10
من الكراسي، وأكبر من خروق الورق الملصق على الحائط، وأنزع أهداب الستائر، وماذا غير ذلك؟ فالسأم شيء فظيع، وأخيرا لم أتمكن من الاحتمال، فتقدمت دون حس أو حركة نحو الباب الموصل إلى غرفة الدميتين، ورفعت ذراعي حتى أمسك بالمقبض، وكنت أعلم جيدا أني أعمل عملا فضوليا مشينا، ولكن ذلك أكسبني نوعا من الغرور.
وفتحت الباب، فوجدت ذات الثوب الأبيض واقفة أمام المدفأة، والرجل راكعا عند قدميها فاتحا ذراعيه كأنه يريد أخذها، وكان وجهه أشد احمرارا من عرف الديك، وتكاد عيناه تخرجان عن رأسه. هل يمكن أن يكون الإنسان في مثل هذا الحال؟
وقالت ذات الثوب الأبيض وكانت موردة أكثر من العادة ومضطربة جدا: كفى يا سيدي ... كفى ... ما دمت تدعي أنك تحبني كفى ... ولا تدعني آسف بعد ذلك على استقبالك.
وكانت كأنها تخشاه وقد كادت تخذلها قواها.
وعندما رآني قام للحال، وأظن أنه فكر لحظة في قذفي من الشباك. أما هي فبدلا من أن تنتهرني - كما كنت أنتظر - ضمتني بين ذراعيها وهي تدعوني بعزيزها.
ولما حملتني إلى المقعد بكت طويلا بكاء هادئا على خدي، وكنا وحيدين في الغرفة فأخبرتها - كي أعزيها - أن الرجل الأسود العارضين كان رجلا سافلا، وأنها ما كانت لتحزن لو أنها ظلت معي، كما كان متفقا من قبل، ولكن ذلك لم يجد شيئا، وتبين لي أن الأشخاص الكبار يكونون أحيانا غريبي الأطوار.
وما كدنا نهدأ حتى دخلت ذات الثوب الأسود ومعها جملة أشياء ملفوفة في الورق، وسألت عما إذا كان قد زارهم أحد، فأجابت ذات الثوب الأبيض بهدوء: لقد حضر المسيو أرنول، ولكنه لم يمكث غير ثانية واحدة.
أما هذه فقد كنت أعلم جيدا أنها كذبة، ولكن المهارة التي اصطنعتها ذات الثوب الأبيض وقعت تحت تأثيرها منذ بضع لحظات دون شك، فوضعت إصبعها الخفي على فمي فمنعتني من الاعتراض وذكر الحقيقة.
ولم أر مسيو أرنول بعد ذلك، ولم يصادف غرامي بذات الثوب الأبيض أي عقبة بعد ذلك، وهذا هو السبب بلا ريب في أنني لم أحتفظ بتذكاره، ولغاية الأمس؛ أي بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما، كنت لا أعرف ماذا حدث لها.
Shafi da ba'a sani ba