كفافكم من عظيم الشأن أنكم لقد علم رحمه الله سر هذه الصلاة؛ ولذلك رأى أنها غاية الفضل، وكفايته. وحقا من أوتي الفهم لم ير ما سواها من الفضائل إلا زيادة وتفصيلا. وقد صاغ المسألة صياغة فقهية، بمعنى أنه يبطل صلاة من لم يصل على أهل البيت في آخر الصلاة؛ ولكن لعل قوله هذا يوميء إلى أنه لا تقبل صلاة العبد لربه، ما دام أنه لم يصل على أهل بيت نبيه بالفعل، أي بفعل ما تقتضيه هذه الصلاة من مودتهم، وموالاتهم، والاقتداء بهم، ونهج سبيلهم.
فلا صلاة إلا لمن صلى على آل محمد بلسانه، وبأفعاله.
لا علاقة صحيحة بين الله تعالى وبين عبده ما لم يكن الطريق إلى الله ورسوله: آل محمد!!
والكتاب الذي بين أيديكم تناول بعض الأمور التي خص الله تعالى بها أهل بيت نبيه؛ مما هو مذكور في القرآن الكريم، أو مما قاله رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله. هذه الخصائص التي أظهرت بعض الأسباب التي من أجلها نصلي عليهم في كل يوم من أيام حياتنا. وقد تناول تلك الخصائص باختصار شديد، إذ أن التفصيل في ما لأهل البيت عليهم السلام يتطلب مجلدات لاستيعابه، وما الغرض من هذا الكتاب إلا الإشارة؛ ولكنها إشارة كافية وافية لمن أراد الله واليوم الآخر.
ولعله من المناسب أن أشير إلى واقع مؤلم، نعيشه اليوم؛ وهو أنه أصبح الكلام في حقوق وفضائل آل محمد من أشد الأمور غرابة، في نظر كثير من المسلمين، وغير المسلمين، المتدينين، وغير المتدينين على السواء. وأصبح لا ينظر إليه إلا أنه كلام في فضل عرق، أو أسرة، أو سلالة، أو قبيلة. بل قد وصل الحال عند البعض أنه ما إن يسمع الكلام في ذلك حتى ينسبها إلى العصور الظلامية، والمجتمعات المتخلفة، التي تشيع فيها الخرافة، والكهنوتية!! فالله المستعان!! وأما في ظل الإيحاءات التي خلقتها وسائل الإعلام حول القرن الواحد والعشرين، وما ينبغي أن يتميز به، فإن الكلام في فضائل أهل البيت عليهم السلام يكون أشد غرابة، وأبعد عن الواقع.
Shafi 4