قلت: ((يزيد بن معاوية أكثر ما نقم عليه في عمله شرب الخمر وإتيان بعض الفواحش)). فأما قتل الحسين فإنه كما قال جده أبو سفيان يوم أحد لم يأمر بذلك ولم يسؤه. وقد قال: ((لو كنت أنا لم أفعل معه ما فعله ابن مرجانة)) يعني عبيد الله بن زياد. وقال للرسل الذين جاءوا برأسه: قد كان يكفيكم من الطاعة دون هذا. ولم يعطهم شيئا، وأكرم آل بيت الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في محامل وأبهة عظيمة. وقد ناح أهله في منزله على الحسين، حتى كان أهل الحسين عندهم ثلاثة أيام. وقد قيل: إن يزيد فرح بقتل الحسين أول ما بلغه، ثم ندم على ذلك، فقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ((إن يونس بن حبيب الجرمي حدثه قال: لما قتل ابن زياد الحسين ومن معه، بعث برءوسهم إلى يزيد، فسر بقتلهم أولا وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى ندم فكان يقول: ((وما كان لو احتملت الأذى وأنزلته في داري وحكمته فيما يريد وإن كان علي في ذلك وكف ووهن في سلطاني حفظا لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]، ورعاية لحقه وقرابته. ثم يقول: لعن ابن مرجانة، فإنه أخرجه واضطره، وقد كان سأله أن يخلى سبيله أو يأتيني به أو يكون بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله فلم يفعل بل آسى عليه، وقتله، فبغضني بقتله إلى المسلمين، وزرع لي في قلوبهم العداوة فأبغضني البر والفاجر بما استعظم الناس من قتلى حسينا، مالي ولابن مرجانة لعنه الله وغضب عليه)).
Shafi 40