وأما حرف ثم فللتعقيب والتراخى١ كقولهم ضربت زيدا ثم عمرا فمقتضاه وجود مهلة بين الضربين ولا دليل على مقداره من جهة اللفظ وقد تستعمل في موضع الواو مجازا اذ قال الله ﷿: ﴿ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ ٢ [يونس: ٤٦] وكقوله ﷿: ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾ [البلد: ١٣، ١٤] إلى أن قال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: ١٧] ومعناه فكان من الذين امنوا.
واما بعد فهي اسم في معنى الحرف موضوع للترتيب ويحتمل الفور والتراخى ولا يختص [بالحرفية] ٣.
واما مع فهو موضوع للجمع بين الشيئين نقول رايت زيدا مع عمرو واقتضى ذلك اجتماعها في رؤيته.
واما حرف أو فلها ثلاثة مواضع٤ تكون لأحد الشيئين بخبر عنه عند شك المتكلم أو قصده أحدهما كقولك اتيت زيدا أو عمرا وجاءني رجل وأمراة هذا إذا شك.
فاما إذا قصد أحدهما فكقولك كل السمك أو اشرب اللبن أي لا تجمع بينهما ولكن اختر ايهما شئت وكقولك أعطني دينارا أو اكسني ثوبا.
والوجه الثالث أن تاتى للاباحة كقولك جالس الحسن أو ابن سيرين وائت المسجد أو السوق وهذا على الاذن فيهما جميعا.
وقد ورد في القران التخيير في الأمر مثل قوله تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المائدة: ٨٩] .
وقد ورد الجمع في النهى مثل قوله تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [الانسان: ٢٤] .
_________
= الاستصال به يكون في الآخرة وبينهما تراخ في الزمن فلا تعقب.............=
وأجاب البيضاوي عن ذلك بأن إفادتها للتراخي في الآية مجاز لا حقيقة لأنها لو كانت حقيقة في التراخي كما هي حقيقة في التعقيب للذم الاشتراك اللفظي وهو خلاف الأصل والمجاز خير منه كما تقدم انظر نهاية السور للأسنوي ٢/١٨٧ اصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير ٢/٨٢.
١ انظر إحكام الأحكام للآمدي ١/٩٧.
٢ لاستحالة كونه شاهدا بعد أن لم يكن شاهدا انظر إحاكم الأحكام لآمدي ١/٩٧.
٣ تشتبه في الأصل "بإحداهن" ولعل الصواب ما أثبتناه.
٤ انظر إحكام الأحكام للآمدي ١/٩٧، ٩٨.
1 / 40