فنسأل الله الكريم أن يوفقنا - وإياكم - لما يحبه ويرضاه ويجنبنا - وإياكم - عما يكرهه ويسخطه، ولا يرضاه، آمين.
الفصل التاسع
وعلامة أهل الفقر المحمدي، أنهم إذا سمعوا القرآن طربوا إليه، وتجلى فيه المتكلم - سبحانه - بصفاته المقدسة على قلوبهم.
يا عجبا لمن يدعي محبة الله تعالى، ولا يجد قلبه عند سماع كلام الحبيب، ويجد قلبه عند سماع القصائد والتصفيق!
أما المحبون لله عز وجل سماع القرآن هو شفاء صدورهم، وراحة أسرارهم، يحضر فيه المتكلم - سبحانه - يشاهدونه في كلامه في أمره ونهيه، في وعده ووعيده، وقصصه وأخباره، ومواعظه وأنبائه، فترق قلوبهم، وتنجذب بالمحبة والشوق أرواحهم، وتخمد صفات نفوسهم، تقهرها عظمة المتكلم - سبحانه - وتجذب قلوبهم بالمحبة لمشاهدة رحمته وألطافه، وجلاله وإكرامه.
و لا تسمع قول من يقول : إن القرآن لا يناسب طباع البشر، فلذلك لا تجد الوجد في سماعه، والشعر يناسب البشر، فلذلك ترق القلوب فيه، فإن هذا كلام فاسد، لا حقيقة له، وذلك لأن الشعر يحرك الطباع بأوزانه، خصوصا إذا قاله صاحب نغمة طيبة، كالرست والرهوي، وغيرهما، وانضاف إليه التصفيق، وكان هناك قوم يرقصون، فمثل هذا يحرك الأطفال والبهائم، بمقتضى الطبع والجبلة لا بمقتضى الإيمان واليقين.
Shafi 39