ولكن ما الذي أوحى إلى أجاممنون بهذا التدبير؟ ولم اختار هذه الحيلة المكشوفة لاستدعاء ابنته التاعسة؟ لا ندري!
لقد مرت أيام دون أن تحضر إفجنيا، ولم يكن الطريق طويلا أو شاقا بين أوليس وآرجوس حتى تتأخر كل هذه المدة، فهل حدث شيء؟
وكأنما أثار طول الانتظار العاصفة من جديد في قلب أجاممنون الأب، فبدا له ألا يصدع لهذا الظلم الأولمبي، ولو صار بعدها زنديقا ملحدا مطرودا من جنة الآلهة، مغضوبا عليه من قلب الوطن.
وقد كان!
فإنه استدعى الرقيق العجوز الذي كان يحمل دائما بريد القائد العام إلى آرجوس، ودفع إليه برقعة أمر فيها ألا تحضر إفجنيا، وأمره أن يسرع بها إلى زوجه قبل أن تكون قد أخذت أهبتها للسفر! •••
وا أسفاه!
لقد لقي منلوس - شقيق أجاممنون وزوج هيلين وملك أسبرطة؛ والذي من أجله شبت هذه الحرب - الرقيق العجوز حامل الرسالة، فاستوقفه وقرأها!
ودارت الدنيا بالملك المحزون واحلولكت الحياة في عينيه، وقصد من فوره إلى أخيه فانتهره، ونشبت بينهما معركة حامية من السباب والتعيير، يدفع أجاممنون عن ابنته وفلذة كبده ويفتديها بنفسه وبالدنيا وما فيها، ويعيره منلوس بالمروق من الدين وعصيان الآلهة وشق عصا الطاعة على السماء!
وإنهما لكذلك إذا رسول يعلنهما أن كليتمنسترا زوجة أجاممنون وابنتها إفجنيا تستأذنان في لقاء الملك ولقاء القائد العام!
يا لسخرية المقادير؟ لقد ذهل أجاممنون وانطلق يبكي حتى تفجر الحنان في قلب منلوس المتحجر، ورق لأخيه البائس الملتاع، فقال له: «أخي، أنقذها يا أخي؛ إنها ابنتي كما هي ابنتك، فأنقذها كما يحلو لك.»
Shafi da ba'a sani ba