Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Mai Buga Littafi
مكتبة الكليات الأزهرية
Inda aka buga
القاهرة
Nau'ikan
Usul al-Fiqh
الْإِيمَانُ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ، إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمِنَ بِالرَّسُولِ وَالرِّسَالَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْمُرْسِلَ، فَقَدْ تَأَخَّرَ لِقُصُورِ رُتْبَتِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْإِيمَانِ. وَالْعِرْفَانِ لِكَوْنِهِ تَعَلَّقَ بِمَخْلُوقٍ، وَلِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِهِ قَبْلَ تَحْصِيلِ الِاعْتِقَادِ وَالْإِيمَانِ وَالْعِرْفَانِ، وَلِفَضْلِ الْإِيمَانِ تَأَخَّرَتْ الْوَاجِبَاتُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ تَرْغِيبًا فِيهِ، فَإِنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ فِي الِابْتِدَاءِ لَنَفَرُوا مِنْ الْإِيمَانِ لِثِقَلِ تَكَالِيفِهِ.
وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا. أَنَّ اللَّهَ أَخَّرَ إيجَابَ الصَّلَاةِ إلَى لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْجَبَهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ لَنَفَرُوا مِنْ ثِقَلِهَا عَلَيْهِمْ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: الصِّيَامُ لَوْ وَجَبَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ لَنَفَرُوا مِنْ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: تَأْخِيرُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ إلَى مَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ فِي الِابْتِدَاءِ لَكَانَ إيجَابُهَا أَشَدَّ تَنْفِيرًا لِغَلَبَةِ الضِّنَّةِ بِالْأَمْوَالِ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ: الْجِهَادُ لَوْ وَجَبَ فِي الِابْتِدَاءِ لَأَبَادَ الْكَفَرَةُ أَهْلَ الْإِسْلَامِ؛ لِقِلَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَثْرَةِ الْكَافِرِينَ.
الْمِثَالُ الْخَامِسُ: الْقِتَالُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ لَوْ أُجِّلَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ لَنَفَرُوا مِنْهُ لِشِدَّةِ اسْتِعْظَامِهِمْ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْقِتَالُ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ.
الْمِثَالُ السَّادِسُ: الْقَصْرُ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، لَوْ ثَبَتَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ لَنَفَرَتْ الْكُفَّارُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْقَصْرُ عَلَى ثَلَاثِ طَلَقَاتٍ؛ فَتَأَخَّرَتْ هَذِهِ الْوَاجِبَاتُ تَأْلِيفًا عَلَى الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ وَاجِبٍ، وَمَصْلَحَتُهُ تَرْبُو عَلَى جَمِيعِ الْمَصَالِحِ.
وَلِمِثْلِ هَذَا قَرَّ الشَّرْعُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْمَعْقُودَةِ عَلَى خِلَافِ
1 / 63