أعرف أنني مشلول ما دون عنقي بكل تأكيد؛ لأنني لا أشعر بأي شيء يلامس أطرافي، ولا أثقل بثقل جسدي على أرضية التابوت، لا بد أن الحادث قد سبب هذا، إذن ليس بيدي حيلة سوى الصراخ، أملا في أن يسمعني أي شخص في الخارج.
وصرخت مجددا بعلو صوتي: «أغيثوني ... أنا هنا ... هل هناك من يسمعني؟» - «النجدة!»
كنت أتلفت حولي وأصرخ مذعورا عندما سمعت الصوت العميق يتردد في المكان: «هل فعلت خيرا في حياتك السابقة؟»
3 - «ديفيد، إن توجهاتك الجديدة بدأت تثير مخاوفي.»
قالها الحاخام الأعظم «شلومو غورين» وهو يصلح من غطاء رأسه، قلت وأنا أنظر للأرض حتى لا أقلل من احترامه بالنظر إلى عينيه المباركتين مباشرة: «أي توجهات يا أبت؟»
قال وهو يضع يده الشريفة على الحائط ويتحسس تشققاته: «قراءاتك الجديدة، لقد بدأ الحاخامات يتهامسون بأنك تقرأ كتبا للمسيحيين والمسلمين، يقولون إنك بدأت تشكك في تعاليم كتابنا المقدس وتتحدث عن أن الحياة الأخرى قد تكون حقيقة.»
قلت وأنا استقبل حائط المبكي: «تقصد مناقشتي مع الحاخام ألعيزر يا أبت، ليس تشكيكا لكنه مجرد نقاش.»
قال بطريقته المحببة في الوعظ: «أن تعلم أننا نشجع حاخاماتنا لقراءة الأديان لمعرفة تفاصيلهم، وتعزيز الشكر للإله لأنه حافظ على ديننا ولم يسمح بتحريفه كما حرفت المسيحية والإسلام، فلا تسمح لهم بتسميم أفكارك. إن مفهوم يوم الحساب أثار الكثير من اللغط قديما عند رجال الدين، ولم يستقر بصورته المؤكدة الحالية إلا بعد العصر البابلي، كل اليهود سيتطهرون في يوم الحساب من ذنوبهم وآثامهم ليعودوا من جديد صفحات بيضاء من كل دنس، ثم تعود البقية الصالحة إلى أرض الميعاد ليعيشوا بسعادة وهناء كما جاء في سفر هوشع. الرب اختص اليهود بهذا التشريف العظيم، تلك خاصيتنا نحن أحباب الرب وشعبه المختار. هذا اليوم ليس يوم القيامة الذي تتحدث عنه بقية أديانهم لكنه يوم أرضي، هنا جنتنا ونارنا.
كل الصادوقيين والفريسيين يؤمنون بهذا وينكرون قيام الموتى، كيف يقوم من تحلل جسده؟ لا يوجد منطق في هذا، إنما الثواب والعقاب في الحياة، انظر إلى نصوص التوراة وستدرك أنها تكافئ العمل الصالح لليهود بنصر الله لنا وانتصارنا على الأعداء، وكثرة الأولاد، ونماء الزرع، وتعاقب سوء العمل والمعصية بنصر أعداء بني إسرائيل، وسبي نسائنا الجميلات وموت زرعنا وهلاك ماشيتنا، هل ترى؟ لا يوجد يوم آخر أو بعث، تلك تخرصات أهل الأديان المحرفة وتشكيكات الملحدين، كل الجزاء في هذه الدنيا!»
قاطع أفكاري صوت الطيار عبر جهاز المذياع الداخلي يدعونا لربط أحزمة الأمان لأننا على وشك الإقلاع، نظرت عبر النافذة، الطائرة تدور حول نفسها ببطء لتستقبل مدرج الاقلاع، وصوت المحركات المرعب يهدر تصاعديا في كل ثانية، لم أكن ممن يشعرون بالراحة في الطائرات، ولا أفهم كيف ينام شخص طبيعي ملء جفنيه في مثل هذا الشرك الطائر، لا شيء يفصلنا عن الاختناق والاحتراق والدمار في الخارج، سوى بضعة سنتميترات من الألمونيوم الخفيف!
Shafi da ba'a sani ba