موضوعها وقد أنزل الله تعالى القران بلسان العرب وعلى اوضاع بيانها فقال تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء:١٩٥] فعرفنا قطعا أن اوضاعهم مبينة وأن منصوباتهم معتبرة يدل عليه أنه لا خلاف أن المفردات من الأسماء والاحاد من الاجناس التي تتركب منها الجموع والمصادر التي تصدر عنها الافعال مستعملة على ظواهرها غير متوقف فيها وكان حتى ما يبتنى منها وتتركب عليها من الالفاظ الموضوعة للأمر والنهى والعموم والخصوص من أن تكون كذلك إذا كان بعضها متركبا من بعض ومشتقا منه والبيان بكل منها من نوعه واقع به متعلق فإذا توقفنا مع وجود اسمه وحصول الدلاله من جهة الظاهر فقد عطلنا البيان وابدلنا فائدته.
فان قالوا: ما ذكرتم من أصل لكلام وتقسيم انواعه إنما هو منقول عن جماعة من أهل اللغة مثل الخليل وسيبويه واقرانهما والعلم لا يحصل بتعلم بحال وإنما يكون ذلك لكم حجة أن لو نقلتم عن العرب وهم لا يعرفون هذا التقسيم وأما الذي قلتم أن الكلام في الأصل موضوع للبيان مسلم ولكن البيان ليس مقصور على لفظ دون لفظ وعلى حالة دون حالة وأن لم يقع بيان الأمر والنهى بصيغة قوله افعل ولاتفعل فيقع عند اتصال القرائن به ويقع ايضا بغير هذه الالفاظ وعلى أنا ادعينا أن هذه اللفظة من جملة الأسماء المشتركة والأسماء المشتركة باب عظيم منقول عن العرب والبيان يقع بها في محتملاتها عند ارادة بعض وجوهها فكذلك ها هنا.
والجواب أن الذي حكيناه من اقسام كلام العرب وحكى عن جميع أهل اللغة وهم الذين عنوا بمعرفة لسان العرب واخلطوا علما محدود اوضاعه فلما ارادوا أن يحصروا علمه لمن بعدهم ولمن غاب داره عنهم من أهل عصرهم صنفوا كلام العرب اصنافا وقسموا كلام العرب اقساما وقد عدوا الأمر من اقسامه كما عدوا الخبر من اقسامه فلما كان ظاهر الخبر والاستخبار معمولا به فكذلك ظاهر الأمر والنهى وهذا لان طريق العلم في كل واحد والنقل الذي في الجميع كان بجهة واحدة لغرض واحد وهو العلم بكلام العرب فلا يجوز أن نعلم البعض ونجهل البعض هذا محال.
واما قولهم أن البيان يقع ولا يختل مع التوقف الذي صرنا إليه.
قلنا إذا وضعوا للأمر قوله افعل وللنهى قوله لا تفعل ولم يفد بنفسه شيئا اختل البيان.
بيانه أن اللغة وضعت لحاجات الناس فكل ما احتاجوا إليه وضعوا له اسما يدل
1 / 51