153

Labarin Adabi a Duniya (Sashi na Farko)

قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)

Nau'ikan

رسل مواسم الألعاب وحاملو القربان إلى «زيوس»، وذلك عندما بلوا كرمه، لقد حيته أصواتهم الجميلة عندما تلقاه النصر الذهبي على فخذيه ببلادهم. تلك البلاد التي ندعوها حرم «زيوس» الأولمبي. لقد لقي هنالك أبناء «أبنسيديموس» مجدا خالدا. آه! إن قصوركم - تراسيبولس! - لا تجهل الولائم المحبوبة، ولا تنقطع عنها الأناشيد المجيدة. (المقطوعة الثالثة: تنشدها الجوقة وهي ساكنة):

إن رسل عذارى «الهليكون»

119

لا يصدمون بالصخور، ولا تتوعر بهم السبل عندما يخفون إلى النابهين من الرجال، حاملين هدايا هؤلاء العذارى. ليتني أستطيع أن أصل بسهامي حيث وصل زينوقراط بكرمه النفسي العذب، مخلفا وراءه الناس كافة. لقد حاطه مواطنوه بإجلالهم. لقد أحب تربية الخيل لكي يساير تقاليد الإغريق في أعيادهم. لقد أقام دائما الولائم في بشاشة تمجيدا للآلهة. ولم تحمله يوما رياح الكرم التي تهب حول مائدته على أن يطوي قلاعه. في الصيف يبحر حتى «فاسس»، وفي الشتاء يبحر حتى ضفاف النيل. ولما كانت آمال الحسد تهوم حول البشر، كان من واجب «تراسبولس» ألا يمسك قط عن الإشارة ببطولة أبيه. عليه ألا يترك هذه الأناشيد تهوي إلى النسيان. إنني لم أكتبها لكي تنام خامدة. أحملك - يا نيكاسيوس!

120 - هذه الرسالة وأنت عائد إلى الكريم الحبيب إلى نفسي.

هذا النشيد الصغير يرينا مثلا من أناشيد النصر عند اليونان، فالشاعر يتغنى بجمال تراسيبولس الشاب الذي أرسل إليه مدحه لأبيه، وهو يشيد بذلك الأب لانتصاره في الألعاب في سباق العربات، وهو يذكر ما كان من نصر سابق في كريسه وفي أثينا وفي أولمبيا، نصر أحرزه الممدوح أو غيره من أسرته، ثم يمجد سائق العربة، وأخيرا يتحدث الشاعر عن نفسه معلنا اعتزازه بشعره. وليست كل أناشيد بندار في هذا الاختصار؛ إذ إن من بينها ما يبلغ خمسمائة بيت تقريبا، أي ما يقرب من أغنية من أغاني الإلياذة أو الأوذيسية. والشاعر يلتمس عندئذ مادة لشعره في الأساطير التي تدور حول أجداد البطل أو حول مدينته.

وشعر بندار يمتاز بقوة التركيز، وهو شعر غامض حارت في فهمه العقول. انظر مثلا إلى جمعه بين «رياح الكرم التي تهب حول مائدة الممدوح» و«رحلات الممدوح إلى الشمال حتى فاسس، وإلى الجنوب حتى ضفاف النيل.» التماسا لوجاهة الثراء، وكيف جمع الشاعر بين المعنيين الحقيقي والمجازي، واصلا بينهما بقوله «إن رياح الكرم لا تمنع الممدوح من أن يبحر طلبا للمال من التجارة.» فهذا تركيز لا يخلو من غموض، ولكنه من مصادر عظمة ذلك الشاعر الذي يرى فيه النقاد أكبر شاعر غنائي. •••

كانت أثينا طوال ذلك الزمن الذي عاش فيه من ذكرنا من الشعراء زعيمة اليونان العقلية، ولكن المدنية اليونانية لم تقتصر على أثينا، بل ترامت إلى آسيا الصغرى وإلى صقلية وجنوبي إيطاليا، وازدهرت الفنون في كثير من هاتيك المدن والأقاليم، وإنه لمما يدل على تنافسهم وتسابقها أن ادعى سبع منها بنوة هوميروس، كل منها يدعيه لنفسه. وقد ظهر من ذكرنا من شعراء في مدن مختلفة من البلاد اليونانية، ولكنهم كانوا يحجون إلى أثينا؛ هذا يذهب إليها في زيارة قصيرة، وذلك يقصد إليها لإقامة طويلة.

فلما بسط الإسكندر الأكبر سلطانه على العالم، فقدت المدن اليونانية قوتها وإن لم تفقد طابعها، فأخذ الأدب هنالك يضعف وتنهار دعائمه، ولم يعد - على مر الزمن - تعبيرا طبيعيا عن خواطر الشعب تجري على ألسنة شعرائهم؛ لم يعد الأدب - تدريجا - صوت الحياة، بل أصبح موضوعا يدرس في كتب، وأصبح الأثر الفني تقليدا وصناعة يؤديها الأديب بعقله لا بقلبه.

وانتقلت الزعامة الأدبية إلى الإسكندرية بعد أثينا، الإسكندرية التي أسسها الإسكندر في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، وسرعان ما بلغ سكانها ثلاثمائة ألف، وأخذت تجذب إليها أرباب العلم وأصحاب الفن بسبب هذه المكتبة العظيمة التي أقامها فيها البطالسة؛ فازدهر العلم وازدهرت الفلسفة وقوي النقد، لكن الشعر لم يزدهر لسبب لا ندريه، فقد فقد جزالته وضاعت قوته، ولعل ما أدى إلى ذلك أن الشاعر كان يكتب قصيدته لتقرأ لا لتنشد وتسمع، أصبح يكتبها للعين لا للأذن، فضاعت من الشعر أنغامه الحلوة، وبقيت له القوالب المتحجرة والصور الفارغة، أو لعل العبقرية اليونانية قد أفرغت جعبتها، فلم يعد لديها شعور جديد ولا أسلوب جديد، لكن لا! فقد ظهر بعد ذلك شاعر آخر كان له فكر جديد صاغه في أسلوب جديد، وذلك هو «ثيوقريطس»

Shafi da ba'a sani ba