169

Labarin Adabi a Duniya (Sashi na Farko)

قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)

Nau'ikan

151

وهو أصغر من سوفوكليس بأعوام قلائل، وقد لبث الشاعران العظيمان نصف قرن يتنافسان أمام النظارة من اليونان، ولكن القدر كان أرحم بآثار يوربيدس منه بآثار زملائه، فاحتفظ للأجيال التالية بتسع عشرة من رواياته التسعين. وكان «يوربيدس» شاعر الحب بين كتاب المسرحية اليونانية، لأنه أدار كثيرا من قصصه حول هذا الدافع الإنساني.

ولم يكن الحب باعتباره حافزا للإنسان في سلوكه، مجهولا قبل يوربيدس. ألم يكن فرار «بارس» مع حبيبته «هلانة» هو الذي أثار حرب طروادة، ولكن «يوربيدس» هو أول من اتخذ عاطفة الحب وغيرها من العواطف الإنسانية محورا أساسيا في سلوك أشخاصه؛ فالناس من البشر في رواياته أهم من الآلهة، بل إنه حين يقص عن الآلهة وأشخاص الأساطير فإنما يطلق ألسنتهم بحديث هو أقرب شيء إلى حديث الناس في مضطرب الحياة؛ فقد كان «يوربيدس» أعرف الناس بالمجتمع اليوناني في عصره، عرف كم بلغت المدنية والفلسفة والثقافة العقلية والشك عند قومه، وكيف صرفهم هذا كله عن الإيمان الخالص الساذج بآلهتهم. وأدرك أنه إذا أراد أن يحرك العاطفة في نفوس نظارته، فليضرب على أوتار العواطف الإنسانية التي لا ترتكز على الدين؛ فهذه «ميديا»

152

الساحرة - إحدى شخصياته الروائية - يصورها في الظاهر كما صورتها الأساطير القديمة: ساحرة تقتل أبناءها انتقاما من «جيسن»

153

وتطير في عربة مجنحة، ولكنه يجري من الكلام على لسانها، ويثير من العواطف في قلبها، ما يجعلها امرأة معذبة من هؤلاء النسوة اللائي يصادفنك في الحياة.

كان يوربيدس يميل إلى العزلة، لأنه كان في نغمة عصره نشازا لا ينسجم مع ميول العامة من الناس، زاعما أنه يؤثر حياة الريف الساذجة على حياة المدينة المتحضرة. وقد كان في فنه مجددا، فكان تجديده ذاك وخروجه على التقليد المألوف موضع السخرية من شيخ الساخرين «أرستوفانس» الذي كان زعيما للرجعية وإماما، فقد كره كل جديد وسخر منه، لكن يوربيدس كان مر النفس، ضيق الصدر، يكره أن يكون أضحوكة الضاحكين:

وإن روحي لتمقت

أولئك الساخرين الذين يطلقون للسخرية عنانها

Shafi da ba'a sani ba