Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Mai Buga Littafi
مكتبة الكليات الأزهرية
Inda aka buga
القاهرة
قَصْدِهَا، كَمَا أَنَّ أَجْرَ الطَّاعَاتِ أَعْظَمُ مِنْ أَجْرِ قَصْدِهَا، فَإِنَّ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ ﵇: «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ»، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ أَجْرَ النِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْعَمَلِ خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ الْمُجَرَّدِ عَنْ النِّيَّةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵇ وَعَدَ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ بِأَجْرٍ فَنَوَى عُثْمَانُ ﵁ أَنْ يَحْفِرَهَا فَسَبَقَهُ إلَى حَفْرِهَا يَهُودِيٌّ فَقَالَ ﷺ: نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ»، أَيْ نِيَّةُ عُثْمَانَ خَيْرٌ مِنْ حَفْرِ الْيَهُودِيِّ الْبِئْرَ، فَإِنَّ عُثْمَانَ يُؤْجَرُ عَلَى نِيَّةِ الْحَفْرِ وَإِنْ لَمْ يَحْفِرْ، وَلَا أَجْرَ لِلْيَهُودِيِّ بِحَفْرِهِ لِإِحْبَاطِهِ بِيَهُودِيَّتِهِ.
وَأَمَّا الشِّفَاهُ فَإِنَّهَا مُعِينَةٌ عَلَى الْكَلَامِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِتْمَامِ الْكَلَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِهَا التَّقْبِيلُ الْمُحَرَّمُ وَالْمَأْمُورُ بِهِ، كَتَقْبِيلِ الْأَجْنَبِيَّاتِ وَتَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.
وَأَمَّا الْأَفْوَاهُ وَالْبُطُونُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْقَى فِيهَا مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ، وَيَجِبُ أَنْ يَطْرَحَ فِيهَا مَا يَجِبُ أَكْلُهُ فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ.
وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَطْرَحَ فِيهَا مَا يُنْدَبُ إلَى أَكْلِهِ مِنْ الْوَلَائِمِ وَالضَّحَايَا وَالْهَدَايَا، وَكَذَلِكَ الِابْتِلَاعُ وَالْمَضْغُ بِالْأَسْنَانِ، وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ «أَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ فِي الْحُسَيْنِ ﵁ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ»، وَتَقَيَّأَ الْعُمَرَانِ ﵁ لَحْمَ جَزُورٍ أَكَلَاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَّ لَهُمَا أَنَّهُ حَرَامٌ، وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ ﵀ عَلَى مَنْ شَرِبَ خَمْرًا أَنْ يَتَقَيَّأَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَلَّلَ ذَلِكَ بِدَفْعِ مَفْسَدَةِ الْإِسْكَارِ وَإِنْ كَانَ لِكَوْنِهَا مُحَرَّمَةً اطَّرَدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَأْكُولَاتِ بِالْحَرَامِ فَيَحْرُمُ تَغْذِيَةُ الْأَجْسَادِ بِالْحَرَامِ كَمَا يَحْرُمُ بِنَاءُ الدُّورِ بِالْآلَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَيَجِبُ نَثْرَتُهَا إنْ
1 / 225