قال عزيز: «أبلغها يا أخي، أن هذا المكان لا يليق باستقبالها واستقبال سيارتها الفخمة، وأنا - على أية حال - على العهد الذي قطعته لها ألا أراها وقد تزوجت بعد أبي!»
وعبثا حاول الفتى أن يحمل أخاه على العدول عن رأيه، فهو مصر عليه كل الإصرار، ولا سبيل إلى تحويله عنه. فلما يئس منه أخوه، وهم بالانصراف، أمسكه عزيز من ذراعه وسأله: كيف حال أختك؟ ألم يتقدم لها خاطب ليتزوجها؟
وتلعثم الفتى حين سمع هذا السؤال، وبدا عليه الاضطراب، ثم لم يجد بدا من أن يفضي لعزيز بأنهم يتكلمون في زواج أخته من ابن السيد شحاتة. عند ذلك ثار ثائر عزيز، وصاح بأخيه: تتزوج من ابن السيد شحاتة، ولا تبدي أنت اعتراضا؟!
أكذلك أصبحت أنت كما أصبحت أمك منهم، ولم تبق ابن أبيك؟ ألا أبلغ أمك أن هذا الزواج لن يكون، فأنا ولي أختي شرعا، ولن تتزوج بغير موافقتي!
وعاد الفتى إلى أمه وقص عليها ما دار بينه وبين أخيه، فاضطربت، بل كادت تصعق. إنها كانت ترجو أن تضم الأسرتين وتجعل منهما أسرة واحدة. فإذا اختاره الله إليه كانت أما لهذه الأسرة كلها، وعاشت ما بقي من حياتها في طمأنينة ونعمة. وهذا عزيز يريد أن يفسد عليها كل تدبيرها، وكانت تحسبه بالغا غاية الإحكام. فما عساها أن تفعل؟ وأي موقف تقفه من ابنها الأكبر، وقد وضعها بينه وبين زوجها وضعا لا تحسد عليه؟
وقضت الليل بطوله تقلب الأمر على وجوهه، فلما أصبحت ذكرت لشحاتة أن قلبها لا يطاوعها على ألا ترى عزيزا.
قال زوجها: «ذلك شأنك فاصنعي ما تشائين، ولا اعتراض لي على أن تلاقيه حيث شئت أو حيث شاء، إذا هو سمح بلقائك. أما أنا فلا سلطان لي عليه.»
هنالك انفجرت رجاء باكية وقالت: «ولكنه بعث يهدد بالوقوف في سبيل تزويج ابنتي من ابنك، بحجة أنه وليها الشرعي، ولا بد من موافقته على هذا الزواج.»
وصدمت هذه العبارة شحاتة فقال: «هذا كلام أطفال، ويجب أن نتم عقد القران بأسرع ما نستطيع.»
وازدادت رجاء اضطرابا لما سمعت، وانصرف شحاتة إلى عمله. وإنهم لفي صبح الغد من ذلك اليوم؛ إذ حمل المحضر إليها إنذارا من عزيز، بأنه يعارض تزويج أخته من ابن شحاتة بوصفه وليها الشرعي، ويبني اعتراضه على عدم الكفاءة بين الفتاة وخطيبها. فالجاهل ابن الجاهل لا يكون كفؤا لابنة عالم عظيم! •••
Shafi da ba'a sani ba