4
لنلاحظ هنا كيف استطاع هؤلاء المفكرون، وهم الكهان، وهم الحاكمون، أن يحققوا فائض إنتاج ملائما بين أيديهم، مقابل تفرغهم لإدارة المشترك المعبدي، والاتصال بالآلهة، باعتبار ذلك مسألة قدسية تتمثل في تزويد الآلهة بالطعام والشراب والمسكن، أو بالقرابين تدخل من فائض إنتاج الأفراد إلى ملكية خاصة بالآلهة والكهنة، إضافة إلى المسكن الفاخر للآلهة «المعبد»، الذي كان في واقعه قصرا سكنيا وإداريا للكهنة.
وقد حاول «بوتيرو» تعليل إصرار أهل سومر على فكرة خلق الإنسان من مادة الطين بالذات، بقوله: «إن هذا التمثيل والصنع من الطين لأجسام البشر الأوائل، يعتبر صورة طبيعية جدا، في بلد يلعب فيه الفخار دورا كبيرا، حيث نجد صنع التماثيل من الطين الفخاري بشكل إنسان، عملا منتشرا بصورة واسعة.»
5
أما نحن فنعتقد ببساطة، أنه كان يكفي للسومري أن يلاحظ الطين وما ينشأ فيه من حياة (فطر، نبات، ديدان ... إلخ) حتى تنشأ لديه قناعة أن هذا هو مصدر ومنشأ الحياة عموما. ولما لم يكن لديه شاهد عياني على خروج إنسان من الطين فجأة دفعة واحدة، كالزرع أو الدود، فقد اعتقد أن ذلك قد حدث بنوع من التشكيل الفخاري لأجداده الأوائل.
وبالبحث عن التسمية التي أطلقها السومريون على هذا المخلوق الطيني نجد الاسم «إنسي
ANZI » وهي في تحليلنا تعنى مثيل أو شبيه الإله «آن»، باعتبار «سي
ZI » تعني الشبيه أو الحقيقي، ويقول «حسن ظاظا» إن الاسم «إنسي» قد تخلف في كل اللغات السامية للدلالة على الإنسان، وأن مؤنثه كان يتأتى بقلب السين إلى «ش» فيصبح «أنشي»، أو إلى «ت» فيصبح «أنتي» أو «ث» فيصبح «أنثى» كما في العربية وجمعها «إناث»،
6
لكن «كريمر» يشير إلى أن الاسم «إنسي» وكان اللقب الذي يعرف به ملوك المدن السومرية.
Shafi da ba'a sani ba