ومذهب الفقهاء أنه إذا قال لإمراته أن فعلت كذا فأنت طالق أنه على مرة واحدة وكذلك إذا قال إذا فعلت كذا فأما إذا قال كلما فعلت كذا فانه على التكرار وإذا قال متى ما فعلت كذا فحقه في اللغة التكرار١ واصطلح اكثر الفقهاء على أنه للمرة الواحدة كقوله إذا فعلت كذا.
وأما "إنماء" أصله أن دخلت عليه ما وهو مركب من حرفين أحدهما أن الاثبات والآخر من ما الذي هو للنفي فلذلك صار مثبتا من وجه نافيا من وجه٢ قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [الأنعام: ١٩] فيه اثبات الالهية لله تعالى ونفيها عن غيره.
وقيل التحقيق المتصل وتحقيق المنفصل وتكون أن المشددة للتوكيد كقولك أن زيدا عاقلا.
وأما إلا للاستثناء٣ مثل قول القائل خرج القوم إلا زيدا ورايت القوم إلا زيدا ولفلان على الف إلا مائة قال الله تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ [العنكبوت: ١٤] وقال تعالى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ﴾ [الحجر: ٣١] .
وقال الفراء وقد تقع إلا لمعنى سوى وذلك في استثناء زائد من ناقص قال الله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١٠٧] بمعنى سوى ما شاء ربك من زيادة المضاعفة لا إلى غاية فعلى هذا لو قال لفلان على الف إلا الفين فقد أقر بثلاثة الاف وهذا لا تعرفه الفقهاء.
قال الفراء وقد تكون إلا بمعنى لكن قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ [النساء: ٩٢] بمعنى لكن أن كان خطأ وهو باب كبير وستاتى المسائل فيها.
وأما "ليس" فلها ثلاثة مواضع قد تقع جحدا كقولك ليس لك على شيء وتكون استثناء تقول ذهب القوم ليس زيدا اى ماعدا زيدا وتكون بمعنى لا التي ينتفى بها كقول لبيد:
واذا جوزتك فرضا فأجزه ... انما يجزى الفتى ليس الجمل
معناه إلا الابل.
وأما "لا" فمقتضاه النفي ويقع في جواب القسم تقول والله لا أدخل الدار.
_________
١ انظر المغني لموفق الدين ٨/٣٥٤، ٣٥٥.
٢ قال الشيخ فخر الدين الرازي: فإما أن نقول: كلمة إن تقتضي ثبوت المذكور وكلمة تقتضي نفي المذكور فهو باطل بالإجماع انظر المحصول ١/١٦٨.
٣ انظر الإتقان في علوم القرآن ٢/١٥٩.
1 / 46