيا
كزهرة «توتنخ» لا يذبل
تعال وأنشد قليلا فإني
على رغم ما حل بي أجزل
فصوتك شعر يجول بفكري
موحى من الله أو منزل
تعال تجد فوق قبري صخرا
كهمي الثقيل الذي أحمل
وصفصافة تنحني تارة
وطورا تلاعبها الشمأل
وبالقرب من ذلك القبر واد
رهيب تخلله جدول
تمر عليه السنون عجالى
ومن مر كالطير يستعجل
فهذي الطيور كأفراح قلبي
تطير سراعا ولا تمهل
ويخلفها الألم المستزيد
فيفعل في الصدر ما يفعل
تعال غدا حين أمسي وحيدا
وزرني زورة من يسأل
وأسمع فؤادي لحنا شجيا
فيحيا به حبه الأول
في 23 شباط سنة 1923
ما لي جلد
قالوا لها ماذا فعل
ت بجفن ذياك الأسد؟
فنراه ينثر دمعه
في كل يوم كالبرد
قالت وقد بسمت لهم
وقع المتيم في فند
أنزلته في وهدة
منها هواه ما صعد
قالوا لها أوما حرا
م أن يلازمه النكد؟
عبث الغرام به ولم
يبق السقام له جسد
قالت دعوه وشأنه
من خال أن الحب دد
عهدي به رجلا إذا
هو في مصائبه ولد
قالوا لها أضنيته
فهواك من دمه استمد
دمه لديك وقد بدا
أثر له في كل خد
فتململت ليلى وقد
فقدت من الغيظ الرشد
حسنا أجابت فارجعوا
عن محنتي ما لي جلد
في 12 آذار سنة 1923
انتسيه فهو مذنب
رفينا
1
تعالي كأس خمر ونارة
لنرجيلتي ثم اغلقي الباب واذهبي
ولا تدعي أمي تفيق من الكرى
فإني سأقضي الليل داخل مكتبي •••
هو الليل لا حس هناك وليس من
سمير يؤسي شقوتي غير كوكب
سرى في فضاء اللانهاية هائما
نظير فؤاد العاشق المتعذب
سعاد لقد مرت شهور عديدة
وقلبي يمشي في دجنة غيهب
تحف به الأشواك من كل جانب
كأني بها قد خبأت ألف عقرب
ألا ذوبي إن شئت جورك في الهوى
وهذا فؤادي يشهد الله فاسكبي
إذا كان أبلاني من الدهر مخلب
فلا بد أن يقوى على الدهر مخلبي •••
سعاد أرى الأسقام تنخر هيكلي
وفوقي غراب الموت يشدو فطيبي
ألم تنظري الشبان كيف تواردت؟
ولكن لكل مأرب غير مأربي
دعيني دعيني واتبعي غير عاشق
يكون كبير القلب حلو التحبب
أنا لم أزل والعمر في أول الصبا
أتنتظرين السعد من شاعر صبي؟ •••
سعاد غدا تلقين عنقك طاهرا
على صدر ذاك الطالب المتصبب
وتنسين من كانت تذوب دموعه
على إثمد في مقلتيك مذوب
نعم فانتسيه فهو ولهان مذنب
وأجدر بالنسيان من كل مذنب
أليس الهوى ذنبا كما قال بعضهم
إذن أنا جان فالهوى فوق منكبي
ولكن غدا لا تذكري الزهر والربى
ولا ياسمين الحقل ما بعد مغرب
فتذكار هاتيك الرسوم مقدس
فلا تلمسيه بادكار مكذب!
في 20 شباط سنة 1923
ابن لنفسك مقرا شريفا
إن ترم مجدا وفخرا
واقتدارا مستمرا
وإذا ما شئت تحيا
مطلق الأجنح حرا
فوق أطباق الأثير
جنب أبراج البدور
وعلى مرأى الضمير
ابن للنفس مقرا •••
اتبعيني يا فتاتي
وابخلي بالعبرات
فمرارا قد بكينا
تحت أقدام الحياة
إن من دمع العذارى
ملك الطهر استعارا
فحرام أن يوارى
في تراب الكائنات •••
نحن في عمر الشباب
نحن في عهد التصابي
وأرى آمال قلبي
تتلاشى كالضباب
اتبعيني اتبعيني
فدموعي وجفوني
شيدت قصر السكون
فوق أطباق السحاب •••
مذ رأى الناس هزالي
وجمودي المتوالي
ضحكوا مني وقالوا
هو يحيا في الخيال
لو دروا معنى نشيدي
لرأوني ابن الخلود
ورأوا جسم الوجود
يتمشى للزوال •••
اتبعيني اتبعيني
فدموعي وجفوني
شيدت قصر السكون
فوق أطباق السحاب
في 2 آذار سنة 1923
الدمعات الثلاث
الدمعة الأولى
الدمع من عيني لم يذرف
إلا على ورد الهوى الأشرف
تلك دموع القلب ذوبتها
وفي دموع القلب سر خفي
كم ليلة أحييتها ساهرا
ما من سمير لي سوى مصحفي!
طورا أناجي نار سيكارتي
وتارة أرنو إلى الأحرف
وفي فؤادي من شجون الهوى
ما في فؤاد الشاعر الأحنف
يا مي ما للأهل من مدخل
بين كسير الجفن والمدنف
نحن لنا في حبنا شيمة
بغير هذا الحب لم نكلف
فليتركونا في مناجاتنا
وليحفظوا حرمة حب وفي
فليتركونا نجتني حلمنا
بين زهور الفل والمضعف
يا دهر إني لم أزل أمردا
أمت لي حظي ولم تكتف
ما فتحت أزهاره في الضحى
حتى أحالتها يد الحرجف
لي نفس يعسر ترداده
كنور مصباح بدا ينطفي
وجسد أبلى به سقمه
يكاد لولا ثوبه يختفي
ولي حياة حظها أسود
نظير ليلي المظلم المسدف
أمسيت من يأسي أحب الدجى
ففي الدجى رسم الحمام الخفي
حتى إذا ألفيته راحلا
أقول للظلمة فيه قفي
رباه لم تخلقني تاعسا
أشكو وما من سامع منصف؟
كأنني في الكون جان أتى
بحادث أعيب مستنكف
وليس ذنبي غير أني فتى
أحببت فيها حسنها اليوسفي
أحببت فيها روحها ساقيا
وردتها من أدمعي الذرف
إن كان عارا ما دعوه الهوى
فإن هذا العار ما أصطفي
في 5 أيار سنة 1922
الدمعة الثانية
1
كيف لا أندب أمسي
ومماتي في غدي؟
فأنا مذ حل تعسي
فر حظي من يدي
2
ضعفت روحي بصدري
وتلاشت في الفؤاد
فانطفت جذوة عمري
واستحالت لرماد
3
منيتي هل تذكرينا
وقفة قرب الغدير؟
حيث ألفينا الغصونا
هامسات في الأثير
4
والسنون راحلات
تلمس الماء الركود
مثلها تلك الحياة
مخرت بحر الوجود
5
يا له وقتا تقضى
بين لهو ودد
يوم كان الحب فرضا
صافيا كالعسجد
6
أيها المنشد رفقا
فلقد ولى الشباب
من قضى في الكون عشقا
لا يؤاسيه الرباب
7
إنما قبل الممات
ذكر الصب بمي
غن لي لحن الحياة
ظبية الأنس إلي
في 3 أيلول سنة 1922
الدمعة الأخيرة
ما لسلمى التي استبدت وما لي!
أنا في الحب ميت الآمال
كنت أمشي مع الهيام ولكن
كنت أمشي على طريق الضلال
ذلك الحب كان بالأمس بدرا
فغدا اليوم ناقصا كالهلال
ذلك الحب كان رسما شريفا
فغدا اليوم سلعة الدلال
يا لسلمى! كيف استبدت وأذرت
بحياتي ومدمعي الهطال؟
ما كفاها أني هزيل ولكن
سمرت نعلها وداست هزالي
بنت حواء إن قلبك صخر
كيف عدوك من ذوات الدلال؟
لو حباك السلطان ربك يوما
لاستحليت مصرعا للرجال •••
يا صديقي خذ الرباب وأنشد «كل حي مصيره للزوال»
فأنا راحل عن الكون علي
أجد المكر نائيا في ارتحالي
لا أرى في المرآة وجهي حتى
يعتريني خوف لفرط اعتلالي
آه! وا سوء حالي اليوم! إني
أطلب الموت، آه! وا سوء حالي!
يا صديقي ماضي كان جميلا
فاستبد الهوى بذاك الجمال
أطرب الحب كي يكفن ماضي
ه بثوب من جنسه غير بال
في 19 ك
1
سنة 1922
أيها القلب
أيها القلب مت فخير وأبقى
لك موت يقيك شر العباد
إن تكن طاهرا فحسبك ما لا
قيت في الكون من عظيم الفساد
ما ترجي وقد شعرت بأن ال
مكر يثوي حتى بقلب سعاد
يا فؤادي خير لجسمي حياة
في شقاها تبقى بدون فؤاد
في 19 ك
1
سنة 1922
قلب الملاك حجر
بروحي من مضني ونفر
له مقلة علمتني السهر
إذا ما نظرت إلى وجهه
رأيت على كل خد قمر
غزال من الإنس قد هد حيلي
وما تاب عن فعله واعتذر
فقلت له يا ظلوم كفاك
أما أنت تعلم ماذا صدر؟
فقال وفي جفنه غمزة
وللهزء في مرشفيه أثر:
إذا لم أكن عارفا كله
فعندي من ذاك نصف الخبر
ففي كبدي علة من جفاه
رآها طبيبي تحت الخطر
ملاك وهل بعد ذلك ريب
بأن فؤاد الملاك حجر؟
في 27 ك
1
سنة 1922
أغنية الموت
أسمعيني لحن الردى أسمعيني
فحياتي على شفار المنون
واذرفي دمعة علي فبعد ال
موت لا أستحل أن تبكيني
يا سليمى وقد أثار نحولي
كامنات الردى على العشرين
ما تقولين عندما تنظرين ال
قوم جاءوا إلي كي يحملوني؟
وأنا جثة بدون حراك
وخيال الحمام فوق جبيني
يا سليمى أنا أموت ضحوكا
ليس هذا الوجود غير مجون
إن من عاش فيه عمرا قصيرا
كالذي عاش فيه بعض قرون
يا سليمى وكم أنادي سليمى
فاسمها بلسم لقلبي الحزين
لك عندي وصية فاحفظيها
هي بعد الممات أن تنسيني
وإذا هزك التذكر بالرغ
م وشاء الوداد أن تذكريني
فخذي في الظلام قيثار وحيي
واقصدي القبر في ظلال السكون
وانقري نقرة عليه يسمع
ك أنينا كزفرتي وأنيني
ذاك قيثار صبوتي وشبابي
وا حنيني إليه! إي وا حنيني!
يا سليمى أغنية الموت هذي
ومرارا أنشدتها في جنوني
فاسمعيني أعيدها عن قريب
فقريبا يحين يوم الدين
في 25 ت
1
سنة 1922
يا ليل العمر متى غده؟
حتام أحاول أرقده؟
ليل يتمرد أسوده
وعيون غزالي نائمة
تضني جفني وتسهده
حلت معقود ضفائرها
أبكار الشعر وخرده
وتغنت ترقص منشدة
يا ليل العمر متى غده؟
مولاي ومن ضلت عينا
ه هواك فلحظك يرشده
فعلام وعبدك في سقم
تدنيه منك وتبعده؟
فكأن البدر رآك تمي
س فهام بقدك ينشده
وهوى يسترشف شهد لما
ك فذاب بثغرك عسجده
مولاي إذا أحببت فتى
فملوك العالم تحسده
أنسيت العبد ديانته
فاغتاظ المولى سيده
ديني قد رق فوا تلفي!
هل باق غيرك أعبده
أبدا يشتاق إليك فتى
تتأوه يأسا عوده
فإذا ما شئت تزوده
تعب الدنيا يتزوده
في 8 أيار سنة 1920
ميروبا في الصيف
وقفا بميروبا على أطلالها
وانظر إلى وديانها وتلالها
تجري مياه النبع بين رياضها
حتى تخال الماء من أصلالها
كيف التفت سعت إليك جداول
ضحكت على قيل الطيور وقالها
فهناك نهر قد تسلسل ماؤه
مثل اللجين يسيل بين جبالها
تتمايل الأشجار حول ضفافه
فيخط فيه الماء رسم خيالها
شجر لها أرج يفوح معنبرا
فيجدد الأرواح في عمالها
وخمائل الصفصاف ظللت الثرى
فتربع المصطاف تحت ظلالها «صنين» يرمق أرضها وسماءها
بلحاظ صب هائم بجمالها
فكأنها تحيا لأجل وصاله
وكأنه يحيا لأجل وصالها •••
هي غادة في كسروان مقيمة
تصطاد أرباب الهوى بحبالها
أخذت من التفاح أحمر خدها
ومن اخضرار الجوز أخضر خالها
سحرت بأطراف اللحاظ رفاقها
فحسدن في الألحاظ سحر حلالها
أنى «لفاريا» جمال مروجها
ومناظر ضحكت لدى شلالها؟
في 15 آب 1921
تذكري
عن ألفرد ده موسه بتصرف.
تذكري حين يزف الضحى
على جفون البشر الراقدة
مروعا يفتح قصر الضيا
أمام شمس النهر العائدة
تذكري والليل في حلمه
مستجمعا أفكاره الشاردة
منثنيا خلف رداء له
قد فضضته الأنجم الساهدة
وإن ترى صدرك في خلجة
لدى نداء اللذة الواجدة
والظل يدعوك إلى لذة
الأحلام في ليلته الهاجدة
أصغي إلى أنغام صوت الهوى
من غابة الحب سمت صاعدة
هامسة فيك: اذكري حبه
في كل ليل مرة واحدة •••
تذكري حين صروف القضا
تفرقني عنك السنين الطوال
وعندما حزني وأعراضه
تدب في قلبي ذبول الهزال
تذكري حبي وآلامه
تذكري وحيي أمام الخيال
وموقف التوديع في ساعة
كان لها صمت مهيب الجلال
لا البعد في أوصابه والأسى
ولا الثواني في طريق الزوال
تنسيك تذكارات حب مضى
مضي أشباح بماء زلال
ما زال قلبي خافقا في الهوى
وقد تمشى فيه داء عضال
لا ينثني يهمس فيك اذكري
فالذكر جزء من لذيذ الوصال •••
تذكري يوم ألاقي الفنا
في ذي الحياة الرثة البائدة
يوم فؤادي مثقلا بالأسى
ينام في حفرته الباردة!
تذكري إما تري فتحت
على ضريحي الزهرة الزاهدة
ففي زهور الحقل طهر الهوى
ما لامسته نفحة فاسدة
لن تنظريني بعد في موضع
فهذه الدنيا غدت جاحدة
سوف «كأخت صادق حبها»
ترعاك دوما نفسي الخالدة
أصغي إلى صوت دوى في الدجى
أنينه في الظلمة السائدة
حفيفه قال: اذكري دمعه
في كل ليل مرة واحدة
في 10 كانون الأول سنة 1924
والعين بحيرة أحلام
أسرعت لبابك أقرعه
في ليل أظلم برقعه
وقصيدة شبلي
1
مصغية
لنشيد فؤادي تسمعه
فأفاق أبوك وفي يده
مصباح الغرفة يرفعه
وأجاب «رشيد» لم يرجع
و«جميل» أواه مضجعه
فكتمت السر وفي كبدي
قيثار الحظ أقطعه
ورجعت وفي حبي خرق
ثوب ما كنت أرقعه •••
مولاي وفي يده ولد
ما شاء هواه يلوعه
فإذا أدناه بتبسمة
منه فبعنف يدفعه
ثمرات الطهر مراشفه
وغصون الزنبق أذرعه
والعين بحيرة أحلام
تتموج فيها أدمعه
لا أنسى ليلة أنشدني
لحنا والحب يوقعه
والأفق سرير قد فرشت
فيه الأزهار تضوعه
يا هند فؤادي ذو علل
فأقل جفاء يوجعه
فاهديه إلى عينيك ففي
عينيك دواء ينفعه
يا هند كفى قلبي حجج
سيثور عليك ترفعه
فارشيه بعاطفة يقنع
فالحجة ليست تقنعه
رسالة
إلى الأستاذ فيلكس فارس.
أشكو إلى قلبك يا سيدي
قلبا ثوى في حظي الأسود
أطلقته طفلا ولما نمى
أصبح محتاجا إلى مرشد
أهكذا كنت وكان الهوى
في عهد سلطان الصبا الأيد
تنهج نهج الطير في مرجه
لا تنتمي يوما لغير الدد
والمرج بسام بأزهاره
لنشوة في طرفك الأغيد
يريك ساعاتك هزاجة
ويكتم اليأس مصير الغد •••
فيلكس ما للحر من راحة
في وطن يرتاح للأعبد
بناته مستعبدات به
تؤثر أن تعزى لمستعبد
بناته! يا ويحها من دمى
جردها الظلم من الأكبد
ذوبت الدنيا بأجفانها
رحيق جهل أكدر مفسد
وغادة أحببتها ضلة
ولم يكن قلبي الفتى في يدي
أحببت فيها ما يحب الندى
في خطرات النسم الشرد
ما استحكم القلبان حتى مضت
تلقي بأحلامي في موقد
وانفجر البركان حتى انثنت
تدب نار اليأس في مرقدي
فخفت أن يقضى على عزتي
وأن يعيث العار في محتدي
فقلت للقلب انتبه إن لي
مجدا ثياب الخزي لا يرتدي
والمرأة الحسناء صيادة
تصطاد قلب الباسل الأصيد
ثائرة كالموج إن تلعب ال
أرواح في طياته يزبد •••
لما رأتني ملقيا عهدها
على ضحايا حبها الأربد
واليأس في عيني مستحكما
لا يرد الآمال من مورد
ألقت بواهي رأسها المجهد
على بقايا جسدي الأملد
كأنها واليأس يعتادها
تلقي بأشلاء على جلمد
أوصدت دون الحب قلبي فما
يرجو الهوى من قلبي الموصد
بين ضلوعي حجر بارد
رميته في ظلمة أبرد
خمسة أعوام تقضت بنا
بين عذاب مجحف ملحد
حسبتها من فرط أثقالها
خمسة أجيال بصدري الندي
أقعدني عن نيل مستقبلي
هم ولولا الهم لم أقعد
ويل الشباب الغض من قلبه
إذا أضلوه ولم يهتد
القلب جرم في حياة الفتى
وصانع القلب هو المعتدي
من واجب الأيام تحطيمه
على حفاف المهد في المولد •••
يا سيدي فيلكس ذي حالتي
ذي حالة الشاعر يا سيدي
إما رآه الحب مستنزفا
أدمعه قال له غرد
بئست حياتي في بلاد غدت
ترتاح للأنذال من حسدي
تؤثر صوت البوم في نحسه
على أغاني البلبل المنشد
يا شاعر الآلام هذا دمي
ذوبته شمعا على معبدي
هذي عبارات الأسى سطرت
بالدمع من أجفاني الزهد
هذي شكاتي يا خطيب العلى
أرفعها للرجل الأوحد
أرفعها للمجد في أوجه
لأنها جذوة قلب صدي
وجدت في نفسك ما لم أجد
في أنفس مخمدة هجد
لامست في أناتها ثورة
أخمدت النار ولم تخمد
أمام جثة البستاني
ختمت بالصمت آيات وعرفانا
لما نزلت جوار الله سبحانا
آثرت جيرة إبراهيم فافتخرت
بأن تكون لك الأفلاك جيرانا
مضيت حيث المعري قبل ذاك مضى
والبحتري وأعشى وابن سفيانا
فأقبلت للقاك العرب قاطبة
مهللات زرافات ووحدانا
وخف هومير بالإلياذ محرقها
أمام عينيك بخورا وقربانا
فصافحتك أثينا وهي باسمة
حبا وعانقت اليونان لبنانا
يا ابن الألى رفعوا للضاد منزلة
وشيدوا لجلال العلم بنيانا
ناداك مجدك والأجيال مصغية
ترمي إليك أزاهيرا وريحانا
نلت الإمارة في الدارين عن ثقة
فكنت فخرا لموتانا وأحيانا
كنت الأمير على جناتنا فغدت
لك الإمارة في جنات رضوانا
جلست عهدا على عرش الجمال فطر
واجلس على سدة الأنوار أزمانا
تركت يا نسر إيوان الفناء وقد
حلقت كي تنتحي للخلد إيوانا
ما زال طيفك والأبصار مضجعه
يرود حول قصور العلم يقظانا
والعرب تجمع من أنفاسه نسما
وتستعيد بها للفضل ما كانا
يا واضعا نفسه في ترب بلدته
رفقا وضع نفسه في قلب غسانا
عظامه كنز غسان ومفخرة
إذا هززت بلاها عاد مرجانا
فرجيل قبل عينيه وجبهته
وقام يلثمه موسى بن عمرانا
وأنشدته بنات الشعر أغنية
ووقعتها على القيثار ألحانا
وجاء دانتي وهوغو يسجدان له
والماجن ابن نواس جاء سكرانا
والفارض الزاهد الصوفي خف إلى
تقبيله وأتاه المجد ظمآنا
من للجهاد وللأقلام في وطني
بعد الفقيد فقيد العلم سلمانا
من للسياسات تأتيه فيصدقها
ويستعيد بها مجدا وسلطانا
هل الفقيد سوى ركن نعز به
هوى فأسقط للآداب أركانا؟
لا العين تنفع في منعاه إن دمعت
ولا النواح يعيد اليبس ريانا
عرائس الشعر في برناس باكية
تضم من حزنها صخرا وصوانا
كأن أرجاءه بعد الألى ذهبوا
أمست عليهم دياجيرا وأكفانا
في تموز سنة 1925
رقاد القلم
جثا الليل ملتفا ببرد السرائر
وفي صدره المفئود رعشة جائر
كأني به والصمت في جنباته
مواكب كفار أمام الضمائر
وفي القبة السوداء لحف كثيفة
على مهدها نامت عيون الزواهر
كأني بهذي اللحف جبة سارق
وقد أخفيت فيها عقود الجواهر
هفا شبح الأحلام من غور كهفه
وقد علقت أذياله بالمحاجر
كأن غطيط النائمين نواسم
يحركها الصفصاف فوق المقابر
لدن فتحت أمي نوافذ مخدعي
تمشى إلى قلبي أريج الأزاهر
كأن مصاريع الكوى وهي شرع
جفون يتيم موجع القلب حائر
أنا في سرير من قماش مطرز
تدلت على جنبيه بيض الستائر
كأني ميت في رخام ضريحه
تكفنه شفافة من حرائر
أرى قلمي المظلوم في هدأة الدجى
ينام مع الأوراق قرب المحابر
بماذا تراه يحلم الآن؟ إنني
لأسمع منه مثل زفرة شاعر •••
أيا قلمي ما ضر لو كنت سكة
تطوف شريفا في الحقول النواضر
تحييك أسراب الطيور وتنحني
أمامك أعناق الزهور السواحر •••
أيا قلمي ما ضر لو كنت سكة
تخلد لي بين الجبال مآثري
فأرفع نفسي عاليا بعد خفضة
وتظهر أسمى في السهول مفاخري
ويا صحفا يجري مداد عواطفي
عليها ويلقيها الريا في المساخر
فقدتك هلا كنت أرضا خصيبة
يسيل عليها من جباه الجبابر
يذيب عليها الفجر كوثر طهره
أرق وأصفى منهلا من كواثري
فكوثره يحيي الفقير وكوثري
يثير حياة في جماد الدفاتر •••
أيا قلمي نم في الخمول ولا تفق
ويا صحفي نامي فقد نام خاطري
ويا فجر لا تطلع علي ففي الدجى
مدافن فيها تستكن شواعري
في 7 تشرين الثاني سنة 1925
معارضة قصيدة شوقي
أمير الشعر لا نور وحق
ولكن سوء منقلب وخرق
إذا أيدتهم أيدت حقا
أبى تأييده شرف وخلق •••
أمير الشعر والثورات ترقى
على نظم يمهدها المحق
ولا ترقى على مهج الأيامى
فإن دم الأيامى لا يحق
أباحوا في القتال دم النصارى
وفي أجفانهم للبغض ودق
وما رفقوا بأيتام صغار
فجازوهم بما لم يستحقوا
وقالوا نهضة الأوطان تقضي
وعاثوا في بلادهم وشقوا
وقدر الدين في الجهال تغلي
ولم يسمع لطبل الدين طرق
أتحترم الحقوق وفي فضاها
من الأحقاد زوبعة وبرق
وفي راياتها لهف اليتامى
له في كل ثانيتين خفق
الاستقلال ينمو بالتآخي
ويضمر بالشقاق ويستدق
وبالحب الصحيح يشيد صرحا
أساس خلوده شرف وصدق •••
ألسنا في الهموم أولي اتفاق؟
فلم لا ينتحينا اليوم وفق؟
ولم يسعى إلى التفريق قوم
يوحد بينهم وطن ونطق؟
أعادوا سوءة الماضي بنزق
ولم ينبض لهم في الحب عرق
كأنهم أرادوا نفي رق
بجهل فيه للأوطان رق
كلانا شاعر بالظلم يرثي
بلادا بالمظالم تسترق
ونحن نؤيد الثورات لكن
نخطئها إذا هي لا ترق •••
أمير الشعر حسب دمشق حزن
بأن جنانها يبس وطرق
فأزهرها من الأرزاء صفر
وأنهرها من الأهوال بلق
وما في الغوطتين سوى زفير
يصعده من الآلام عمق
وما في الجامع الأموي إلا
صراخ من تفجعه وشهق
كأن الجن تخطر في دجاه
وفي جنباته للبوم نعق
وأجفان السموأل فيه تبكي
وأدمعها شكايات وعشق •••
ألا أين الخرائب من قصور
لها بمذاهب الآفاق سبق؟
وأين من السمو جلال نسق
هوى رضما فما بدمشق نسق
وأين معاهد الآثار فيها
وأين الحسن والفن الأدق
جلائل كن في الماضي مزارا
جموع حجيجه خلق فخلق
مطهرة العصور بغى عليها
حزازات من التدنيس حمق
على من تبعة الآثام تلقى
وكل هوى يقول أنا المحق؟
غمزت إباءهم فمضى حقودا
وضجت من صغارته دمشق
ولو عقلوا لحررهم نظام
على أبواب حقهم يدق
تخذت الشعر للإصلاح مرقى
فهل أصلحت خلقهم ليشقوا؟
وهل علمتهم رمي القوافي
ليرموا باليتيم وليس رفق؟ •••
سل الأهرام يا ابن المجد عنا
يجبك الدمع والنفس الأرق
ففي الأهرام يا «شوقي» بقايا
من النسب المؤثل لا تعق
وفي النيل المرقرق عاطفات
مشى منها إلى لبنان رزق
يعز عليه أن تشقى بلاد
بها من شيمة الأجيال عتق
ألست ترى أمية كيف ترنو
إلى لبنان عن مقل تشق؟
وكل منهما يهوي بنزع
وفي دمه من الأهوال حرق
وللمستقبل الآتي عجيج
على قدميه للأوطان زهق •••
أمير الشعر حسب الشعر فخر
بأن لماك للإيحاء فتق
أنا مصغ إلى قطرات سحر
لها من شعرك العلوي دفق
ألا هذب شباب الشرق هذب
ليرقى موطن لهم ويرقوا
وقل لهم: أخاكم فاعضدوه
تنالوا المقصد السامي وتبقوا
Shafi da ba'a sani ba