الإنجليز وضرب الإسكندرية أو قصة الذئب مع الحمل
بهذه التعليمات الصادرة في 5 يوليو سنة 1882 خلا الجو لسيمور فأسرع باتخاذ الإجراءات لتحقيق خطته قبل أن تراجع فرنسا نفسها، وعلى الرغم من أن وكيل نظارة الحربية المصرية ذهب يوم 6 يوليو لمقابلة «سيمور»، وقدم له تقريرا أكد له فيه أن الأعمال الإصلاحية في القلاع قد أوقفت، وأن هذه الأعمال لم يكن يقصد بها تهديد الأسطول البريطاني أو الإضرار به، فإن «سيمور» لم يقتنع ولم يرعو؛ فإن قصة التحصينات وتهديد الأسطول لم تكن إلا خرافة أو تعلة يحاول بها أن يبرر هذا العدوان، تعلة لم تكن تقرها المبادئ الإنسانية أو القوانين الدولية أو الحكمة المنطقية، وإنما كان يقرها شيء واحد هو شريعة الغابة، الشريعة التي تبيح للقوي العدوان على الضعيف.
وفي هذه اللحظة تحرك قناصل الدول الأوروبية الموجودون في الإسكندرية، تحركوا لا للدفاع عن مصر والمصريين، بل للدفاع عن حقوق رعاياهم وأرواح رعاياهم وأملاك رعاياهم، فأرسلوا في 7 يوليو مذكرة مشتركة وقعوا عليها جميعا إلى الأميرال «سيمور» يسألونه هل اقتنع برد الحكومة المصرية ورضي بتأكيداتها أم أنه ما زال عند رأيه في ضرب الإسكندرية، فإنه لا يمكن أن يتم ضرب الإسكندرية - كما يقولون - «بدون أن يجر أخطارا جمة على المسيحيين والأهالي معا، ولا بدون تدمير ما لا يحصى من أملاك الأوروبيين».
هكذا كان يبدو ميدان المنشية (قبل المعركة).
وهكذا أصبح ميدان المنشية (بعد المعركة).
هكذا وقف جنود مصر وأبطالها، في إحدى قلاع الإسكندرية، يدافعون عن الوطن ضد العدو المغتصب.
وهكذا كانت تبدو طابية قايتباي بعد المعركة، وكل قطعة من سلاح تشهد أن جنود مصر دافعوا عن حصنهم أمجد دفاع.
وثيقة الخيانة (إنه توفيق يستعرض جنود الاحتلال في قلب القاهرة، في ميدان عابدين).
آثار التخريب (في ميدان مسجد الشيخ إبراهيم باشا).
وأسرع السيد سيمور بالرد على السادة القناصل في نفس اليوم، وتكاد كل كلمة من كلمات خطابه تنطق بأن الأمر مبيت، وأنه لا مفر من ضرب الإسكندرية، فهو يرغب في تأكيدات أوفى «لأن التأكيدات المكتوبة مهما تكن عباراتها قليلة القيمة بالنسبة للمصالح التي اؤتمنت عليها».
Shafi da ba'a sani ba