أي اعتبروا كل قصة متوسطة الطول داخلة فيه، مع أنه من الواجب فنيا ولتمييز هذا النوع من غيره من أنواع القصص أن يحتفظ له بطابعه الإخباري، وعندئذ كنا نستطيع أن نترجم هذا المصطلح إلى العربية بعبارة القصة الإخبارية متخذين لها نماذج من قصص «بروسبير ميرميه» التي كتبها في هذه الصورة، مثل: «كولومبا» و«ماتيو فالكوني» وغيرهما.
ومهما تكن الاختلافات الشكلية الاصطلاحية، فإن هذه الصفحات من فن القصص الروماني تكون نماذج رائعة للفن القصصي كله مهما اختلفت صوره وأبعاده، وهي تعطي فكرة واضحة متكاملة عن اتجاهات هذا الفن ومنابعه وأهدافه ومواضع اهتماماته. (3) أوجه شبه
والقارئ العربي - فضلا عن المتعة الثقافية والفنية التي سيجدها عند قراءة هذه الصفحات المختارة - فإنه لن يعدم الوقوع على أوجه شبه بين حياة شعبنا العربي وكفاحه واتساع اهتماماته وبحثه عن أصالته الخاصة، وبين حياة الشعب الروماني وكفاحه واتساع اهتماماته هو الآخر وبحثه عن أصالته الخاصة.
وإذا كنت لم أقرأ حتى اليوم لأحد أدبائنا تصويرا لمذبحة المماليك في القلعة - مثلا - على نحو ما قرأت هنا قصة الكاتب «نيجيرتسو» عن مذبحة «ألكسندرو لابونشيانو»؛ فإنني قد وجدت مع ذلك ما يشبه هذا الفن القوي في مثل قصة «العسكري الأسود» للدكتور «يوسف إدريس»، كما أنني ألاحظ أن فننا القصصي يمر اليوم بنفس المراحل والتطورات والاهتمامات التي مر بها الفن القصصي الروماني عندما أخذ يعود إلى ماضيه في القصة التاريخية منذ «جورجي زيدان»، ثم عندما أخذ يتجه إلى حياتنا الريفية بأسلوب يجمع بين الرومانسية العاطفية والواقعية في قصة «زينب» «لمحمد حسين هيكل»، وأخيرا اتجاه أدبائنا نحو مشكلات ومعارك الفلاحين في مثل قصة «الأرض» «لعبد الرحمن الشرقاوي»، وكفاحنا الوطني في «عودة الروح» لتوفيق الحكيم، وفي الفترة الأخيرة اهتمامنا بالآداب الشعبية وجمعها وتسجيلها، ودراستها كأساس لاستيحائها في أدبنا الجديد الذي أخذت طلائعه تظهر.
ويسرني أن ألاحظ أيضا أن حركة التصنيع القائمة الآن على قدم وساق في بلادنا لا بد أن تخلق عما قريب الأدب الذي يعالج حياة الطبقة العاملة وكفاحها الصناعي، ومشاكلها الخاصة على نحو ما حدث في الأدب الروماني سواء بسواء.
وهكذا أرجو أن يفيد عملي المتواضع في ترجمة وتقديم هذه المختارات إلى قراء العربية فائدة تجمع بين المتعة الفنية الخالصة وإبراز أوجه الشبه والالتقاء والتقارب بين كفاح الشعوب النامية وبحثها عن ذاتها.
محمد مندور
كونستانتين نجروزو (1801-1864)
ينتمي كونستانتين نجروزو إلى أسرة متواضعة من نبلاء ملدافيا، وهو أحد جماعة كتاب مجلة «داسيا الأدبية» التي كان يديرها «ميخائيل كجالنيشاينو»، والتي كانت تهدف قبيل ثورة سنة 1848 إلى الكفاح في سبيل أدب قومي أصيل، وهو كاتب موهوب تميز في بدء حياته الأدبية بالطابع الرومانسي، ولكنه لم يلبث أن تكشف في «أسود فوق أبيض» و«خطايا الشبابا» عن كاتب واقعي عامر بالسخرية قادر على أن يصور شخصيات ومواقف أصيلة من حياة ملدافيا في أواسط القرن الماضي، وهو خالق القصة التاريخية، وتعتبر قصة «إسكندر لابوشنيانو» أروع ما كتب في هذا الفن، كما أنه خلف قصيدة ملحمية إضافية بطلها الرئيسي هو إتيين الكبير الذي حكم ملدافيا في القرن الخامس عشر، وقد كان مترجما متحمسا عرف الجمهور الروماني بمؤلفات موليير وفلتير وفيكتور هيجو وا. كانتمير وبوتشكين وغيرهم.
إسكندر لابوشنيانو1 (1514-1569)
Shafi da ba'a sani ba