يا سيدي هذا مجتمع مريض قبيح، مشوه حد الثمالة.
هو عصر تصدير الأنا العليا في صورتها الأكثر تحفظا وعقلانية، عصر الذكاء الاجتماعي ويوتوبيا الزائفة؛ حيث لا تجد سوى مجتمع الملائكة الفاضل، فإذا اختفت نظرة الرقيب قليلا!
حسن، أن تعرف من أين يأتي الكاذبون، والمثاليون، ورجال الدين، والرأسماليون، والسايكوباث، والقتلة، وكل إخفاقاتنا الإنسانية.
إنهم نحن!
مجتمع منافق، متناقض، يؤمن بالله ظاهرا، ويكفر به خلقا، ويرتكب باسمه أشنع الفظائع، فيقتل الضمير باسم الشرع، وتنتهك الأخلاق باسم الله، تنتزع الحريات ويكبل الإنسان باسم التقاليد، نكذب، ونقتل، ونزني، ونسرق، ونؤذي، ونغتاب، ثم نحرص على صلاة العشاء جماعة في المسجد ؛ فاسم الله مخدر جيد لوخزات الضمير.
نبحث عن الله في سوح المساجد والصلوات وقد فقدناه في قلوبنا، وتنكرنا له في أعماقنا، فنبالغ في طقوسيتنا وإبراز مظاهر تديننا، كسلوك تعويضي قهري لفقدان الإيمان، كما يبالغ الكاذب في الحديث عن صدقه، وتبالغ العاهرة في إبداء مظاهر عفتها.
كل هذه الفضيلة المدعاة، والتعصب الديني، ورقة توت واهية، تستر ضعف يقينهم، وفساد إيمانهم، قناع هش يتحطم عند أول اختبار حقيقي مع النفس، عندها تتلاشى الأنا العليا المزيفة وتعود طبقة العقل الدنيا للواجهة؛ حيث المجد للشيطان بلا منازع!
صدقني، كفرت بهذا المجتمع منذ زمن!
يتقافز الطائر على الحائط، يفرد جناحيه ويهزهما بخفة ويقلب رأسه بسرعة، يهمس لي: «ماذا عن الأفكار المتطرفة؟! الأرق؟! الصداع الدائم؟! المخدرات! كل هذا الشيء من بعد موتها من قبيل الصدفة؟ ... تظن؟!»
نعم هي الصدفة يا سيدي الطائر، كصدفة الوجود والخلق.
Shafi da ba'a sani ba