الخلق"١ ما نصه: "المحامي عن السنة، الذاب عن حماها كالمجاهد في سبيل الله تعالى يعد للجهاد ما استطاع من الآلات والعدة والقوة، كما قال الله سبحانه ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة﴾ ٢ وقد ثبت في الصحيح أن جبريل ﵇ كان مع حسان بن ثابت يؤيده ما نافح عن رسول الله ﷺ في أشعاره، فكذلك مع ذب عن دينه وسنته من بعده إيمانًا به وحبًّا ونصحًا له ورجاء أن يكون من الخلف الصالح الذين قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم٣: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين" والجهاد باللسان أحد أنواع الجهاد سبله وفي الحديث٤: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" وقد أحسن من قال في هذا المعنى شعرًا:
جاهدت فيك بقولي يوم يختصم الـ ... أبطال إذ فات سيفي يوم يمتصع٥
عن اللسان لوصال إلى طرق ... في الحق لا تهتديها الذبل السرع
ثم قال: "ولا ينبغي أن سنتوحش الظافر بالحق من كثرة المخالفين له، كما لا يستوحش الزاهد من كثرة الراغبين، ولا المتقى من كثرة العاصين ولا الذاكر من كثرة الغافلين ينبغي منه أن يستعظم المنة باختصاصة بذلك مع كثرة الجاهلين له الغافلين عنه، وليوطن نفسه على ذلك فقد صح عن رسول الله ﷺ وآله وسلم- أنه قال: "عن هذا الدين بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء! " رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال: "هذا حديث حسن صحيح" ورواه ابن ماجه وعبد الله بن أحمد من حديث أنس وروى البخاري نحوه بغير لفظه من حديث ابن عمر وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل السلام عن رسول الله ﷺ أنه قال: "طلب الحق غربة" رواه الحافظ الأنصاري في أول كتابه: "منازل السائرين إلى الله" من حديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده وقال: "هذا حديث غريب، لم اكتبه عاليًا إلا من رواية علان، ولذلك شواهد قوية عن تسعة من الصحابة ذكرها البيهقي في: "مجمع الزوائد" فنسأل الله أن يرحم غربتنا في الحق، ويهدي ضالنا ولا يردنا عن أبواب رجائه، ودعائه وطلبه محرومين إنه مجيب الداعين، وهادي المهتدين وأرحم الراحمين.
_________
١ ص٢٠.
٢ سورة الأنفال، آية: ٦١.
٣ رواه الديلمي في مسند الفردوس.
٤ رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري، ورواه غيرهم من غيره. بلفظ آخر أيضًا.
٥ يمتصع: يضرب.
1 / 56