وبحث عارف هذه النصيحة، وانتهى إلى قبولها، ثم إنه خطب «طيبة» إلى نفسها فلم تتردد في قبول خطبته، وتزوجا.
وجمعت المأساة التي حطمت قلب كل منهما بينهما، وأخذت تضمد جراح هذين القلبين الكسيرين، وتأسو كلومهما، فلما رزقهما الله أول أطفالهما مرت ابتسامة هذا الطفل وبراءته على ما بقي من هذه الكلوم، فاندملت.
وهما الآن يعيشان متمتعين بخير ما يتمتع به الأزواج السعداء!
وفاء
كانت لخاله بنتان! ربط الحب بينه وبين صغراهما بأوثق رباط، فتعاهدا على أن يتوجا هذا الحب بالزواج، واغتبطت «عزة» بهذا العهد، رغم ما كانت تعلمه من رقة حال ابن عمتها، لأنها كانت تلمح في بريق عينيه ذكاء، وفي نبرة صوته حزما، وفي حلو حديثه سحرا ومنطقا، فكانت تؤمن بأنه سيرتفع إلى مراكز سامية، ويرفعها معه إلى هذه المراكز.
وكان «فريد» من جانبه شديد الثقة بنفسه، وكانت نظرة عزة إليه تضاعف هذه الثقة عنده، وتضاعف من طموحه ليكون أهلا لها، جديرا بها. فلما بلغت الفتاة الثامنة عشرة من سنها، خاطب زوجة خاله في خطبة «عزة» إلى أبيها فقالت له: لا أحسب خالك يضن عليك بابنته، لكنه لا يرضى أن تحدثه في هذه الخطبة، قبل أن تخطب أختها، فهي أكبر منها، ولا يجوز في عرف الناس أن تخطب الصغرى قبل أختها التي تكبرها!
وقبل فريد هذا الكلام على مضض، وإن طمأنه أن الأم ترحب بزواجه من ابنتها. ففي هذا الترحيب أمارة خير، ولا ضير عليه أن يصبر، وأن يرجو الله أن تخطب الأخت الكبيرة في زمن وجيز!
وتعاقبت الأسابيع والشهور، وفريد في انتظاره على لظى. وإنه لكذلك، إذ علم أن «أسعد بك» ذهب إلى خاله يخطب ابنتيه لولديه!
وكان أسعد بك رجلا وجيها من علية القوم، واسع الثراء، وكان ابناه شابين مهذبين حصلا على مؤهلات علمية أعلى من مؤهلات فريد!
واضطرب فريد إذ بلغه هذا النبأ، وذهب لفوره إلى زوجة خاله، يسألها عن هذه الخطبة ورأي خاله فيها.
Shafi da ba'a sani ba