Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din Abd al-Salam d. 660 AH
81

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Mai Buga Littafi

مكتبة الكليات الأزهرية

Inda aka buga

القاهرة

وَقَدْ خَيَّرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَاجِدَ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي مَصَارِفِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْفَظَهُ إلَى أَنْ يَلِيَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَهْلٌ يَصْرِفُ ذَلِكَ فِي مَصَارِفِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِوَقْتٍ يُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُ إمَامٍ عَدْلٍ. وَأَمَّا فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَانِ الْمَأْيُوسِ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَاجِدِهِ أَنْ يَصْرِفَهُ عَلَى الْفَوْرِ فِي مَصَارِفِهِ، لِمَا فِي إبْقَائِهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِهِ وَحِرْمَانِ مُسْتَحِقِّيهِ مِنْ تَعْجِيلِ أَخْذِهِ، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ مَاسَةً إلَيْهِ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ تَعْجِيلُهَا. [فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ] إنْ قَالَ قَائِلٌ: إذَا دَفَعَ الظَّلَمَةُ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ إلَى إنْسَانٍ شَيْئًا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُمْ أَمْ لَا؟ قِيلَ لَهُ: إنْ عَلِمَ الْمَبْذُولُ لَهُ أَنَّ مَا يُدْفَعُ لَهُ مَغْصُوبٌ فَلَهُ حَالَانِ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَلَوْ أَخَذَ لَفَسَدَ ظَنُّ النَّاسِ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَقْتَدُونَ بِهِ وَلَا يَقْبَلُونَ فُتْيَاهُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ لِمَا فِي أَخْذِهِ مِنْ فَسَادِ اعْتِقَادِ النَّاسِ فِي صِدْقِهِ وَدِينِهِ، لَا يَقْبَلُونَ لَهُ فُتْيَا، فَيَكُونُ قَدْ ضَيَّعَ عَلَى النَّاسِ مَصَالِحَ الْفُتْيَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ حِفْظَ تِلْكَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الدَّائِمَةِ أَوْلَى مِنْ أَخْذِ الْمَغْصُوبِ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ. وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ وَالْحُكَّامُ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَالِكِهِ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَلَّا يَكُونَ الْمَبْذُولُ لَهُ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ جَهِلَ مَالِكَهُ بَحَثَ عَنْهُ إلَى أَنْ يَعْرِفَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ صَرَفَهُ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ أَهَمِّهَا فَأَهَمِّهَا، وَأَصْلَحِهَا فَأَصْلَحِهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ تِلْكَ الْمَصَالِحَ دَفَعَهُ

1 / 83