Labarin Adabi a Duniya (Sashi na Farko)
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
Nau'ikan
بمجرد الصياح والنفخ في الأبواق، وأشار إلى الشمس والقمر فوقفا في الفلك عن المسير؛ فسفر يوشع ملحمة رائعة وسيرة بطل مغوار، بل هو تاريخ شعب بأسره، ممزوج بالقصص وعقائد الدين. وفيه إلى جانب ذلك قصة صغرى كثيرا ما يستوحيها كتاب القصة والرواية، وهي قصة «راحاب»، فقد أراد يوشع أن يتمم ما بدأ به موسى وهو عبور الأردن والاستيلاء عليه وعلى ما حوله، فأعد العدة وجمع بني إسرائيل للفتح، وبدأ ذلك بإرسال جاسوسين إلى «أريحا» يستكشفان له الأرض، ويستطلعان خبر العدو وقوته، فنزلا على بغي اسمها «راحاب» وقضيا ليلتهما عندها، ولكن ملك أريحا علم بخبرهما، فأرسل إلى راحاب يطلب إليها أن تسلم الجاسوسين، فأنكرتهما وزعمت أنهما تركاها وذهبا، على حين أنها كانت خبأتهما في سطح منزلها وضللت رسل الملك، فلما ذهبوا للبحث عنهما أخرجت الرسولين من مخبئهما وطلبت منهما عهدا أن يستحييها بنو إسرائيل هي وأباها وأمها وإخوتها وأخواتها إذا انتصروا ودخلوا المدينة، فوعداها بذلك. فلما دخل يوشع أريحا حرم على جنوده أن يقربوا ما فيها، وأمرهم أن يبقوا على حياة راحاب لإيوائها الجاسوسين، وأن يخرجوها وأهلها من المدينة، ثم أمر بإحراق أريحا بكل ما فيها.
وقد كان يوشع قائدا حربيا يشتعل بالحماسة الدينية ولا يرحم الأعداء، فكأنما رسم بذلك خطة لكل من جاء بعده من قادة الحرب المتحمسين للدين.
ويجيء بعد ذلك سفر «القضاة» الذي لا تكاد تأخذ في مطالعته حتى تصادفك إحدى بطلات التوراة - دبورة - التي قامت في شعبها بدور يشبه ما قامت به «جان دارك »
7
في فرنسا؛ ذلك أن دبورة كانت نبية لبني إسرائيل، وكان لها نخلة في جبل تعرف بها، تجلس تحتها، وتقضي بين من احتكم إليها، فدعت «باراق» أن يقود بني إسرائيل ليحاربوا الكنعانيين ويتحرروا من سلطانهم، فأبى أن يقود الجيوش ويذهب للحرب إلا أن تذهب معه، ففعلت، وظلت دبورة تحمس الجيش، وتحرض على القتال، وترسم الخطط، حتى انتصر بنو إسرائيل وتحرروا من الكنعانيين، ووضعت «دبورة» بعد ذلك أنشودة النصر، وفيها «اسمعوا أيها الملوك وأصغوا أيها العظماء، إني أغني لله إله بني إسرائيل؛ يا إلهي! لقد تجليت للجبال فدكت، وللأرض فزلزلت، وللسماء فانشقت، وللسحب فأمطرت.»
وفي سفر القضاة كذلك قصة «شمشون» التي تعد في طليعة قصص الأبطال، وشمشون هذا رجل أعدته العناية الإلهية منذ كان في بطن أمه للفتك بأعداء الإسرائيليين، فأرسل لأمه ملكا يبشرها بغلام، ويحذرها من شرب الخمر وأن تقرب محرما أثناء الحمل. لأن الله يعده لتخليص الإسرائيليين من سطوة الفلسطينيين. وولد شمشون وشب قويا متينا، ورأى فتاة فلسطينية فأحبها وهام بها، وعرض على أبويه أن يتزوجها فأبيا أولا، وقالا له إن في بنات جنسك غنى عنها، فأصر شمشون، وكان لله في ذلك حكمة، للصلة بالفلسطينيين أعداء الإسرائيليين.
وأخيرا رضي أبواه وسافروا جميعا ليتزوج شمشون بالفتاة، وفي الطريق ينتحي شمشون ناحية فيعترضه أسد يهجم عليه ليمزقه ويلتهمه، فيقف له شمشون وليس معه سلاح فيفتك بالأسد كأنه حمل وديع، ويعود شمشون إلى أبويه وهما في الطريق فلا يخبرهما بشيء. وبعد أيام يعود شمشون إلى مكان الأسد فيجد النحل قد بنى خلاياه في جوف الأسد، فاشتار منه وأكل.
وتزوج شمشون الفتاة، وأعد وليمة لثلاثين من الشبان، وأراد أن يسرهم بلغز يلقيه عليهم، فإذا حلوه أعطاهم ثلاثين ثوبا وثلاثين قميصا، وإذا لم يحلوه في سبعة أيام أعطوه هم مثل ما كان يعطيه لهم؛ واللغز يدور حول الأسد والعسل، وصيغته هكذا: «ما شيء كان آكلا فنتج منه الأكل، وكان جافا خرجت منه حلاوة.»
فلما لم يعرفوا حل اللغز ألح الشبان على امرأة شمشون لتحتال عليه فتعرف منه حله، ففعلت وأخبرتهم، فقال لهم: لولا ما احتلتم على نعجي ما عرفتم أحجيتي، ونزل إلى قرية وقتل منها ثلاثين رجلا وأخذ سلبهم فأعطاه لمن راهنهم.
ثم نجد شمشون قد هام بامرأة أخرى بغي في غزة، فعرف أهل غزة به فأغلقوا أبواب المدينة عليه وحبسوه ليقتلوه إذا أصبح الصباح، فقام شمشون في نصف الليل وخلع مصراعي باب المدينة ووضعهما على كتفه وصعد بهما إلى الجبل.
Shafi da ba'a sani ba