هذا كل ما يمكننا أن نقول إنه وصلنا تاريخيا عن «غلغامش». أما شخصيته الميثولوجية فأقل تعقيدا وأسهل فهما. فهو في الأساطير البابلية عبارة عن الشمس متجسدة في صورة إنسان، في حين أن حقيقته - على ما أجمع المؤرخون - تنحصر في أنه مزيج من كائن خرافي وبطل وطني، تدامجا لتخرج منهما شخصية أسطورية، فإنك تجد في خلال القصة وفي كثير من مواضعها إشارات تدل على أن «غلغامش» كان نصف إنسان ونصف إله. ولو أنك لا تقع على شيء محدود ينص على هذه المسألة بالذات. وفرق ما بين الإشارة والنص الحرفي وحقيقته باعتباره «إله الشمس»، مستورة بألغاز خلال القصة، ولو أنه من الجلي أن له علاقة بالإله «شاماش»
Shamash ، الذي يقدم «غلغامش» إليه خضوعه ويخصه بصلواته، والذي يتخذه حاميا ونصيرا.
مولد غلغامش
من بين الأساطير المتناقلة عن مولد «غلغامش» أسطورة رواها «آليان»
Aelian (راجع
Historia animalium XII )، وسماه «غلغاموس»
Gilgamos
بن «سوقاروس»
Sokkaros . أما «سوقاروس» فيقول «بيروسوس»
Berossus : إنه أول ملك حكم بابل بعد الطوفان، وإن النذر الربانية قد أنذرته بأن ابنته سوف تلد طفلا ينزله عن عرشه ويستأثر به. ومن أجل أن يدفع عن نفسه القدر المقدور، سجنها في برج منيع، وأقام عليها الرقباء والحراس، غير أنها على الرغم من هذا ولدت ولدا، بيد أن الحراس ليقينهم بأن غضب الملك سوف يكون شديدا إذا علم بمولد هذا الطفل، ألقوا به من أعلى البرج إلى الخارج، ولم يصل الطفل إلى الأرض، بل التقطه نسر عظيم قبل أن تصدمه الصخور، وطار به إلى الحديقة؛ حيث التقطه فلاح كان يعمل بها وقام عليه بالرباية والعناية الواجبة. فلما بلغ هذا الطفل مبالغ الرجال، أصبح ملكا على كل البابليين، بأن اغتصب عرش جده عنوة واقتدارا.
Shafi da ba'a sani ba