Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din Abd al-Salam d. 660 AH
21

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Mai Buga Littafi

مكتبة الكليات الأزهرية

Inda aka buga

القاهرة

مَصَالِحِهَا إلَى الْكَامِلِ وَالْأَكْمَلِ، وَانْقَسَمَتْ الْمَعَاصِي إلَى الْكَبِيرِ وَالْأَكْبَرِ لِانْقِسَامِ مَفَاسِدِهَا إلَى الرَّذِيلِ وَالْأَرْذَلِ. [فَصْلٌ فِيمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الصَّغَائِرُ مِنْ الْكَبَائِرِ] فِيمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الصَّغَائِرُ مِنْ الْكَبَائِرِ إذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ فَاعْرِضْ مَفْسَدَةَ الذَّنْبِ عَلَى مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ أَقَلِّ مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ فَهِيَ مِنْ الصَّغَائِرِ وَإِنْ سَاوَتْ أَدْنَى مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ أَوْ أَرْبَتْ عَلَيْهَا فَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ. فَمَنْ شَتَمَ الرَّبَّ أَوْ الرَّسُولَ أَوْ اسْتَهَانَ بِالرُّسُلِ أَوْ كَذَّبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَوْ ضَمَخَ الْكَعْبَةَ بِالْعَذِرَةِ أَوْ أَلْقَى الْمُصْحَفَ فِي الْقَاذُورَاتِ فَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّرْعُ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ امْرَأَةً مُحْصَنَةً لِمَنْ يَزْنِي بِهَا أَوْ مُسْلِمًا لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَلَا شَكَّ أَنَّ مَفْسَدَةَ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَكَذَلِكَ لَوْ دَلَّ الْكُفَّارَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَسْتَأْصِلُونَهُمْ بِدَلَالَتِهِ وَيَسْبُونَ حُرُمَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ، وَيَغْتَنِمُونَ أَمْوَالَهُمْ وَيَزْنُونَ بِنِسَائِهِمْ وَيُخَرِّبُونَ دِيَارَهُمْ، فَإِنَّ تَسَبُّبَهُ إلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَعْظَمُ مِنْ تَوْلِيَتِهِ يَوْمَ الزَّحْفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَذَبَ عَلَى إنْسَانٍ كَذِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِسَبَبِهِ، وَلَوْ كَذَبَ عَلَى إنْسَانٍ كَذِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ تَمْرَةٌ بِسَبَبِ كَذِبِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّرْعُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ وَأَكْلَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ الْكَبَائِرِ فَإِنْ وَقَعَا فِي مَالٍ خَطِيرٍ فَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ وَقَعَا فِي مَالٍ حَقِيرٍ كَزَبِيبَةٍ وَتَمْرَةٍ فَهَذَا مُشْكِلٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ الْكَبَائِرِ فِطَامًا عَنْ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ، كَمَا جُعِلَ شُرْبُ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَفْسَدَةُ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُضْبَطَ ذَلِكَ الْمَالُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ.

1 / 23